الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية د. بكري الجاك ـ خاص "راديو دبنقا"


الإتحاد الأوروبي التقى المؤتمر الوطني في القاهرة!!
نرفض مشاركة المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية في العملية السياسية التي تعقب وقف الحرب لهذه الأسباب!!
تراجعنا عن عقد المؤتمر التأسيسي لـ(تقدم) في مباني الإتحاد الأفريقي حتى لا نحرجه!!

أديس أبابا: الخميس 9/ مايو/2024م: راديودبنقا
أجرى الحوار – أشرف عبد العزيز
تعقد اللجنة التحضيرية لمؤتمر تنسيقية القوى المدنية (تقدم) اجتماعات مكثفة هذه الأيام بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا لوضع الترتيبات النهائية لقيام المؤتمر في نهاية مايو الحالي، في وقت تشهد فيه أثيوبيا اجتماعات للاتحاد الأفريقي لشخصيات سودانية للتباحث حول سبل وقف الحرب، فضلاً عن مجهودات الوساطة السعودية الأمريكية لعودة طرفي الحرب في السودان لمنبر جدة التفاوضي.
في هذه المقابلة الخاصة لراديو دبنقا مع المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) د. بكري الجاك يقف على كل هذه التفاصيل فإلى مضابط الحوار.
يرتب الإتحاد الأفريقي لجلسة يشارك فيها شخصيات تمثل القوى السياسية السودانية ربما يكون من بينها المؤتمر الوطني، ما رأيك؟
اعتقد أن هذه الحديث هو إشاعة أكثر من كونه حقيقة، كان لدينا في (تقدم) اتجاه لعقد المؤتمر التأسيسي في مقر الاتحاد الافريقي بأديس أبابا، وعندما علمنا أن الاتحاد الإفريقي على وشك عقد اجتماع بهذا الشكل قررنا صرف النظر لنبعد الحرج عن الإتحاد الأفريقي، وحتى لا يظهر أن له علاقة متميزة بـ(تقدم).
نعلم أن للاتحاد الأفريقي يتجه لاستضافة حوار بين قوى سياسية واسعة، لكن تصوراتنا أن هذا المدخل تم تجربته ولم ينجح، جربنا جمع (لملمة) الأطراف عبر عملية (الكيمان)، والتعامل مع كل القوى السياسية في كتل، وحدثت من قبل محاولة في السلام روتانا، وتم رفضها من القوى الديمقراطية باعتبارها إغراق للعملية السياسية.

ما علاقة الإتحاد الأفريقي باجتماع السلام روتانا؟
تصورات الإتحاد الأفريقي تنبني على أنه يجب أن يجلس كل السودانيين من كافة الأطياف السياسية على طاولة، وأن يتم نقاش جدي حول عملية سياسية تعقب وقف اطلاق النار.
وما العيب في مشاركة كل السودانيين في العملية السياسية؟
ليس هنالك حرج من مشاركة كل شخص غير مدان في مسألة الحوار السوداني السوداني الذي يفضي إلى بناء دستوري مستقبلي، حسب القوانين التي ستنظم العملية الانتخابية، يجب أن يتمتع أي شخص بحقوقه المدنية، وبالتأكيد سيشارك الجميع في صناعة الدستور بما فيهم المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ولكن ذلك في المستقبل.
أما الحديث الآن عن عملية سياسية يتم اشراك المؤتمر الوطني فيها فهذا غير ممكن. أولاً المؤتمر الوطني كحزب سياسي قانونياً محلول، ليس هنالك حزب اسمه المؤتمر الوطني من ناحية قانونية، هنالك حزب اسمه المؤتمر الوطني يعمل في الخفاء ويمتلك آلة عسكرية ويمتلك (مليشيات) وله تأثير سياسي وله قيادة، ونحن نعلم أن هذا واقع.

