توقف الهجرة عبر المثلث الحدودي بعد سيطرة الدعم السريع

ترحيل 700 سوداني من ليبيا

ترحيل 700 سوداني من ليبيا- 18 يوليو 2025-صفحة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية- ليبيا على فيسبوك

راديو دبنقا – 22 يوليو 2025م

منذ 12 يونيو 2025، تاريخ سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، شهدت المنطقة تحولًا كبيرًا في حركة الهجرة والعبور، حيث توقفت تمامًا حركة الهجرة إلى ليبيا عبر المثلث، إلى جانب تعليق العودة الطوعية إلى السودان، ما جعل آلاف الراغبين في العودة في حكم “العالقين”.

وقال مهتم بشؤون الهجرة غير النظامية في ليبيا لراديو دبنقا، إنّه رغم توقف الهجرة عبر المثلث، لا تزال حركة عبور السودانيين مستمرة عبر الأراضي التشادية، وإن كانت بأعداد محدودة. كما يُستخدم منفذ تشاد من قِبل جنسيات متعددة من دول غرب أفريقيا كممر للهجرة غير النظامية نحو ليبيا، ومنها إلى أوروبا.

وعلى الرغم من السيطرة العسكرية لقوات الدعم السريع على المثلث، فقد سُجلت بعض محاولات العبور غير الشرعي من السودان إلى ليبيا في الآونة الأخيرة. إلا أن هذه المحاولات انتهت بكوارث إنسانية، حيث ضلّ بعض المهاجرين طريقهم في الصحراء، ومات بعضهم عطشًا أو نتيجة للحرارة القاسية، فيما تمكنت السلطات الليبية من إنقاذ آخرين.

في تطور جديد، وصلت ليلة الإثنين 21 يوليو سيارات قادمة من تشاد تحمل مهاجرين سودانيين، وسط توقعات بوصول آخرين خلال الأيام المقبلة، ما يشير إلى أن مسارات الهجرة لا تزال نشطة رغم الصعوبات.

تجدر الإشارة إلى أن قوات الدعم السريع المتمركزة في المثلث لم تمنع العابرين أو المعدّنين أو العائدين من ليبيا، وفقًا لشهادات بعض التجار والمعدّنين العاملين في المنطقة، الذين أكدوا أنهم لا يزالون يزاولون أعمالهم دون مضايقات. في المقابل، يُعزى توقف حركة المهربين الليبيين إلى مخاوف أمنية تخصهم، وليس نتيجة منع مباشر من قوات الدعم السريع.

الهجرة عبر المحيط إلى أوروبا

أما عن الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط من ليبيا إلى أوروبا، فلا تزال مستمرة، لكنها تشهد انخفاضًا ملحوظًا في معدلاتها. ويُعزى هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى ارتفاع تكلفة الرحلة، التي تتراوح حاليًا بين 8 إلى 15 ألف دينار ليبي، أي ما يعادل أكثر من 3 آلاف دولار أمريكي، وهو مبلغ يصعب على كثير من المهاجرين تحمّله.

ورغم الأوضاع القاسية التي يعيشها السودانيون في ليبيا، لا تزال أعداد الشباب الذين يفكرون بجدية في الهجرة عبر البحر محدودة، وذلك بسبب ارتفاع مستوى المخاطر المرتبطة بالرحلة، ومنها احتمالات الغرق، أو الاعتقال والسجن لفترات طويلة.

في المقابل، يتطلع غالبية السودانيين المقيمين في ليبيا إلى العودة إلى بلادهم حال تحسن الأوضاع الأمنية والمعيشية في السودان.

العودة الطوعية إلى السودان

في ظل تصاعد معاناة السودانيين في ليبيا، عاد ملف العودة الطوعية إلى السودان إلى الواجهة، وسط أوضاع إنسانية تزداد تعقيدًا.

ووفق ناشطين في قضايا الهجرة، فإن تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية داخل الأراضي الليبية، خاصة في المخيمات، دفع الكثيرين إلى التفكير في العودة، إذ أصبحت تلك المخيمات ملاذًا قاسيًا للآلاف.

وأشار الناشطون إلى أن فرص العمل شبه معدومة، والأعمال المتاحة تُعرض مقابل أجور زهيدة جدًا، مع ساعات عمل تمتد أحيانًا إلى 12 ساعة يوميًا، ما يجعل الاستمرار في ليبيا خيارًا مرًّا، ويدفع كثيرين إلى التفكير في العودة، رغم إدراكهم التحديات الأمنية والاقتصادية التي يشهدها السودان.

