محلل اقتصادي يتوقع أزمة شاملة جراء قصف مصفاة الجيلي

حريق في مصفاة الجيلي بالخرطوم صورة أرشيفيةـ المصدر:فيسبوك

امستردام: الأربعاء 22 مايو 2024: راديو دبنقا

توقع الكاتب الصحفي والمحلل الاقتصادي كمال كرار أن خسائر مصفاة الخرطوم “الجيلي” جراء القصف تبلغ 4 مليارات دولار، مشيرًا إلى  أن وزارة النفط قدرت خسائر قطاع النفط خلال عام من اندلاع الحرب بخمسة مليارات دولار، ليصبح إجمالي خسائر قطاع النفط تسعة مليارات دولار، واستبعد إعادة تأهيل المصفاة سواء بالاعتماد على القروض أو مساهمة شركات التأمين، وتوقع أن يدخل السودان في أزمة بترولية واقتصادية مستمرة في المستقبل.وعد قصف المصفاة واحدة من جرائم الحرب ومخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني.

وقصف الطيران الحربي، مساء أمس الثلاثاء، مصفاة الخرطوم التي تعرف بمصفاة الجيلي حيث أظهرت مقاطع الفيديو تصاعد أعمدة اللهب وسحب الدخان. واتهم الناطق الرسمي باسم الدعم السريع الجيش بالتدمير التام للمصفاة خلال القصف، بينما لم تصدر القوات المسلحة أي تعليق حول قصف المصفاة، في حين نفى موالون للجيش تدمير المصفاة ونشروا مقاطع فيديو  تظهر اشتعال موقعين فقط يعتقد إنهما خزانات وقود، ولم يتسن لفريق راديو دبنقا التحقق من صحة مقاطع الفيديو كما لم يتسن الحصول على تعليق فوري من الناطق الرسمي باسم الجيش.

وقال المحلل الاقتصادي كمال كرار ،في اتصال هاتفي مع ” راديودبنقا”، إن قصف مصفاة الجيلي سيفاقم الأزمة الأقتصادية في السودان أكثر مما هي عليه جراء الحرب الدائرة الآن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وستضاعف من معاناة الشعب السوداني.

أهمية اقتصادية

واعتبر كرار أن مصفاة الجيلي إحدى المنشآت الاقتصادية الهامة في البلاد مشيرًا إلى أنها أهم وحدة انتاجية في قطاع البترول السوداني، ليس من ناحية تكلفتها المادية فحسب، بل لأنها مصممة تقنيًا لتكرير الخام السوداني، والذي تختلف مواصفاته عن الخام العربي الخفيف الذي تنتجه دول الشرق الاوسط، كونه خام ثقيل ويحمل كمية كبيرة من الشمع.

وسيطرت قوات الدعم السريع على مصفاة الخرطوم للنفط بعد أيام من بدء الحرب منتصف أبريل من العام الماضي و تبعد  70 كيلومترا شمال العاصمة، و تقع  على الجانب الشرقي لطريق التحدي عطبرة الخرطوم. وتبعد عن نهر النيل بحوالي 12,5 كيلو مترا، ويمر غربها خط أنابيب الصادر الخام الذي يبعد عنها بحوالي 500 متر فقط.

تكرر مصفاة الجيلي (تسمى رسميا مصفاة الخرطوم) مائة الف برميل من البترول الخام يوميا في الأوضاع الطبيعية.  ويغطي إنتاج مصفاة الخرطوم 60% من احتياجات السودان من البنزين المحلي، و48% من احتياجات الجازولين (الديزل) و50% من احتياجات غاز الطبخ، فيما يتم تكملة النقص عبر الاستيراد حسب ارقام عاد 2022.

المصفاة مملوكة مناصفة لجمهورية السودان ممثلة في وزارة الطاقة والتعدين ” شركة سودابت”، والشركة الوطنية الصينية للبترول وكلف انشائها حوالى640 مليون دولار.

