في حالة الاحتقان الراهنة ..

بقلم: د. النور حمد
كتبت في عمودي ليوم أمس أننا بحاجة إلى عقد وطني جديد مع الجيش. وقلت إنني سوف أناقش ما ورد على لسان السيد المستشار الإعلامي لرئيس المجلس السيادي الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، العميد الطاهر أبو هاجة، الذي قال فيه: «في ظل وجود المهددات الأمنية المتكررة وعدم ارتكاز القرار السياسي على البعد الأمني بأبعاده الوطنية ستستمر معاناة الشعب خلال الفترة الانتقالية، وستتعثر الفترة الانتقالية في الوصول لأهدافها المنشودة». تساءلت في نفسي أول ما قرأت هذه الجمل: كيف يكون: «عدم ارتكاز القرار السياسي على البعد الأمني بأبعاده الوطنية»، سببًا للنتيجة التي صورها العميد أبو هاجة، بقوله: «ستستمر معاناة الشعب خلال الفترة الانتقالية». ما هي العلاقة الشرطية بين الإثنين؟ هل يعني هذا: عليكم أن تتركونا ندير الدولة بمفردنا بنهج أمني صرف، فإن لم ترضوا بذلك، فأبشروا بالمعاناة في معيشتكم اليومية؟ وقد قال العميد أبو هاجة إضافةً إلى ذلك: «وستتعثر الفترة الانتقالية في الوصول لأهدافها المنشودة». يعني ذلك، باختصار، إذا لم نسلم نحن المدنيين بأن يدير الجيش الفترة الانتقالية بمفرده، وفق نهج أمني صرف، فلا ينبغي أن نحلم بعيش بلا عسر، أو إكمال للفترة الانتقالية، وفقًا لما جاء في الوثيقة الدستورية وما جاء، أيضًا، في اتفاق جوبا الذي جرى توقيعه بالأمس مع الحركات المسلحة.
دعونا نقرأ المشهد الراهن في كليته، مصطحبين معنا ما قاله حمدوك، من أن الدولة لا تتحكم سوى في 18% من جملة المداخيل العامة، ودعونا نقرن ذلك بخطاب الفريق البرهان الغاضب الذي أظهر فيه عدم استعداد الجيش للتفاوض حول إعادة ولاية كل المال العام إلى إشراف الدولة، ورفضه بالتالي خضوعه للمراجعة من جانب المراجع العام. ودعونا نضيف إلى ذلك، دفاع البرهان المستميت عن قوات الدفاع الشعبي، التي لم تكن في حقيقتها سوى مليشيا حزبية عملت على تثبيت أركان النظام السابق المستبد الفاسد. ودعونا نضيف إلى ذلك، أيضًا، محاولة حزب الأمة والمؤتمر الشعبي تكوين حاضنة جديدة للحكومة. ألا يبدو أن هناك رابطًا عضويًا بين جميع هذه التململات، وأن وراء الأكمة ما وراءها؟
ينشأ مما تقدم سؤال وهو: أين سيكون موضع الدكتور عبد الله حمدوك في هذا البساط الأحمدي؟ هل سيبقى مع أجندة الثورة ومع جمهور الثورة، أم أنه أصيب بالقرف من حاضنته السياسية ومن شلة مزرعته، كما أُصبنا، وربما وجد نفسه مضطرًا ليركن للحاضنة الجديدة التي هي قيد التكوين ليضمن للفترة الانتقالية فرصة إكمال مدتها؟ وهناك سؤال آخر: ماذا ستصنع الأحزاب الأيديولوجية الصغيرة التي اختطفت مقود الثورة في لحظة غفلة من الثوار وانفردت بإصدار القرارات الهلامية التي لا تأثير لها على أرض الواقع ففقدت بذلك جمهور الثورة أو تكاد؟ فلا التمكين جرى تفكيكه كما ينبغي ولا معاش الناس أصبح ميسورًا، ولا أمنٌ جرى استتبابه. بل سارت الأمور في كل أولئك، عكس ما كان الناس يينتظرونه، وبصورةٍ بالغة الفظاعة.
ظللت باستمرار أرى ألا فرق بين نخبنا السياسية، سواءً أن كانت في اليمين، أو في اليسار. فالعقلية المعلولة واحدة، فهي يسيطر عليها العُجب بالذات ونزعة الانفراد، إضافة إلى الانغماس في نهج المكر وتبادل الثأرات. رغم توقيع اتفاق السلام بالأحرف الأولى في جوبا، الذي يبعث في ظاهره على الأمل في أن تستقر الفترة الانتقالية، ونرجو أن يحدث ذلك، إلا أن هناك من الشقاق والتدابر ومن فوحان روائح المكر ما قد لا يترك الأمور تسير على ما يرام. وستتواصل قراءة ما يجري.