إذا ماهي الرؤية التي تنطلقون منها للتعامل مع هذا الواقع؟
الوضع الطبيعي وتصوراتنا نحن تحديداً في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وفقاً للرؤية التي اصدرناها في الرابع من ابريل 2024، أن الفصائل التي تشارك في الحرب مقبول إنها تشارك في التفاوض حول الترتيبات الأمنية ووقف إطلاق النار، فلا يمكن أن يكون طرفاً مشاركاً في الحرب ويساعد على اشعالها ويكافأ بأن يكون له حق في تصميم العملية السياسية، ناهيك عن المشاركة في ترتيبات السلطة الانتقالية التي يفتكر بعض الناس أن من حق الإسلاميين والمؤتمر الوطني المشاركة في الحوار حول تصميم العملية السياسية. دلكن يجب أن يُبعَدوا من المشاركة السياسية في هياكل السلطة، وهذا الحديث في حد ذاته بخلاف أنه سيقودنا لمحرقة وباطل، سيجعل الحديث حول هياكل السلطة هو الهدف، وهو الاتهام الذي يتردد منذ مدة أن كل هذه الأطراف تتنافس على السلطة في وقت تتحول فيه البلاد إلى جثة هامدة، وحقيقي هذا حديث مخجل، أن تكون كل تصورات الناس حول من يشارك في هياكل السلطة الانتقالية، كأن المسألة اقتسام كيكة، وتشعرني كأن هنالك جثة هاوية على الأرض ونحن نفكر في تقسيمها.

جوهر الموضوع، أنه لا يمكن مبدئياً أن تقوم عملية سياسية تنهي الحرب وتؤسس لمرحلة طوارئ ومرحلة انتقال دون يكون هنالك مبدأ للمحاسبة، وهذا ما اشرنا له في كل الوثائق التي تقدمنا بها، ابتداءً من وثيقة أسس إنهاء الحرب وإعادة تأسيس الدولة السودانية التي قدمت في أكتوبر والتي خرج منها ما أسميناها خارطة الطريق في ديسمبر، والرؤية السياسية التي تمت اجازتها مؤخراً في اجتماع الهيئة القيادية الذي انعقد مؤخراً، هناك عشرة مبادئ واضحة متعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري، وتتعلق بمبدأ المحاسبة وببرنامج شامل للعدالة الانتقالية.

أعتقد أن منطق الأشياء يقول إن مثل هذا الحوار يقوم به الاتحاد الأفريقي بشكل غير رسمي لفهم مواقف الأطراف وغيره، أما حينما يأتي الحديث عن تصميم العملية السياسية وتحديد أطرافها والمشاركين فيها وقضاياها، نحن موقفنا في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية كان وما زال واضحاً حول مسألة ألا مشاركة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتها. وهذا الموضوع حسم بالنسبة لينا.

المؤتمر الوطني التقى وفد الآلية رفيعة المستوى في بورتسودان والقاهرة؟
يلتقي المؤتمر الوطني مع أطراف دولية ومع ممثلي الإتحاد الأفريقي نحن لا نملك سيطرة على الأمر، ونعلم أن الآلية الرفيعة للاتحاد الأفريقي التقت المؤتمر الوطني في بورتسودان والقاهرة، الاتحاد الأوروبي أيضاً التقى بالمؤتمر الوطني في القاهرة ونحن نعلم ذلك، وخطورة هذا الأمر أنه يمثل اعترافا ضمنيا بشرعية هذا الجسم، الذي تم حله ويجب التعامل معه من منطلق الإدانة وليس من منطق شرعية الوجود.
هناك حجج واهية يستند عليها البعض، أنه طالما المؤتمر الوطني فاعل في اشعال الحرب يجب أن يكون طرفاً في إيقاف الحرب، صحيح، يجب ان يكونوا طرف في مفاوضات وقف اطلاق النار، لأنهم طرف يحمل سلاح.

