مملكة الذهب تُطيح بمحافظ بنك السودان وانخفاض عائدات الصادر بسبب التهريب

ضبط ذهب مهرب

سبائك ذهب مهربة تم ضبطها بواسطة السلطات- الشركة السودانية للموارد المعدينة

بورتسودان –13 أكتوبر 2025 – راديو دبنقا

أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قرارًا بإعفاء برعي الصديق ع من منصبه كمحافظ لبنك السودان المركزي، كما أصدر قرارًا بتعيين آمنة ميرغني خلفا له.

ووفقًا لمصادر مقربة من القوات المسلحة، فإن القرار جاء على خلفية تمسك محافظ بنك السودان، في اجتماع عُقد أمس بحضور رئيس الوزراء ووزير المالية، باحتكار البنك لصادرات الذهب تنفيذًا لقرارات لجنة الطوارئ الاقتصادية، وهو الأمر الذي رفضه مصدرو الذهب. وأشارت المصادر إلى أن المحافظ غادر الاجتماع مغاضبًا بعد مساندة بعض الوزراء لمصدري الذهب ورفضهم احتكار البنك لعملية الصادر.

ومع تأثر القطاعات الإنتاجية الأخرى مثل الزراعة والثروة الحيوانية والبترول بالحرب، يُعد الذهب أحد الموارد الاقتصادية المهمة في السودان. ووفقًا لتقرير صادر عن الشركة السودانية للموارد المعدنية، بلغ إنتاج الذهب في الفترة من يناير حتى سبتمبر 53 طنًا، بينما بلغت حصيلة صادر الذهب 909 ملايين دولار.

تخرجت آمنة ميرغني حسن التوم الطويل، التي تم تعيينها محافظًا لبنك السودان، في جامعة الخرطوم – كلية الاقتصاد إدارة أعمال عام 1985، وحصلت على درجة الماجستير في المحاسبة والتمويل من جامعة الجزيرة عام 1997.
بدأت مسيرتها المهنية بمركز البحوث والاستشارات الصناعية عام 1985، ثم انتقلت إلى بنك السودان المركزي عام 1986، حيث عملت في معظم إداراته. وكان آخر منصب شغلته بالبنك هو مدير عام إدارة الأسواق المالية حتى عام 2020.
كما تولّت منصب مدير عام مطابع العملة حتى عام 2023، وتشغل حاليًا وظيفة مساعد مدير عام بمصرف الساحل والصحراء بمجموعة دول الساحل والصحراء.

تباين في المواقف

يرى المحلل المالي أحمد بن عمر في حديث لراديو دبنقا أن الجهات الحكومية تتباين مواقفها بين مؤيدة للسياسات القديمة وأخرى تسعى لتبني نهجٍ جديدٍ أكثر ضبطًا وتنظيمًا.
وأشار إلى وجود انقسامات داخل شعبة مصدري الذهب بين مؤيدين ومعارضين لعودة بنك السودان كمحتكر للشراء، مرجحًا أن إقالة المحافظ السابق برعي الصديق ربما جاءت على خلفية تلك الخلافات.

وتوقع أن يستمر المحافظ الجديد في تبني السياسات الحالية مع إصلاح بعض الجوانب الفنية في منشورات البنك المتعلقة بتنظيم شراء وتصدير الذهب، إلى جانب توسيع دائرة التفاهم مع شعبة المصدّرين لضمان استقرار هذا القطاع الحيوي الذي يمثل أحد أهم موارد النقد الأجنبي في البلاد.

التحدي الأكبر: بناء الثقة

يرى أحمد بن عمر أن بناء الثقة بين الحكومة وشعبة مصدّري الذهب هو التحدي الحقيقي أمام نجاح أي سياسة جديدة، مشددًا على ضرورة أن تكون الدولة أكثر مرونة في التفاهم مع المصدّرين ومنحهم تسهيلاتٍ عملية باعتبارهم الركيزة الأساسية في عملية التصدير وجلب حصائل الصادر.

وأكد أن بنك السودان يمتلك القدرة الفنية الكافية لإدارة هذا الملف، لكن نجاح التجربة مرهون بمدى تعاون القطاع الخاص والمصدّرين، إضافةً إلى تطبيق سياسات نقدية واقعية مثل مزادات العملة وتنظيم الطلب على النقد الأجنبي.

وقال إن المؤشرات تؤكد أن الحكومة باتت جادة في إطلاق حزمة من الإجراءات التنظيمية بعد مخرجات اللجنة الاقتصادية برئاسة رئيس الوزراء د. كامل إدريس، والتي أصدرت عددًا من القرارات، أبرزها عودة بنك السودان المركزي ليكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن شراء وتسويق الذهب أو من ينوب عنه.

ورغم أن هذه الخطوة طُبقت في فتراتٍ سابقة من عمر النظام البائد، يرى بن عمر أن تطبيقها هذه المرة قد يحمل أوجهًا مختلفة تضمن جزئيًا نجاحها، خاصة إذا اقترنت بإجراءات فعالة لمكافحة التهريب الذي تسبب في فقدان البلاد جزءًا كبيرًا من عائدات الذهب، ما أثّر سلبًا على الاقتصاد الوطني وميزان النقد الأجنبي.