ويبلغ طول خط انابيب نقل البترول 1610 كيلو متراً من حقول الإنتاج في هجليج ومروراً بـمصفاتي الخرطوم والأبيض وحتي ميناء بشائر على البحر الأحمر جنوب مدينة بورتسودان. وبلغت سعة الخط 150 الف برميل في المرحلة الأولى لتصل إلى 250 الف برميل يوميا عام 2000 م. أما تكلفة المشروع فقد بلغت أكثر من مليار دولار وقامت بتنفيذه عدة شركات أجنبية متخصصة، تعمل جميعها تحت إشراف شركة النيل الكبرى لعمليات البترول ” GNPOC” وتم الانتهاء من تركيب الخط وافتتاحه في 30 يونيو  1999.

50% من الانتاج:

وقال كمال كرار إن ما يميز مصفاة الجيلي موقعها في وسط السودان الذي أتاح لها أن تكون مركزًا مثاليًا لتوزيع المنتجات البترولية، خاصة وأن كل شركات البترول أنشأت بداخلها مستودعات للتخزين، كما نشأت صناعات بلاستيكية بالقرب من المصفاة، مستفيدة من منتجات المصفاة، وذكر أن المصفاة كانت أيضًا تستقبل جزءًا من بترول جمهورية جنوب السودان الذي يقدر بحوالي 30 الف برميل في اليوم، بموجب اتفاق سابق، خاصة بعد أن انخفض الخام الوارد من حقول هجليج والفولة المقدر انتاجه بحوالي 45 ألف برميل. وأعاد التشديد بأن المصفاة كانت إحدى دعامات الاقتصاد المهمة، ومصدر من مصادر الدخل القومي من خلال الإيرادات اليومية التي كانت توفرها للدولة.

وقال الكاتب الصحفي والمحلل الاقتصادي إن المصفاة كانت تغطي 50% من احتياجات البلاد من المنتجات النفطية وأن الـ 50% الآخرى كان يتم استيرادها من الخارج، ولكنه أضاف بأنها لم تكن تأتي بانتظام بسبب المشاكل التي تتعلق بندرة العملة الصعبة وتأخر العطاءات وبقية المشاكل اللوجستية المتعلقة بالاستيراد خاصة بعد الحرب.

واعتبر كرار أنه من هذا التوصيف والمهام التي كانت تقوم بها المصفاة تنبع أهميتها كمؤسسة اقتصادية لاغنىً عنها في تكرير خام البترول السوداني أو لقطاع البترول عمومًا، وقال: أما مسألة أنها تتعرض لقصف وتدمير فهذا سيكلف الدولة والشعب السوداني تكاليف باهظة.

وقال كرار أن قصف وتدمير المصفاة من شأنه أن يكون له تأثير سلبي بأن يعيد السودان إلى المربع الأول في عدم القدرة على استيراد البترول في ظل عدم وجود مستودعات كافية حسب الكميات المتاحة للقطاعات المختلفة سواء كان في  الزراعة أوالصناعة أوالكهرباء.

العالم الخارجي:

ورأى كرار أن البلاد ستواجه صعوبة في إنشاء أو إعادة تأهيل المصفاة التي تم إنشاؤها في العام 96ـ 1997عبر قروض من الصين لم تسدد بعد، وقال من الصعوبة بمكان أن تدخل الصين مرة أخرى في مخاطر القروض أو تأهيل المصفاة عن طريق نظام “البوت” وهو نظام الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية، مشيرًا إلى ماوصفه بتاريخ السودان غير المشرف في تسديد الديون وأضاف أن هنالك ديون على حكومة السودان لازالت معلقة.

ونوه إلى أن الاعتماد على العالم الخارجي  غير مجدٍ، مستبعدًا مساعدة المجتمع الدولي للشعب السوداني في إعادة إعمار ما دمرته الحرب ومن بينها المصفاة، وقال إن السودان لديه تجارب كثيرة لم يجن من هذه الدول شئ، وتابع قائلاً: إنَّ المجتمع الدولي لايساعد دول العالم الثالث مثل السودان مؤكدًا أن تلك المساعدات المطلوبة رهينة بمصالح وأجندة تلك الدول.

واستبعد كرار أن تغطي شركات التأمين تكاليف تشييد أو إعادة تأهيل مصفاة الخرطوم، وقال إن شركات التأمين تغطي الحوادث الفجائية، لكنها لاتغطي أي دمار أو تلف بسبب الحرب، وشكّك في أن المصفاة أصلاً كانت مؤمنة خارج السودان.