بقلم: د. النور حمد

كتبت في عمودي ليوم أمس أننا بحاجة إلى عقد وطني جديد مع الجيش. وقلت إنني سوف أناقش ما ورد على لسان السيد المستشار الإعلامي لرئيس المجلس السيادي الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، العميد الطاهر أبو هاجة، الذي قال فيه: «في ظل وجود المهددات الأمنية المتكررة وعدم ارتكاز القرار السياسي على البعد الأمني بأبعاده الوطنية ستستمر معاناة الشعب خلال الفترة الانتقالية، وستتعثر الفترة الانتقالية في الوصول لأهدافها المنشودة». تساءلت في نفسي أول ما قرأت هذه الجمل: كيف يكون: «عدم ارتكاز القرار السياسي على البعد الأمني بأبعاده الوطنية»، سببًا للنتيجة التي صورها العميد أبو هاجة، بقوله: «ستستمر معاناة الشعب خلال الفترة الانتقالية». ما هي العلاقة الشرطية بين الإثنين؟ هل يعني هذا: عليكم أن تتركونا ندير الدولة بمفردنا بنهج أمني صرف، فإن لم ترضوا بذلك، فأبشروا بالمعاناة في معيشتكم اليومية؟ وقد قال العميد أبو هاجة إضافةً إلى ذلك: «وستتعثر الفترة الانتقالية في الوصول لأهدافها المنشودة». يعني ذلك، باختصار، إذا لم نسلم نحن المدنيين بأن يدير الجيش الفترة الانتقالية بمفرده، وفق نهج أمني صرف، فلا ينبغي أن نحلم بعيش بلا عسر، أو إكمال للفترة الانتقالية، وفقًا لما جاء في الوثيقة الدستورية وما جاء، أيضًا، في اتفاق جوبا الذي جرى توقيعه بالأمس مع الحركات المسلحة.

دعونا نقرأ المشهد الراهن في كليته، مصطحبين معنا ما قاله حمدوك، من أن الدولة لا تتحكم سوى في 18% من جملة المداخيل العامة، ودعونا نقرن ذلك بخطاب الفريق البرهان الغاضب الذي أظهر فيه عدم استعداد الجيش للتفاوض حول إعادة ولاية كل المال العام إلى إشراف الدولة، ورفضه بالتالي خضوعه للمراجعة من جانب المراجع العام. ودعونا نضيف إلى ذلك، دفاع البرهان المستميت عن قوات الدفاع الشعبي، التي لم تكن في حقيقتها سوى مليشيا حزبية عملت على تثبيت أركان النظام السابق المستبد الفاسد. ودعونا نضيف إلى ذلك، أيضًا، محاولة حزب الأمة والمؤتمر الشعبي تكوين حاضنة جديدة للحكومة. ألا يبدو أن هناك رابطًا عضويًا بين جميع هذه التململات، وأن وراء الأكمة ما وراءها؟

ينشأ مما تقدم سؤال وهو: أين سيكون موضع الدكتور عبد الله حمدوك في هذا البساط الأحمدي؟ هل سيبقى مع أجندة الثورة ومع جمهور الثورة، أم أنه أصيب بالقرف من حاضنته السياسية ومن شلة مزرعته، كما أُصبنا، وربما وجد نفسه مضطرًا ليركن للحاضنة الجديدة التي هي قيد التكوين ليضمن للفترة الانتقالية فرصة إكمال مدتها؟ وهناك سؤال آخر: ماذا ستصنع الأحزاب الأيديولوجية الصغيرة التي اختطفت مقود الثورة في لحظة غفلة من الثوار وانفردت بإصدار القرارات الهلامية التي لا تأثير لها على أرض الواقع ففقدت بذلك جمهور الثورة أو تكاد؟ فلا التمكين جرى تفكيكه كما ينبغي ولا معاش الناس أصبح ميسورًا، ولا أمنٌ جرى استتبابه. بل سارت الأمور في كل أولئك، عكس ما كان الناس يينتظرونه، وبصورةٍ بالغة الفظاعة.

ظللت باستمرار أرى ألا فرق بين نخبنا السياسية، سواءً أن كانت في اليمين، أو في اليسار. فالعقلية المعلولة واحدة، فهي يسيطر عليها العُجب بالذات ونزعة الانفراد، إضافة إلى الانغماس في نهج المكر وتبادل الثأرات. رغم توقيع اتفاق السلام بالأحرف الأولى في جوبا، الذي يبعث في ظاهره على الأمل في أن تستقر الفترة الانتقالية، ونرجو أن يحدث ذلك، إلا أن هناك من الشقاق والتدابر ومن فوحان روائح المكر ما قد لا يترك الأمور تسير على ما يرام. وستتواصل قراءة ما يجري.