يرى المحلل المالي أن نجاح هذه الخطط يتطلب حزمة سياسات مرنة تنظم عمليات شراء وتصدير الذهب، مع تسهيل الإجراءات الإدارية وتطوير العلاقة بين الحكومة ومصدّري الذهب، خصوصًا في ظل الخلافات القائمة بين شعبة المصدّرين وبنك السودان حول آلية الشراء والتسويق.

تطور إيجابي في الإنتاج

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديث لراديو دبنقا أنه، قياسًا بإنتاج العام الماضي الذي بلغ 64 طنًا من الذهب، فإن معدلات الإنتاج خلال الأشهر التسعة الماضية والبالغة 53 طنًا تُعد الأفضل، متوقعًا أن يتجاوز إنتاج هذا العام نظيره في العام الماضي إذا استمر بنفس الوتيرة، واصفًا ذلك بالأمر الإيجابي.

واعتبر أن عائد الصادر لم يكن بالحجم المطلوب، وعزا ذلك إلى استمرار عمليات التهريب، لكنه أشار إلى أن هناك خطوات جرت في الأيام القليلة الماضية بالتنسيق بين وزارة المالية ووزارة المعادن والأجهزة المختصة للحد من تهريب الذهب.

بدوره، قال المحلل المالي أحمد بن عمر إن الإنتاج إيجابي نسبيًا، ويعكس وجود جهود ملموسة داخل الحكومة لتحقيق استقرار قطاع التعدين، رغم أن المستهدف الحكومي كان الوصول إلى 80 طنًا سنويًا.
وأوضح أن تحقيق هذا الهدف ليس صعبًا، لكنه يتطلب مزيدًا من العمل والسياسات المنظمة التي تضبط هذا القطاع الحيوي وتحد من التحديات التي تواجهه، وعلى رأسها التهريب وضعف العائدات.

إنشاء بورصة للذهب

ورأى الناير أن المعالجة الجذرية لتهريب الذهب تتمثل في إنشاء بورصة خاصة بالذهب، متوقعًا تنفيذ ذلك في بداية العام المقبل.
واعتبر أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بحصر شراء وتصدير الذهب تُعد إجراءات مؤقتة وليست مستدامة، مشيرًا إلى أن الحل الأنسب هو إنشاء بورصة تُنظَّم فيها عمليات التداول والبيع والشراء، بحيث يأتي الذهب طوعًا إلى السوق الرسمي.

وأكد أن الذهب لم يكن مؤثرًا في الموازنة الحالية، لكن إنشاء البورصة ومحاربة التهريب وتفعيل الإجراءات الأمنية لإغلاق المنافذ يمكن أن يؤدي إلى زيادة مساهمة الذهب في الموازنة العامة.

كما أشار إلى أن تحويل التعدين الأهلي إلى قطاع منظم عبر تقسيم المناطق إلى مربعات صغيرة وتملّكها لأفراد وشركات يمكن أن يسهم في تطوير الإنتاج، موضحًا أن عدد العاملين في القطاع الأهلي ارتفع بعد الحرب إلى أربعة ملايين شخص، أي ما يعادل الضعف مقارنة بما قبل الحرب.

وقال إن 80% من الذهب يُنتج عبر القطاع التقليدي، بينما تنتج الشركات المنظمة 20% فقط، مشيرًا إلى صعوبة التحكم في الإنتاج عبر القطاع التقليدي.

شراكات إقليمية

وأشار أحمد بن عمر إلى أن انفتاح بنك السودان على أسواق جديدة مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان يمثل فرصة مهمة لتنظيم عملية تصدير الذهب والاستفادة من الأسواق الخليجية التي تمتلك مصافي ومرافق حديثة يمكن أن تسهم في تحسين جودة الإنتاج وزيادة العائدات.

ومن المتوقع أن يسهم هذا الانفتاح في تدفق العائدات الكاملة من الصادر إلى البنوك السودانية، مما يساعد على تمويل عمليات الاستيراد والتجارة الخارجية، ويحد من الاعتماد على السوق الموازي في توفير النقد الأجنبي.

أرقام

أكدت الشركة السودانية للموارد المعدنية في اجتماعها أمس أن تقرير الأداء للفترة من يناير حتى سبتمبر أظهر إنتاج 53 طناً من الذهب بنسبة تحقيق بلغت 115% وإيرادات بلغت 699 مليار جنيه بنسبة تحقيق 114% من الربط الإيرادي فيما بلغت حصيلة صادر الذهب 909 ملايين دولار كما بلغت تحويلات المجتمع المحلي 33 مليار جنيه

وأشاد المدير العام للشركة محمد طاهر عمر بالأداء والنتائج الإيجابية وبالقفزة الكبيرة التي شهدها قطاع التعدين التقليدي حيث تجاوزت إيراداته 300 مليار جنيه بنسبة نمو بلغت 506% مقارنة بالأعوام السابقة حيث بلغت الإيرادات 93 مليار جنيه في العام الماضي و18 مليار جنيه في 2023م بينما كانت 1.1 مليار جنيه فقط في 2022م ما يعكس تطوراً غير مسبوق بزيادة بلغت حوالي 300 ضعفاً

وأكد المدير العام في ختام الاجتماع أن الشركة ماضية في تطوير وتنظيم قطاع التعدين التقليدي لدعم خزينة الدولة والاقتصاد الوطني وتعزيز دور قطاع التعدين في دفع عجلة النمو والإنتاج.

Welcome

Install
×