حقيقة اصبح تعريف من هو الطرف المدني في السودان في غاية التعقيد، هل نعتبر الحركات المسلحة هي قوى مدنية؟ هل حركة مسلحة تحمل السلاح وتقاتل في صف القوات المسلحة الآن وهي ليست رافضة للحرب وتقاتل تحت راية القوات المسلحة، هل تعتبر قوى سياسية مدنية يجب أن تشارك في العملية السياسية؟ أم يجب أن تشارك في الترتيبات الأمنية؟ كل هذه التساؤلات والقضايا لا زالت عالقة.
أنا متأكد أن الوسطاء والأطراف التي تحاول أن تصمم العملية السياسية إذا قررت أن تمضي بعجلة وتسرع والاتجاه (باركوها) ويجب ان يجتمع كل القوم في صالة واحدة.
لا أعتقد أن هذا المنهج يمكن أن يقدم شيئاً للسودانيين. فالسودانيين خسروا كل شيء لم يبق لهم شيء، أحلامهم طموحاتهم بيوتهم ممتلكاتهم ثرواتهم وأسرهم، تقريباً كل شيء قد ذهب، فلا يمكن أن تقول لمن فقد كل شيء أنسى كل ذلك تعال لنبدأ عملية صناعة السلام بمكافأة من أجرم ومن قتل ومن أشعل الحرب.
هذه المعادلة قديمة وفي التاريخ هنالك مفاضلة بين السلام والعدالة، وكثير من الأحيان يتم تأجيل ملف العدالة لصالح السلام وهي فكرة شراء المستقبل على حساب الماضي، نحن بنفتكر تجربتنا كسودانيين في هذا الأمر أثبتت بأنها تجربة فاشلة، لأن كل المحاولات التي كانت تتم لصناعة عمليات سلمية متكاملة تتجاهل مبدأ المحاسبة، وبالعكس تكافئ حملة السلاح بالوظائف والوعود وبنصيب من السلطة والثروة، وهو ما خلق حالة أن حمل السلاح هو السبيل الوحيد لأن يكون للأطراف أي صوت، وهذه المسألة واضحة في الاعتقاد أن من يحمل السلاح هو من يمكنه تحديد مصير ومستقبل السودان.
لكن هؤلاء الطرفين المتقاتلين حينما قاموا بانقلابهم لم يكن لديهم لا العمق السياسي ولا القاعدة الاجتماعية التي تمكنهم من تشكيل نظام سياسي، لذلك استمر الانقلاب في حالة الفشل واضعاف الدولة السودانية.
لكن في ذات الوقت منطق الجلوس في طاولة واحدة يعتبر حل عملي لطي الأزمة وفتح صفحة جديدة؟
منطق جلوس الجميع في طاولة وإعمال هذه الحلول يمكن أن يقودنا لاتفاق الطرفين على مواصلة مسيرة الانقلاب وتشكيل نظام سياسي، وهذا الأمر مرفوض من كل الأطراف.
نحترم وجهة نظر الإتحاد الأفريقي وتصوراته للحلول ومدخله لتبني حلول افريقية للمشاكل الأفريقية ونحترم فكرة دعم مبدأ حوار سوداني سوداني، وهذه الأمور لا خلاف حولها ومقبولة لدينا.
ولكن هنالك ضرورة للتفكير بصورة أكثر عمقاً وإجراء مقاربة لطبيعة التعقيد السياسي في الحالة السودانية، والأبعاد الإثنية والجغرافية والمناطقية التي بدأت تتجه إليها الحرب، هذه القضايا كلها يجب أن توضع في الاعتبار قبل التسرع في قرار اختيار خمسين شخصية سودانية ووضعهم في قائمة ما، الاتحاد الأوروبي قام بهذا الأمر حين دعا 44 شخصية مدنية بصفاتهم الشخصية ووضعهم في قاعة، وكأنما جلوس الناس في قاعة هو الهدف، طبعاً الجلوس هو مبدأ أول، ولكن الجلوس ما كان فيه مشكلة، القوى السياسية ما كانت رافضة بعض، ما اعتقد بصورة شخصية في شخص رافض أن يجلس مع أي طرف، السؤال هو على أي شرط يجلس الناس؟ وما هي الأجندة؟ وما هو المرجو؟ وما هي الأهداف الكلية التي من أجلها ينعقد أي نوع من أنواع مثل هذا الحوار؟
في تقديرنا الإتحاد الأفريقي ربما يمضي في هذا الأمر وربما يتعلم من تجربة الإتحاد الأوروبي وربما ندخل في حوارات جادة لتحديد شروط العملية السياسية، ويجب أن تمرحل.
كيف تمرحل؟
ما كل الأطراف يجب أن تشارك في ذات المرحلة، هناك أطراف تُشرك في وقف إطلاق النار، وأخرى تُشرك في تصميم عملية سياسية وملف المحاسبة والعدالة، إلى أن نصل لمسألة صناعة الدستور الدائم والتي لا يحق لأحد أن يمنع أي سوداني من المشاركة فيها.
