قانونيون: أوامر الطوارئ تنتهك القانون الدولي الإنساني للفارين من الحرب

صورة تجمع والي ولاية النيل الأبيض عمر الخليفة عبدالله مع عدد من المسؤولين ـ المصدرـ مواقع التواصل الاجتماعي

السبت 4/ مايو/2024: راديو دبنقا

تقرير: سليمان سري

أصدر والي ولاية النيل الأبيض عمر الخليفة عبدالله امر طواريء رقم (٣) لسنة ٢٠٢٤م بمنع البصات السفرية والمركبات العامة والخاصة بنقل اي راكب اجنبي او مواطن لايحمل رقم وطني او أوراق ثبوتية الي داخل الولاية. وذلك عملا باحكام قانون الطواريء

وتعليقًا على هذا القرار وصف المدير التنفيذي لشبكة حقوق الإنسان و مناصرة الديمقراطية عبدالرحمن محمد القاسم المحامي، القرار بغير القانوني، وأرجع ذلك إلى أنه صدر من جهة لاتملك الحق في إصدار القرار. وقال: إن قانون الطوارئ نفسه  1997 يستند على دستور 2005 الملغي بموجب الوثيقة الدستورية.وأضاف: بالتالي قانون الطوارئ إذا قرأناه هو نفسه غير قانوني ونصوصه تتعارض مع الوثيقة الدستورية.

تقييد الأجانب:

وأشار المدافع الحقوقي عبدالرحمن القاسم إلى أن الوثيقة الدستورية نصت على أن إصدار أمر الطوارئ يأتي بقرار من مجلس السيادة بجميع أعضائه، وليس رئيس مجلس السيادة نفسه، كما نص على أن يكون بطلب من رئيس الوزراء، بينما قانون الطوارئ ينص على أن القرار يصدر من رئيس الجمهورية أو من الولاة المفوضين، وأوضح أن هنالك تعارض بيَّن، مابين الوثيقة الدستورية وقانون الطوارئ. وأضاف: يمكن القول بأن هذا القرار عطاء من لايملك حق إصدار القرار.

وقال حتى لو اعتبرنا أنه صدر سابقًا لكن يجب أن يتماشى كليًا مع الصكوك الإقليمية والدولية باعتبار السودان طرفًا فيها، موقع ومصادق عليها، وذكر أن السودان مصادق على العهد الدولي للحقوق السياسة والمدنية، وأضاف أن وثيقة حقوق الإنسان نصت على أن كل الاتفاقيات الدولية تعتبر جزء لايتجزأ من الدستور سواء دستور 2005 أو الوثيقة الدستورية.2019

واعتبر عبدالرحمن القاسم المحامي،  أن قانون الطوارئ يتم إصداره لحماية المواطن ولأشياء تهدد حياته لأنها تمس حقوق وحريات الناس، وليس بالمزاج، ونوه إلى أن أي شخص أو إنسان مهما يكن أصله أو موطنه طالما على أرض الدولة فلديه حقوق متساوية مع الآخرين.

وقال إن الوالي قيد حقوق الأجانب في التنقل دون أن يذكر الأسباب واعتبر أن الأمر فيه تمييز مشيرًا إلى أن القانون لايقبل التمييز أو شخصنة الأمر، وأضاف أن القواعد القانونية تأتي عامة إذا حاول أن يحدد لشخص معين بناءً على دينه أو جنسه أو نوعه، مشيرًا إلى أن هذا يخالف  للقانون والمعاهدات الدولية.

ووصف القرار بالمجحف وشكك في تنفيذه وقال في ظاهره يتحدث عن إجراءات حربية وفي باطنه، أي روح النص، يشير إلى أنه ليس بالقرار العادي ويرمز إلى محاباة طرف ضد طرف آخر، ونبه إلى أن الطرفين متصارعين وبالتالي يجب التعامل معهما بالتساوي.

حماية المواطنين:

من جهته اعتبر المحامي والمدافع عن الحقوق والحريات محجوب داؤود أن أمر الطوارئ حالة استثنائية، يخول بموجبه اصدار تشريع من جهة غير منوط بها اصدار القانون في الوضع الطبيعي، تفرض لظروف معينة والغرض منها حماية المواطنين وممتلكاتهم وحماية الدولة نفسها لمخاطر محدقة بها، ويشترط لتطبيقها خضوعها لقانون وينص على تحديد الجهة التي يجب عليها إصدار قانون الطوارئ.

وقال داؤود لـ”راديو دبنقا” إنَّ حالة الطوارئ استخدمت في السودان لتثبيت اجراءات ليست لها علاقة بمصلحة البلاد أو المواطنين، وأعاد التذكير بأنها مربوطة في اذهان السودانين بالانقلابات العسكرية أو الاجراءت التي تعزز من بقاء ما وصفها بالانظمة السمولية.

ودلل على ذلك بقوله: بالرجوع الي تلك الأوامر نجدها تستهدف المواطنين بالتنكيل وحرمانهم من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور او القوانين ولتلافي تصادم أوامر أو أفعال الأجهزة التنفيذية تلجاء من سماها بسلطات الأمر الواقع إلى إعلان حالات الطواريء.

