نساء ملهمات: عوضية عباس رئيسة الجمعية التعاونية الخدمية للمتعاملات في الأطعمة الشعبية والمشروبات

عوضية عباس مرجان محمد رئيسة (الجمعية التعاونية الخدمية للمتعاملات في الأطعمة الشعبية والمشروبات)، الأمين العام وأمين المال السابقة بالجمعية . من مواليد حي السجانة – الخرطوم في العام ١٩٥٤، درست بمدرسة السجانة ٣ الابتدائية ، الإرسالية الانجليزية CNS بام درمان

عوضية عباس

صباح الخير … مساء النور

يا ست البيت وست المكتب الفاتح على الجمهور..

حلال وبلال عليك يا ام مرتب بالتعب ممهور..

وتقومي دغشا بدري.. رتبتي القميص والطرحة ..

حفظتي النشيد والسورة ..

أحب القرقريبة والهبابة والعرق البنقط داك ..

أحب الشاي مع القرقوش ..

كلمات الشاعر محجوب شريف تمثلها وزميلاتها اللائي تحلقن حولها امام مقر جمعيتهن بالسوق الشعبي – الخرطوم .

عوضية عباس مرجان محمد رئيسة (الجمعية التعاونية الخدمية للمتعاملات في الأطعمة الشعبية والمشروبات)، الأمين العام وأمين المال السابقة بالجمعية . من مواليد حي السجانة – الخرطوم في العام ١٩٥٤، درست بمدرسة السجانة ٣ الابتدائية ، الإرسالية الانجليزية CNS  بام درمان ولم تكمل لظروف اقتصادية . ن!ات في منزل جدها لوالدتها برعاية خالها المعلم محمد أحمد واخوته . مسيرتها في رحلة الكد والعمل بدأت منذ السادسة عشرة من عمرها عندما التحقت بمصنع (المنسوجات الوطنية) كعاملة في العام ١٩٦٩ ، ثم مصنع (تكسترد للملبوسات الجاهزة) بالخرطوم عام ١٩٧٤ . التحاقها بتكسترد تم بعد اعتقالها وفصلها من المنسوجات الوطنية، وتلك قصة وفصل آخر من الكفاح. تزوجت في العام ١٩٧٥ من فني المختبرات بمستشفى الخرطوم مصطفى محمد شرف الدين، لها ثلاث من البنات وإثنين من الأبناء نال جميعهم تعليما جامعيا وفوق المدرسي كما لها ستة من الأحفاد.

بدايات العمل العام

عوضية عباس مرجان نقابية من طراز معتق ، فهي عضو نقابة عمال المنسوجات الوطنية منذ العام ١٩٦٩ ، وتم اعتقالها عقب حركة يوليو ١٩٧١ . قالت :" اصبحت عضو نقابة في العام ١٩٦٩ وكنت امينة المال في لجنة شباب العمال أيام الشفيع أحمد الشيخ … بعد حركة يوليو ١٩٧١ اعتقلت على إني شيوعية وتم فصلي من العمل …" . لعوضية أيضا تجربة أخرى في ذلك الحين في العمل العام ، حيث كانت إحدى عضوات الإتحاد النسائي السوداني وكانت عضو لجنة تنفيذية في آخر لجنة للاتحاد قبيل حله في مايو ، تذكر (انتخبت في الإتحاد النسائي في آخر لجنة عام ١٩٧١ أيام فاطمة احمد ابراهيم ، فاطمة سعيد ، محاسن خضر ، حميدة بارود وسعاد حمدان..  اصبح عملنا سري في فروع الأحياء بعد حل الاتحاد في مايو … كنا نجتمع سرا بالتناوب في بيوت فاطمة القدال، فاطمة احمد ابراهيم أو فاطمة سعيد.. كانت حركتنا نشطة .. ".

مرحلة جديدة في مواجهة (النظام العام)

 امام الظروف الاقتصادية الضاغطة ورغبة في الاعتماد على الذات كما اعتادت منذ الصبا دفعتها للنزول اإلى سوق السجانة لتبدأ مرحلة جديدة في رحلة الكفاح والعمل كبائعة أطعمة شعبية في العام ١٩٩٤. تجربة على رهقها محفوفة بالعثرات والمواجهات مع السلطات في (كشات) تستند على قانون النظام العام البائد سيئ السمعة والذي استهدف تلك الشريحة من النساء بشكل خاص.

