بعد تأجيل الرباعية، وزيرا خارجية أمريكا ومصر يبحثان الانتقال إلى حكم مدني في السودان

وزيرا خارجية الولايات المتحدة ومصر- 30 يوليو 2025-الصفحة الرسمية لوزراة الخارجية المصرية

وزيرا خارجية الولايات المتحدة ومصر- 30 يوليو 2025-الصفحة الرسمية لوزراة الخارجية المصرية

أمستردام – 31 يوليو 2025 – راديو دبنقا

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، التقى يوم أمس بوزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وقد ناقش الجانبان الأهداف المشتركة الرامية إلى تعزيز السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط، بجانب الأوضاع في السودان.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس إن اللقاء تناول ضرورة الانتقال إلى حكم مدني في السودان، وأكد الطرفان على أهمية هذا التحول كخطوة أساسية نحو الاستقرار السياسي والسلام المستدام في البلاد.

من جانبها، قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن الوزيرين تناولا الأوضاع في السودان وأهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وأكد الوزير عبد العاطي على موقف مصر الداعم لمؤسسات الدولة السودانية، وضرورة احترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السودانية.

اتصال هاتفي

وسبق الاجتماع اتصال هاتفي أجراه الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، مع عمر صديق وزير الدولة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي للسودان، يوم الأربعاء 30 يوليو.

ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، استعرض عبد العاطي جهود بلاده الدؤوبة لتحقيق السلام والاستقرار في السودان، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني الشقيق، بما في ذلك النقاشات في إطار الرباعية الدولية الخاصة بالسودان التي تنخرط فيها مصر. كما جدد الوزير الإعراب عن دعم مصر المتواصل لسيادة السودان ومؤسساته الوطنية ووحدة وسلامة أراضيه، ورفضها لأي خطوات تهدد وحدة السودان الشقيق.

تأجيل غامض لاجتماع الرباعية

ويأتي هذا الاجتماع بين وزيري خارجية مصر والولايات المتحدة عقب إلغاء اجتماع الآلية الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، الإمارات، السعودية) الذي كان مقررا عقده في واشنطن أمس الأربعاء.

وتضاربت الأنباء بشأن أسباب التأجيل؛ إذ قالت صحيفة الشرق الأوسط نقلاً عن مصادر دبلوماسية أمريكية إن اللقاء جرى إلغاؤه بسبب تباينات بين وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الرئيس للشؤون الأفريقية مسعد بولس، بينما ذكرت وكالة فرانس برس أن الاجتماع تأجل نتيجة خلافات بين مصر والإمارات حول فقرة اقترحتها أبوظبي في البيان الختامي تدعو إلى إبعاد القوات المسلحة وقوات الدعم السريع عن مستقبل العملية السياسية في السودان، وهو ما رفضته القاهرة.

وتتهم الحكومة السودانية الإمارات بدعم ومساندة قوات الدعم السريع، وقدمت شكاوى في هذا الإطار لعدد من المؤسسات الدولية، فيما تتهم قوات الدعم السريع مصر بمساندة الجيش خلال الحرب الدائرة.

خلافات أمريكية

وقال الصحفي والمحلل السياسي عبدالرحمن الأمين إن تأجيل اجتماع آلية «الرباعية» حول السودان – الذي كان مقررًا في 29 يوليو – لا يرتبط أساسًا بالاعتراضات المصرية كما رُوّج، وإنما يعود إلى خلافات داخلية في إدارة الملف الأمريكي.

وأوضح أن المستشار مسعد فارس بولس، الذي أُسند إليه ملف السودان مؤخرًا بعد نجاحه في ملفات رواندا والكونغو، يتّبع أسلوبًا أقرب لنهج رجال الأعمال في التفاوض، حيث يعقد صفقات مباشرة دون تنسيق كافٍ مع المؤسسات الرسمية، الأمر الذي أثار استياء داخل وزارة الخارجية الأمريكية، خاصة على مستوى نائب الوزير كريستوفر لاندو.