هنالك حديث يقال إنه طالما أن الإسلاميين بهذه القدرة والفعالية لماذا لم يشركوا في التفاوض؟
ليس هنالك جهة ترفض مشاركة الإسلاميين في التفاوض في وقف إطلاق النار.. طالما لديك جيش أو تأثير على الجيش، بعيداً عن الجدلية حول كون الجيش كله إسلاميين أم لا، طالما أنت تحارب في هذه الحرب فأن طرف في أي تفاوض حول وقف إطلاق النار.. فالحديث ليس عن مشاركة الإسلاميين في التفاوض ولكن حول لماذا لا نصل مع الإسلاميين على اتفاقيات وDEAL؟ وهذا هو المعنى، طالما أن الحجة هي صناعة السلام على حساب كل المبادئ، يمكن الناس أن تطرح للإسلاميين العودة ليحكموا البلاد مرة أخرى ويعودوا إلى السلطة بعد كل هذا الخراب والدمار وكل ما فعلوه طوال ثلاثين عاماً، فقط يعطونا سلاماً.
منطق الأشياء يقول حتى الإسلاميين ليس لديهم القدرة على إعطائنا سلاماً، ونظام الإسلاميين إذا كانت لديه القدرة على الاستمرار لم ينهار، هذه فسيفساء من التعقيد السياسي اصبح ليس لديها القدرة على صناعة المجد أو صناعة المستقبل، هي فقط لديها القدرة على التخريب. ونحن كل ما نرجوه من العملية السياسية، إنها تعيد الصواب لهذه المجموعة، بأن يكونوا جزء من القوى السياسية وجزء من الأسرة السودانية الكبيرة ويكون لديهم رغبة للمشاركة في تأطير مشروع وطني بناء يعبر عن كل تطلعات السودانيين، وأن تقف عمليات التخريب.
نحن نعلم أنه من الصعب إنك تشحذ الهمة للبناء ولكن من السهل أن يخرب أربعة أفراد بلداً كاملاً.. وهذه مسألة معقدة ونحن نراها الآن تصمم، عن طريق عمل الاستخبارات، والحشد المناطقي، والفتنة التي تتم بين مجموعات إثنية متناقضة أصلاً لعوامل تاريخية، وهذا لا يتطلب جهداً كبيراً.
نحن نتطلع بأن يتحول مجهود المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية من معول للهدم إلى آلة للبناء، وأن يكون التفكير هو كيفية القطيعة للماضي، والقبول بحقيقة موضوعية واحدة هي أنك لا تستطيع أن تحكم هذا البلد.. حتى إذا تجاوزنا مسألة رفض السودانيين، فأنت وصلت مرحلة من عدم القدرة على تصريف شئون البلاد لأن الفساد وصل في عهدك قمته، والتناقضات الداخلية للنظام والصراعات المستفحلة بين أطراف النظام البائد لهذا المستوى من التناحر.
الآن هم يبحثون عن صيغة لتوحيد أنفسهم تحت مظلة خطاب المظلومية والإقصاء، وأنه كان هنالك فترة انتقالية بها دكتاتورية قوى سياسية غير منتخبة.. وكأنما المؤتمر الوطني ظل يحكم ثلاثين عاماً وهو منتخب من الشعب.
هذا الجدل لا يقدم ولا يؤخر، وهو محاولة لذر الرماد في العيون وتحميل مسئولية فشل المرحلة الانتقالية لقوى سياسية بحكم أنها مستبدة، ونحن نعلم أن خلال المرحلة الانتقالية القوى الديمقراطية وقوى الثورة لم تكن تمتلك الكثير من القدرة على الإقصاء، هي كانت غير قادرة على تحقيق أهدافها السياسية، ناهيك عن إنها تقدر تفرض شروط اللعبة السياسية.
وهذا كله له علاقة بهذه الحرب والتي تعتبر محاولة لتوزيع دم فشل الفترة الانتقالية بين القبائل ومحاولة للتخلص عن أي سؤال عن الماضي وتصفير العداد السياسي لنبدأ من جديد.. (عشان كدا بجي كلام) عن أن الإتحاد الأفريقي يدعو كل السودانيين وخلاص (باركوها) ويجب أن لا نفكر في الماضي، وطبعاً هذا حديث صحيح وخطأ في نفس الوقت، لأنه يتوقف على مبدأ التفكير في المستقبل بالتعلم من الماضي وتجاوز اخطاءه دون محاسبة.. لابد أن يكون هنالك مبدأ للمحاسبة وبرنامج للعدالة الانتقالية ومساءلة كل من أجرم في حق الشعب السوداني.. هذا لابد أن يتم في نفس المستوى من التنسيق مع إطلاق عملية سياسية ترنوا إلى المستقبل، لإعادة تأسيس الدولة السودانية وفق أسس جديدة تضمن مشاركة كل السودانيين في تخليق مشروع وطني يعبر عن كل تطلعاتهم.

Welcome

Install
×