لكن الواقع أكثر تعقيدًا، إذ إن كثيرًا من هؤلاء السودانيين أصبحوا في حكم العالقين بعد أن أُغلق الطريق عبر المثلث الحدودي عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليه، ما أدى إلى توقف كامل لحركة العودة الطوعية.

وتحدثت مصادر مطلعة عن أوضاع قاسية يعيشها السودانيون في ليبيا في ظل انسداد الأفق، حيث لا قدرة على البقاء ولا على العودة، مما يستدعي تحركًا إنسانيًا عاجلًا من المنظمات الدولية لتوفير ممرات آمنة وإعادة فتح قنوات العودة الطوعية بالتنسيق مع الأطراف المعنية.

ترحيل قسري ومصير مجهول

قام جهاز الهجرة غير الشرعية بالكفرة، في مناطق سيطرة خليفة حفتر، بترحيل 700 شخص من السودانيين إلى المثلث الحدودي على دفعتين، آخرها يوم الخميس الماضي.

وكشفت مصادر لراديو دبنقا عن ترحيل 700 شخص، بينهم أسر وشباب، إلى منطقة المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان، حيث تم تسليمهم إلى قوات الدعم السريع.

وأوضحت أن الجهاز كان، في السابق، يتعامل مع السلطات السودانية في المثلث قبل انسحابها في يونيو الماضي، حيث كان يتم تسليمهم للمهاجرين المبعدين من الأراضي الليبية.

وأعربت جهات حقوقية عن مخاوفها من تسليم هؤلاء لأطراف غير رسمية، في إشارة إلى قوات الدعم السريع، متهمة جهاز الهجرة بـ”تجاهل الحقوق الإنسانية” التي يكفلها القانون الدولي الإنساني. كما حذرت من احتمال استغلال هؤلاء الشباب في أعمال لا يرغبون فيها، مثل تجنيدهم للقتال ضمن صفوف الدعم السريع أو تركهم في ظروف معيشية قاسية دون مقومات الحياة الأساسية.

السلطات في مناطق سيطرة حفتر

من جهته، أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا عن ترحيل 700 مهاجر سوداني فجر الجمعة 18 يوليو 2025، عبر فرع الكفرة، ضمن حملة أمنية شملت مناطق في الجنوب الشرقي والمنطقة الوسطى من البلاد.

وجاءت العملية بتعليمات من اللواء عبد الرحمن الأنصاري، رئيس الجهاز المكلّف، وتحت إشراف العقيد محمد علي الفضيل، رئيس فروع الجنوب الشرقي والمنطقة الوسطى.

وبحسب بيان رسمي اطلع عليه راديو دبنقا، فإن من بين المُرحّلين أشخاصًا مصابين بأمراض معدية وخطيرة مثل التهاب الكبد الفيروسي والإيدز، إلى جانب ضبط حالات هجرة غير نظامية وعمليات تهريب، بالإضافة إلى أشخاص صادرة بحقهم أحكام قضائية أو قرارات إبعاد أمنية.

وشارك في العملية فروع الجهاز في ربيانة والكفرة وأجدابيا وسرت، وتم تنسيق الجهود الأمنية واللوجستية لإتمام العملية.

ونشر الجهاز صورًا على موقعه الرسمي توثق عملية الترحيل، بما فيها صور للمُرحّلين في مناطق صحراوية.

الجانب السوداني: دنقلا – المثلث

كشفت مصادر مطلعة عن استمرار الهجرة غير النظامية إلى ليبيا عبر الأراضي المصرية، وذلك في ظل التغييرات الأمنية في منطقة المثلث الحدودي بعد سيطرة الدعم السريع.

وأشارت المصادر إلى أن المهاجرين غير النظاميين أصبحوا يتجنبون المرور عبر المثلث، وبدلًا من ذلك يسلكون مسارًا بديلًا عبر الأراضي المصرية، تفاديًا للاشتباكات والتوترات الأمنية.

في المقابل، تشهد الولاية الشمالية هجرة عكسية من المثلث، حيث عاد العديد من المعدّنين والتجار وسكان المنطقة، بعد أن تحوّل المثلث إلى منطقة عمليات عسكرية نشطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

كما أكدت المصادر استمرار عمليات التهريب في المناطق الواقعة بين المثلث وعمق الولاية الشمالية، سواء كان تهريبًا للوقود أو البضائع، في ظل ضعف الرقابة واتساع نطاق التفلت الأمني.

Welcome

Install
×