كادوقلي: إطلاق نار وتوترات أمنية في ظل تردٍّ معيشي غير مسبوق

صنع الطعام في مركز إيواء بكادوقلي في ولاية جنوب كردفان -يوم 15 أغسطس 2023 - راديو دبنقا


كادوقلي – 22 يوليو 2025 – راديو دبنقا

شهدت مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان حالةً من التوتر الأمني نهار اليوم الثلاثاء، بعد أن أطلقت الأجهزة الأمنية المكلّفة بحراسة السوق الرئيسي أعيرة نارية في الهواء، ما أدّى إلى إغلاق أجزاء من السوق الكبير، وسط حالة من الهلع بين المواطنين.

وقالت مصادر من كادوقلي لراديو دبنقا إن إطلاق النار جاء بعد أن فتح جنود، يُعتقد أنهم يتبعون لقوات “كافي طيّار”، محلات تجارية وسمحوا للمواطنين بأخذ المواد الغذائية عنوةً بحجة احتكار السلع، مما دعا إلى تدخل الشرطة العسكرية. فيما أفادت مصادر أخرى بأن إطلاق النار جاء في محاولة لتفريق تجمعات من المواطنين كانوا يتجهون نحو المحال التجارية والمخازن، في ظل جوع ومعاناة متفاقمة يعيشها سكان المدينة منذ أسابيع، دفعت البعض لمحاولة اقتحام مخازن الغذاء.

وبحسب الشهود، فقد سُمع إطلاق النار من الجهة الشرقية للسوق، وهي المنطقة التي تضم أغلب مخازن التجار، في حين لم تشهد الجهة الغربية التي تضم المستشفى والجامع الكبير أي إطلاق للنار.

وأوضح شهود أن الحادثة دفعت العديد من أصحاب المتاجر ومراكز الاتصالات إلى إغلاق محالهم تحسبًا لأي طارئ وخوفًا من الرصاص الطائش.

تدهور معيشي حاد

تشهد مدينة كادوقلي تدهورًا حادًا في الأوضاع الإنسانية والمعيشية، وأفاد شهود عيان من داخل المدينة أن الأسواق شبه خاوية، وأن الحصول على الذرة يتطلب الوقوف في طوابير طويلة. وشهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات جنونية؛ إذ بلغ سعر “ملوة الذرة” 25 ألف جنيه، وكيلو الدقيق والسكر 25 ألف جنيه لكل منهما، وقطعة صابون الغسيل 30 ألف جنيه، بينما بلغ سعر “ملوة” الملح 100 ألف جنيه، و”ملوة” البصل 120 ألف جنيه.

وأشارت مواطنة إلى ارتفاع سعر كيلو اللحم إلى 28 ألف جنيه، و”ملوة” اللوبيا إلى 80 ألفًا، والويكة إلى 50 ألفًا، والفول السوداني 28 ألفًا، والسمسم 44 ألف جنيه.

وتشهد المدينة حصارًا محكمًا، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على منطقة “الدبيبات” الواقعة على الطريق بين الدلنج والأبيض. وكانت قيادات أهلية موالية للجيش قد طالبت، في مؤتمر صحفي يوم الجمعة، بفتح الطريق بالقوة عبر تسليح المواطنين المتطوعين.

وكشف مواطنون لراديو دبنقا عن ندرة شديدة في الذرة، وصفوف طويلة أمام المحلات التجارية التي تبيعها. ووصفوا أوضاع النازحين في مراكز الإيواء بأنها متردية وتشهد اكتظاظًا غير مسبوق.

وضع صحي كارثي

ذكرت المصادر أن الأوضاع الصحية كارثية، مع ندرة الأدوية، ووفاة ثلاث حالات في المستشفى بسبب عدم التعقيم، إضافة إلى وفيات بسبب سوء التغذية، وتفشي الإسهالات وسط الأطفال نتيجة تناول أوراق الشجر. كما تتزايد ظاهرة تسوّل الأطفال النازحين.

وقد توقفت الأنشطة الزراعية واليومية بسبب ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، في حين أغلقت 90% من المحلات التجارية أبوابها. ويقوم التجار بإخراج بضائعهم بكميات محدودة خشية النهب.

نزوح جماعي

وأشارت مواطنة إلى نزوح أعداد كبيرة من المواطنين من كادوقلي إلى مناطق مثل الدلنج والأبيض، فيما فضّل آخرون التوجّه إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية بحثًا عن الغذاء.

ونوهت إلى ارتفاع تكلفة الترحيل بسبب ارتفاع أسعار الوقود، حيث وصل سعر “باقة البنزين” إلى مليار جنيه، بينما بلغ سعر الجازولين 750 ألف جنيه، ما يشل حركة النقل ويزيد من صعوبة وصول المساعدات، ويؤثر سلبًا على ما تبقى من الأنشطة التجارية.

كما كشفت المصادر عن إيقاف إحدى المنظمات الأسبوع الماضي بحجة قيامها بتوزيع سلة مساعدات دون التنسيق مع السلطات المحلية، وهو ما أثّر على جهود الإغاثة في المدينة التي تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء.

وبالإضافة إلى شلل الزراعة وتوقف الأعمال اليومية، تتزايد عمليات النهب في المدينة، مما يزيد من معاناة السكان ويعوق أي محاولات للتعافي أو استعادة الحياة الطبيعية. وتدفع هذه العوامل مجتمعة المزيد من المواطنين إلى النزوح بحثًا عن الأمن وسبل العيش.

Welcome

Install
×