وأشار إلى أن الاجتماع التحضيري الذي جرى بين سفراء السعودية والإمارات ومصر في واشنطن، تم بإشراف بولس، دون إشراك نائب وزير الخارجية أو التنسيق مع وزارة الدفاع ووكالة الأمن القومي. وأضاف أن ذلك أدى إلى حالة من الارتباك داخل الدوائر الأمريكية، بلغت حد غياب أي إشارة إلى السودان في مؤتمر صحفي موسع للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) عُقد قبل ساعات من الموعد المفترض للاجتماع.

وفي ما يتعلق بالدور المصري، أكد الأمين أن القاهرة ظلت مؤيدة للجيش السوداني منذ اندلاع الحرب، لكنه شدد على أن تضخيم الحديث عن دورها في تعطيل «الرباعية» غير دقيق، فمصر – بحسب قوله – ساهمت في العرقلة لكنها لم تكن السبب الرئيس وراء الإلغاء.

ورجّح الأمين أن تشهد الفترة المقبلة إعادة ترتيب لآلية عمل «الرباعية» بما يضمن إشراك وزارة الخارجية الأمريكية والفاعلين الرئيسيين في صنع القرار، مع احتمال تقليص الدور المنفرد الذي يلعبه مسعد بولس في إدارة الملف السوداني.

فرصة نادرة

من جانبه، قال مهدي داوود الخليفة الخبير بالشئون الأمريكية لراديو دبنقا إن هذا التأجيل – رغم أبعاده السياسية – يمنح السودانيين فرصة نادرة لاستعادة زمام المبادرة وطرح رؤيتهم الوطنية من داخل الميدان، لا باعتبارهم متفرجين أو ضحايا، بل كأصحاب مشروع بديل قادر على إنقاذ البلاد من الانهيار وإعادة بناء الدولة على أسس مدنية ديمقراطية.

وأوضح أن المبادرة الأمريكية فشلت منذ نشأتها في دعوة أي من الأطراف السودانية الرسمية أو المدنية، مشيراً إلى أن تحويل السودان إلى مجرد ملف إقليمي تُدار تسوياته في غرف مغلقة بعيدًا عن أصحاب القضية لا يمكن تفسيره إلا كاستعلاء سياسي.

محطة دعائية

واعتبر مهدي داوود اجتماع واشنطن المؤجل حول السلام في السودان محطة دعائية تهدف بالأساس إلى إعادة تقديم الرئيس دونالد ترامب في صورة “صانع السلام العالمي”، دون امتلاك أي فهم لجذور الأزمة السودانية المركبة. وأضاف أن الاجتماع يأتي ضمن حملة انتخابية تسعى لاستثمار الأزمات الخارجية لأغراض داخلية.

وأكد أن المبادرة ليست محاولة جادة لمعالجة جذور الأزمة السودانية ذات الأبعاد البنيوية والتاريخية، بل تُوظَّف كأداة لتسجيل نقاط دبلوماسية سريعة في سجلات الحملة الانتخابية وتلميع صورة الرئيس الأمريكي.

انتقادات

وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تعاني من نقص الخبراء والمتخصصين في الشأن السوداني بعد استبعاد عدد كبير من الدبلوماسيين المخضرمين نتيجة لتقليص الكوادر العاملة في وزارة الخارجية، مما أدى إلى إضعاف أي فرصة لحلول مدروسة. أما نهج الصفقات (deal-making approach) الذي يشتهر به ترامب، فيهدد بإنتاج تسويات مشوهة تُقصي المدنيين وتكرّس هيمنة أمراء الحرب.

وانتقد إبعاد الاتحاد الأفريقي والإيغاد والأمم المتحدة من الاجتماع المؤجل، مضيفًا أن ذلك يضع علامات استفهام كبرى حول طبيعة وأهداف المبادرة.

Welcome

Install
×