شكلت مناهضة قانون النظام العام ملاحم نضالية مشهودة من قبل عوضية وزميلاتها متمثلة في المواكب والوقفات الاحتجاجية امام الاجهزة المعنية ، قالت :  " لمكافحة قانون النظام العام كنا نمشي المحليات في وقفات وقابلنا كتير من المسئولين .. ك شي اتهم وصلت لحدي مقر الجمعية .. هاجمونا في المقر وقلعوا كراسينا عشان قاومنا قرار تحديد دوام عملنا لحدي الساعة ستة .. لكن رفضنا واستمرينا " . وتحكي عن تجربتها مع ( الكشات) والمحاكمات : " كانت تجينا الكشات دايما … يوم ساقوني محكمة النظام العام ، القاضي قال لي اذا ما عندك تصديق ما تشتغلي، قلت ليهو نحن عايزين نعيش بالحلال يعني ننهب ولا نسرق .. قال لي زول المحلية دا يديك بطاقة وإلا تشتكيه .." .

نحو تنظيم قطاع البائعات

 بدأت أولى خطواتها لتنظيم قطاع بائعات الأطعمة الشعبية والمشروبات مع (الجمعية السودانية للتنمية) التي كانت تجري دراسة حالة مستهدفة تلك الفئة من النساء، وهي الخطوة التي قادت الى تنظيمهن في عمل تعاوني منظم بهدف مساعدتهن والحافظة على حقوقهن منطلقا من إنشاء ثلاثة مقار منتصف التسعينات بالسوق الشعبي الخرطوم ، ابو زيد ام درمان والحاج يوسف من قبل الجمعية السودانية للتنمية بالتعاون مع منظمة اكسفام، كما اوردت عوضية عباس التي كانت مسئولة المشتريات. حكت عن التجربة : " تم تمليكنا المباني لنبدأ العمل التعاوني .. منحنا رأسمال لمواد عمل ٤ مطاعم في كل مقر لنعمل ونوزع للمطاعم في الجوار … تطورنا كمجموعة وتم تدريبنا على التعاون والصحة العامة وصحة البيئة وتعرفنا على القوانين الجنائي والمدني .. عرفنا حقوقنا وواجباتنا .. لكل واحدة حتى الآن اكثر من ١٧ شهادة تدريبية منذ العام ١٩٩٥ " .

عوضية والتجربة الهندية

مثلت التجربة الهندية النسائية في مجال التعاون مصدر إلهام لعوضية ورفيقاتها المبتعثات الى الهند في العام ١٩٩٥ . قالت : " قضينا في الهند ١٥ يوم مع زميلاتي ع ضية كوكو ، نفيسة النصري ، خديجة جادالله واخريات .. اطلعنا واستفدنا من نظام عملهن المرتب .. استطعن إنشاء بنك توفير خاص بهن من أجل التسليف لأغراض تعليم ابنائهن ومساعدتهن في مطلوبات اخرى .. " .

في حقبة عملها كأمين عام نشطت عوضية عباس في تأمين البائعات من كابوس مطاردات الكشات باستخراج بطاقات من المحلية وتنظيم عملهن في (مشروع صناديق كوفتي) على شاكلة (كشك) لكل بائعة بالتعاون مع الاتحاد التعاوني الحرفي .

دور مشهود في الثورة  

لبائعات الأطعمة الشعبية والمشروبات دور مشهود في ثورة ديسمبر وما شكلنه من حضور في اعتصام القيادة العامة ٢٠١٩ . حدثتنا عو ض ية عن يوم الوصول للقيادة : " كنت اشارك في المواكب بصورة مستمرة .. يوم ٦ ابريل تحركت من السوق المركزي مع ناس الأزهري وسط مطاردات وملاحقات رجال الأمن حتى وصلنا بوابة القيادة العامة الجنوبية والبمبان يخنقنا .. في اليوم داك قعدت لحدي الساعة عشرة مساء ورجعت البيت .. حضرت اليوم التاني من الصباح بدري وتاني ما رجعت بيتي إلا بعد اسبوع … كنا بنبيت مع زميلاتي نجهز الأكل والمشروبات للمعتصمين في خيمة الأطعمة بلا مقابل …" .

مشاريع طموحة

تخطط عوضية عباس مرجان التي تقلدت مهامها حديثا كرئيسة (الجمعية التعاونية الخدمية للمتعاملات في الأطعمة الشعبية والمشروبات) لخطط طموحة " نخطط لزيادة رأسمال الجمعية والعمل مع شركات استثمارية لبناء مقر الجمعية رأسيا وتأهيل الجمعية كمؤسسة تعاونية تقدم مشاريع خدمية مثل العيادات لخدمة العضوات والمجتمع من حولها ، و تأمين معاش ثابت عند التقاعد وانشاء صندوق دعم تعليم ابناء العضوات وغيرهم من المحتاجين من خارج الجمعية .. هناك خطة لسكن شعبي للعضوات سنقوم ببحثها مع المسئولين ذوي الصلة بالشراكة مع شركات " . عوضية تحدثت ايضا عن تفعيل ورش تدريبية لبناء قدراتهن في صناعة الصابون والمخبوزات وغيرها من المنتجات وعرضها في سوق موازي أقل سعرا ، والاستفادة من الوسائط الرقمية للترويج لخدمة العضوات طباخات وصانعات مشروبات.