جانب من الحشود في احتفال ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة، تحت شعار "فلنغن للسلام والثورة" بالعاصمة اليوغندية كمبالا : راديو دبنقا

أمستردام: 22 ديسمبر 2025: راديو دبنقا

تحولت قاعة فندق «قولف كورس» في العاصمة الأوغندية كمبالا، مساء أمس الأحد، إلى ساحة مفتوحة للغناء من أجل السلام، حيث اجتمع مئات السودانيين من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية لإحياء ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة، تحت شعار “فلنغن للسلام والثورة”

حضور فاق التوقعات

وشهدت الفعالية حضورًا كثيفًا فاق التوقعات، واقترب من 2500 شخص، إذ امتلأت القاعة المخصصة لأكثر من ألف شخص بما بين 1500 شخص جلوسًا ووقوفًا إلى جانب جلوس عدد من الحضور على الأرض أمام المسرح، بينما احتشد مئات آخرون خارج القاعة دون أن يتمكنوا من الدخول، وسط زغاريد وهتافات للسلام والثورة، ورفع علم السودان بألوانه الأربعة داخل القاعة.

وبدأت الفعالية متأخرة عن موعدها المعلن، حيث انطلقت قرابة السابعة والنصف مساءً بدلًا عن السادسة، وافتتحت بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء، قبل أن تتوالى الفقرات الغنائية والوطنية.

استعادة روح ديسمبر

وأشعل الفنان أبو بكر سيد أحمد حماس الحضور بأداء عدد من الأغاني الوطنية، من بينها أغنية الراحل مصطفى سيد أحمد «والله نحن مع الطيور»، قبل أن ينزل إلى داخل الجمهور ويتفاعل معهم مباشرة، في مشهد لاقى تفاعلًا واسعًا، وحوّل القاعة إلى مساحة غناء جماعي استعاد فيها الحضور روح ديسمبر وهتافاتها.

وقدم شاعر الثورة أزهري محمد علي قصيدتيه “مرافعة البصيرة أم حمد” و”عار القيادة” في واحدة من أكثر لحظات الأمسية تأثيرًا. وجاءت القصيدتان محاكمة أخلاقية وسياسية مباشرة للحرب وللمتصارعين على السلطة، حمّل فيهما القيادات مسؤولية الدمار والعنف الذي تشهده البلاد.

وخلال إلقاء قصيدة “عار القيادة” ، تفاعل الجمهور مع أزهري بترديد هتافات من بينها “تسقط كتائب الجنجويد” ، كما ردد الحضور أيضا: “كان من باب أولى تسمع صوتنا… يومنا القلنا تحت السونكي، ما في مليشيا بتحكم دولة»، في تعبير جماعي عن رفض حكم السلاح وهيمنة المليشيات.

جدل فقرة تروس

وقبيل الفقرة الغنائية الرئيسية، قدم الكوميدي محمد تروس فقرة كوميدية أثارت تباينًا في آراء الحضور. وبينما رأى بعض المتابعين أن الفقرة، خاصة من حيث الظهور والملابس، لم تكن منسجمة مع طبيعة المناسبة ورسالتها، اعتبر آخرون أن الاختلاف في التلقي لا ينتقص من الرسالة العامة للفعالية، التي سعت إلى الجمع بين الفن والموقف السياسي الرافض للحرب.

نانسي عجاج… الفن في مواجهة الرصاص

وظهرت الفنانة نانسي عجاج، الملقبة بـ«السندريلا»، وسط استقبال جماهيري كثيف، مرتدية فستانًا طويلًا باللون (الفوشيا)، قبل أن تلف علم السودان حول عنقها، قدمت عجاج عددًا من أغاني السلام، من بينها «بلد هيلي أنا»، إلى جانب أغان وطنية أخرى، تفاعل معها الجمهور بالتصفيق والصفافير، في أجواء مؤثرة.

غير أن عددًا من الحضور أبدوا ملاحظات حول ضعف جودة أجهزة الصوت داخل القاعة المغلقة، معتبرين أن الفعالية كان من الأفضل إقامتها في مكان مفتوح، خاصة في ظل الازدحام وارتفاع درجات الحرارة داخل القاعة.

مناوشات بين الدعم السربع والمشتركة

شهدت الفعالية مناوشات محدودة داخل القاعة بين عناصر محسوبة على الدعم السريع والقوة المشتركة، إلا أنه تم احتواء الموقف سريعًا وإخراج الأطراف المتسببة في التوتر، دون تأثير على مجريات الحفل أو سلامة الحضور.

وفي تفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، كتب القيادي في تحالف «صمود» خالد يوسف: “يا لهذا الجمال.. بلادنا جميلة وتستحق كل جميل. هذا القبح الذي يعم ربوعها لا يشبهها وهو زائل لا محالة. شكرًا أبوبكر.. شكرًا تروس.. شكرًا أزهري.. شكرًا نانسي. لا للحرب.. نعم للسلام”

وقالت مصادر باللجنة التحضيرية أن جميع اللجان المشاركة عملت بصورة تطوعية، وأن الفعالية أُقيمت مجانًا، مع احتمال توجيه أي تبرعات لدعم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في السودان. وأشارت إلى أن مختلف الأجسام المدنية السودانية في أوغندا ساهمت، كلٌ حسب إمكانياته، في إنجاح الحفل.

وحضر الفعالية عدد من الشخصيات العامة والسياسية، من بينهم وزير الإعلام الأسبق فيصل محمد صالح، ووزير الصناعة الأسبق مدني، إلى جانب قيادات من المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي، وممثلين لأجسام مدنية سودانية في أوغندا. وقدّم الفعالية الصحفي فتح الرحمن حمودة والمذيعة أمل بيتو.

وبحسب منظمي ” فلنغن للسلام والثورة”، من المقرر تنظيم فعالية مماثلة في العاصمة الكينية نيروبي يوم 23 ديسمبر الجاري، على أن تمتد لاحقًا إلى القاهرة، ضمن جولة تهدف إلى نقل رسالة السلام ورفض الحرب إلى منصات إقليمية أخرى.

وعكست ليلة الغناء للسلام حالة عطش عميقة وسط السودانيين في المنفي للفن كمساحة مقاومة مدنية، ورسالة تأكيد على التمسك بقيم ثورة ديسمبر، والدعوة الصريحة إلى وقف الحرب، وتأكيد أن الكلمة والفن يمكن أن يكونا في مواجهة الرصاص.

Welcome

Install
×