شعب السودان تذوق طعم الديمقراطية وحرية التعبير.. ويريد المزيد

قالت صحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post) الأميركية إن من واجب العالم الحر أن يفعل كل ما بوسعه لمساعدة الشعب السوداني على الوصول مرة أخرى لطريق الديمقراطية “الذي بدا للوهلة الأولى أنه قد سلكه أخيرا بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالدكتاتور عمر البشير عام 2019، قبل أن يجتاح انقلاب عسكري جديد لا شعبية له البلاد خلال الفترة الأخيرة”.

 

 

صحيفة واشنطن بوست الامريكية

قالت صحيفة "واشنطن بوست" (The Washington Post) الأميركية إن من واجب العالم الحر أن يفعل كل ما بوسعه لمساعدة الشعب السوداني على الوصول مرة أخرى لطريق الديمقراطية "الذي بدا للوهلة الأولى أنه قد سلكه أخيرا بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالدكتاتور عمر البشير عام 2019، قبل أن يجتاح انقلاب عسكري جديد لا شعبية له البلاد خلال الفترة الأخيرة".

وذكرت الصحيفة -في مقال لكاتب الرأي لديها الإيراني الأصل جيزون رضايان- أن كلمة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بمقر الأمم المتحدة عام 2019، حيث أكد أنه "في السودان الجديد لن يسجن الصحفيون مرة أخرى مطلقا"، شكلت "لحظة تفاؤل" مهمة في تاريخ السودان الحديث.

ورغم أن الآمال في أن صفحة الحكم الاستبدادي قد طويت إلى الأبد بدأت تتبدد، يضيف الكاتب، فإن روح التحدي لدى الشعب السوداني في مواجهة العسكر ما زالت قوية وملهمة، وظهرت جليا خلال المظاهرات التي شهدتها جميع أرجاء البلاد قبل أيام قليلة وأدت لمقتل ما لا يقل عن 3 متظاهرين بالرصاص.

ويقول الصحفي السوداني الأميركي إسماعيل كشكش إنه "في العامين الماضيين، مكّن المستوى الرفيع لحرية الصحافة السودانيين من مناقشة مشاكلهم وتحدياتهم بطريقة أعمق وأكثر صراحة بشكل تجاوز مجرد الشعارات ومحاولات التبييض"، مبديا تخوفه في الوقت ذاته من حدوث انتكاسات.

ويؤكد رضايان أنه حينما التقى حمدوك في الأمم المتحدة عام 2019، كان من الواضح أنه "ليس شخصا ساذجا أو مثاليا، بل كان يعلم أن السودان يواجه معركة شاقة نحو الحكم الديمقراطي، ولم تكن لديه أوهام بشأن التحديات التي تقف في طريقه".

وقال حينها "نحن ندرك أن الديمقراطية عمل غير مكتمل. ولا يوجد نموذج نهائي يمكننا فقط استيراده. أتمنى لو كان هناك واحد يمكننا أخذه جاهزا وتطبيقه.. المجتمعات تنهض وتسقط في هذا المضمار، ويسعدنا أن نخوض غمار هذه الرحلة بكل تحدياتها ومشاكلها".

لكنه كان يراهن، بحسب الكاتب، على التقدم، وكان يفهم -ولا يوجد أي مؤشر على أن موقفه قد تغيّر- أن الأمر يتطلب الشفافية، وهذا يعني احترام الأصوات المعارضة وحرية الصحفيين في نقل الخبر والاستثمار في البنية التحتية التي تجعل حرية التعبير قابلة للاستمرار على المدى الطويل.

بيد أن هذا الأمر -يضيف رضايان- هو بالضبط عكس ما يدفع نحوه العسكر والانقلابيون بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان الذي أعلن بعد أن أصدر أوامره باعتقال عدد من مؤيدي الانتقال الديمقراطي، أن "بعض الأفراد تم وضعهم رهن الحجز، وهم أفراد يعتقد أنهم يسعون لتقويض الوحدة الوطنية والأمن القومي.. نحن لا نكمم الأفواه، بل نحجب أي صوت يقوّض بشكل مباشر تناغمنا الوطني".

ويؤكد شريف منصور، منسق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "لجنة حماية الصحفيين" بنيويورك، أن "السودان كان من آخر المساحات الإعلامية المفتوحة المتبقية في المنطقة، ورؤية رد الفعل هذا -من قبل العسكر- علامة تنذر بالسوء بالنسبة للبلد والمنطقة أجمع".

ويرى رضايان أن هذه اللحظة التي تعيش فيها منطقة شمال أفريقيا مثل هذا الوضع الهش، حيث الحركات الديمقراطية في كل من السودان وتونس على المحك، هي اللحظة المناسبة للتدخل ودعم حمدوك والديمقراطية في السودان ضد حكم الرجل القوي المدعوم من حلفاء إقليميين.

ويضيف أن الشعب السوداني تذوق طعم الديمقراطية ويتعطش للمزيد، ورغم أن البرهان وقواته قد يحاولون طمس هذه الحقيقة، فإن التحدي الشعبي لاستيلاء الجيش على السلطة بدأ فعليا يتنامى ويتسع مداه.