ونوه إلى ضرورة أن يكون هنالك تناسب مع القيود متناسبة مع المصالح المعرضة للخطر، وقال يجب أن يطبق على كآفة الناس في الوقت المحدد، دون تمييز أو استثناء لأي شخص.

غير منصف:

ووصف المدافع عن الحقوق والحريات محجوب داؤود، القرار بغيرالمنصف وفيه شئ من التعسف ورأى أنه يتعارض مع مبدأ أن أي تشريع أو قانون يكون هنالك سببًا لتشريعه، أو أن المشرع استهدف به موضوع يعالج أزمة لمصلحة المواطنين أو مصلحة الدولة. لكنه اعتبر أن القرار ضار بمصلحة المواطنيين أنفسهم خاصة وأن البلاد تمر بمرحلة حرب وأن المواطنين نزحوا داخليًا لأكثر من مكان.

ورأى داؤود أنه كان الأوفق على ولاة الولايات تسهيل العبور على المواطنين من مكان لآخر لحمايتهم وعبر عن استغرابه لمنع مواطنين قادمين من الخرطوم دارت فيها معارك طاحنة جدًا، وهم مواطنين عزَّل وقال إنه من المنطق السماح لهم بالعبور لداخل الولاية بصرف النظر عن حملهم لأوراق ثبوتية أم لا.

وقضى أمر الطوارئ رقم 3 2024 الصادر من وإلى النيل الأبيض بمنع البصات السفرية والمركبات العامة والخاصة بنقل أي راكب أجنبي أو مواطن لايحمل رقم وطني أو أوراق ثبوتية.

واعتبر داؤود أن هذا الأمر يهدم حق أصيل يتعلق بحرية النتقل وأيضًا حق حماية المدنين أثناء الحرب وقال هذا الأمر يجعل نسبة كبيرة من السودانين تحت رحمة نيران الحرب لأنه يبقيهم في أماكن قد تكون خطرة ولا تتوفر فيها السلامة . وقلل من أمر الطوارئ وقال: أعتقد أنه لا توجد حكمة في هذا الأمر سيما وأن هذه الحرب أفقدت الكثير من الناس أوراقهم الثبوتية، سواء كانوا سوادنين أو أجانب ورأى أن الحكمة بل الواجب يحتم على الدولة تعينهم على الإجلاء ونقلهم إلى أماكن تتوفر فيها الأمان، وأبدى استغرابه لكون  هنالك دولًا فتحت معابرها للسودانين والدخول دون التقيد بالمستندات المطلوبة لوضعهم الطارئ

وأشار المدافع الحقوقي إلى أن الأجنبي متواجد في السودان بإجراءات رسمية أو دخل البلاد عبر المطار أو عبر المعابر، واعتبر أن الوقت غير مناسب لمحاسبته إن كان يحمل أوراقه الثبوتية أو لايحمل، طالما أن البلاد في حالة حرب.

ونوه إلى أنه لا توجد حكمة في هذا الامر سيما وأن هذه الحرب أفقدت الكثير من الناس أوراقهم الثبوتية سواءً كانوا سوادنين أو أجانب، وأعاد التشديد بقوله: الحكمة بل الواجب يحتم علي الدولة تعينهم على الإجلاء ونقلهم إلى أماكن يتوفر فيه الأمان والمدهش ان هنالك دول فتحت معابرها للسودانين والدخول دون التقيد بالمستندات المطلوبة لوضعهم الطارئ.

أغراض سياسية:

وخلص المحامي المدافع عن الحقوق والحريات محجوب داؤود أن يكون أمر الطوارئ أصلا صدر أغراض سياسية، ودلل على ذلك بأنه لاتوجد حكمة، خاصة بمنع سودانيين من دخول ولايته، وأشار إلى أنه يتعارض مع اتفاقيات ومواثيق ومعاهدات دولية تتعلق بحماية المدنين في ظروف الحرب وهم ليسوا أطرافاً في الحرب، وأضاف: “بتطبيق هذا القرار نكون قد عرضنا السودانيين وغير السودانيين للخطر”.

وجدد التأكيد بأن من حق أي سوداني أن يبحث عن الأمان في الولاية المعنية واعتبر أن أي محاولات لمنعه يعرضه للخطر، وشدد على أن حق التنقل مكفول في الدستور وهي مسألة طبيعية، واستدرك قائلاً: صحيح بأمر الطوارئ يمكنه تقييد حركة المواطن لكن ليس بهذه الطريقة. لأن حركتهم ليست طوعًا يمكن إرجاعهم من حيث أتوا، لكنهم الآن يبحثون عن أمان وفارين من حرب ومنعهم من دخول الولاية إجحاف في حقهم من طلب الحماية، وشكك في أن أمر الطوارئ خلفه غرض وقال لا أصدق أنه يمكن تطبيقه على الكآفة، ورأى استحالة تنفيذه حرفيًا كما ورد.

ورأى داؤود أنه هنالك مسؤولية تقع على عاتق الدولة أن تعالج بعض المسائل خاصة بعد اندلاع الحرب وأن تقنن أوضاع الناس، بفتح ممرات آمنة وعبرها كان يمكن معالجة كل الاحترازات أو المخاوف الواردة في أمر الطوارئ.