وأوضح أن المشكلة في التدمير الذي تتعرض له المنشآت المدنية، باعتبارها مؤسسات الشعب ومن ماله وهي مؤسسات ليس لها علاقة بالثكنات العسكرية ولاالتسليح ولا التجييش.وقال حينما تكون هذه المنشآت هدفاً لطرفي النزاع تصبح تكاليف الحرب أكبر مما يجب وتصبح فوق قدرة الشعب والدولة السودانية في إعادة تأهيل هذه المنشآت.

وعد كرار التعرض للأعيان المدنية جريمة من جرائم الحرب لأن هذه المؤسسات ليس أموال فقط بل فيها مدنيين، وقال أن المصفاة كان بداخلها كوادر بشرية شاءت ظروف الحرب أن تجعلهم عالقين هناك، وحمّل الطرفين مسؤولية ارتكاب هذه الجرائم سواء من المصفاة أوغيرها من المنشآت المدنية، مستشفيات أو جسور أو حتى والمدنيين الذين قتلوا في بيوتهم،  وقال إنهم عقابهم وقال حسب لجان التحقيق والدلائل المتوفرة واذا لم يجدوا عقابهم من المجتمع الدولي فالشعب السوداني لديه حساب عسير معهم.


وعبر عن أسفه لتدمير طرفي الصراع البنى التحتية والأعيان المدنية وتعرضهما لقصف مصفاة الجيلي، وقال أن الطرفين يتحملان المسؤولية سواء قوات الدعم السريع التي احتمت بالمصفاة أو الجيش السوداني الذي لا يتورع في قصف أهداف مدنية تتمثل في منشآت النفط.

استطلاع:

استطلع راديو دبنقا مجموعة من المواطنين حول رأيهم بشأن قصف مصفاة الجيلي، وتضاربت الآراء حول تأييد الخطوة من رفضها  ووصف بعضهم قصف المصفاة بالجريمة في حق الشعب السوداني، لكنهم جميهم اتفقوا  أن  قصفالمصفاة كان متوقعا وطرح بعضهم أسئلة عن سبب توقيت استهداف المصفاة.

وقطع المواطن محمد هجانة بعدم استهداف المصفاة بالكامل، واستبعد أن يتعامل الجيش السودان مع المرافق الحيوية بهذه الصورة التدميرية.وقال إنه من الصعوبة القضاء على عناصر قوات الدعم السريع، وقال أن الدمار شمل صهاريج الوقود ووقود الطائرات وأن جسم المبنى سليم، لكن رأى بأن إذا استدعى الأمر تدمير هذه المنشآت فلا تثريب على الجيش.

من جهته قال صلاح حسن أن الجيش السوداني يحارب باسم الشعب السوداني لكنه يدمر مقدرات ومؤسسات الشعب، واعتبرها جريمة في حق الجيش السوداني وعبر عن أمله في أن تتوقف الحرب.  

واعتبرت مواطنة أن تدمير المؤسسات والبنى التحتية لن يوقف زحف قوات الدعم السريع نحو شندي وولايات أخرى، واعتبرت أن تدمير المصفاة ثأراً للملازم م محمد صديق الذي قتل بواسطة الدعم السريع بعد أسره الاسبوع الماضي، وقالت أن ذلك يعني أن من سمتهم أبناء الهامش مازالوا مظلومين.

واعتبر المواطن محمد آدم أن المصفاة حق للشعب السوداني وليس من حق المتحاربين التعرض لها وكل المؤسسات الحيوية مشيرًا إلى أنه عمل مرفوض حتى لو حقق انتصارات لأي طرف، وقال يجب ألا يكون تدمير وهدم البنى التحتية أداة عقابية للشعب السوداني، وطالب طرفي الحرب في حماية تلك المشآت التزامًا بالقانون الدولي.

أحمد الدرديري محمد عامر ومحمد أيدوا قصف مصفاة الجيلي في سبيل التخلص من قوات الدعم السريع وتمكين الجيش من إعادة السيطرة على منطقة قري بمافيها المعسكر والمصفاة .

Welcome

Install
×