عودة الأمان للسودانيين بمعسكر كرياندونغو بعد تدخل الجيش اليوغندي

سودانيون اصيبوا في هجمات شنها لاجئون من جنوب السودان في معسكر كرياندنغو باوغندا-يوليو 2025-وسائل التواصل

سودانيون اصيبوا في هجمات شنها لاجئون من جنوب السودان في معسكر كرياندنغو باوغندا-يوليو 2025-وسائل التواصل

كمبالا: 14 يوليو 2025: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو
عاد هدوء حذر للأوضاع في معسكر كرياندونغو للاجئين بمقاطعة (بيالي) شمالي البلاد، بعد أن اتخذت الحكومة الأوغندية اجراءات صارمة لمواجهة موجة الاعتداءات التي شنتها مجموعات من الشباب اللاجئين من مجتمع قبيلة النوير على اللاجئين السودانيين أيام ليلتي (الخميس والجمعة) الماضيتين، والتي اسفرت عن مقتل لاجئ سوداني واصابة نحو 30 آخرين بينهم حوالي 6 اصابات وصفت بالخطيرة، حيث تدخلت السلطات بنشر قوات كبيرة من الجيش والشرطة واعلان حظر التجوال في ارجاء المعسكر.


وجاء إعلان حظر التجول عقب اجتماع ضم مسئولين حكوميين وقادة الجيش والشرطة ومدير مكتب رئيس مجلس الوزراء وممثلي المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للامم المتحدة والمنظمات الدولية، بجانب قادة اللاجئين السودانيين والجنوب سودانيين، وبحث الاجتماع تداعيات الهجمات وكيفية وضع حد لها ومنع تكرارها مرة أخرى.

قرارات حاسمة



وقال نائب رئيس المكتب القيادي للاجئين السودانيين بالمعسكر عثمان آدم في تصريحات صحفية ان الاجتماع اتخذ قرارات حاسمة لضمان الأمن والاستقرار في المعسكر، أبرزها: فرض حظر التجول من الساعة السابعة مساء حتى السابعة صباحا، وأن يتولى الجيش الأوغندي مراقبة تنفيذ القرارات، وإن يستخدم الجيش كافة الوسائل اللازمة لضمان الامتثال التام لموجهات حظر التجوال، بجانب اجراء تحقيق شامل في الاعتداءات شنتها المجموعات من قبيلة النوير على اللاجئين السودانيين خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأشار عثمان ان قادة مجتمع النوير أبدوا تعاونا كاملا لدعم جهود القبض على المجرمين، مشيرين الى ان جزءاً كبيراً منهم غير متواجدين في تجمعاتهم الحالية.

اسباب الاعتداءات



في الاجتماع الموسع الذي ضم مسئولين في الحكومة الأوغندية وممثلي وكالات الأمم المتحدة ومجتمعي اللاجئين السودانيين وقادة مجتمع قبيلة النوير، أقر الأخيرون بأن المشكلة الاساسية وراء اعتداءات شبابهم هي نزاع على الأراضى الزراعية التي تم توطين اللاجئين السودانيين فيها مؤخراً. وكانت السلطات اليوغندية بالتنسيق مع المفوضية السامية لشئون اللاجئين قد قررت توطين اللاجئين السودانيين في معسكر كرياندونغو في أواخر العام 2023م حيث ملكت كل أسرة مساحة سكنية تبلغ 400 متر، وقد إضطرت المفوضية الى تمليك اللاجئين السودانيين بعض الاراضي التي كان يستغلها اللاجئون من دولة جنوب السودان للزارعة وتوفير ما يحتاجون من قوت.


بينما أبدى قادة اللاجئين السودانيين رفضهم للتبريرات التي ذكرها قادة مجتمع قبيلة النوير، مشيرين الى ان مسألة تقاسم الأراضى والموارد في المعسكر هي شأن يمكن أن تبت فيه الحكومة الاوغندية. بينما اشار اللاجئي نور الدين محمد سليمان لراديو دبنقا الى ان البعض يتحدث عن أن اسباب الاعتداء هي الاوضاع الانسانية المزرية المتمثلة في ضعف الخدمات، ونقص الغذاء واخراج أعداد كبيرة من الأسر من الدعم الغذائي نسبة كبيرة منهم من لاجئي جنوب السودان، لكنه قلل من هذا السبب بقوله “تقليل حصص الغذاء ربما يكون سبب لكنه ليس رئيسياً، ورجح أن تكون هذه الأحداث ذات علاقة بتطورات الأوضاع السياسية الداخلية في جنوب السودان او في أوغندا” واضاف: هناك الكثير من المؤشرات تستدعي ان تكون اسباب هذه الاعتداءات معقدة، خاصة ان أعداد الشباب المشاركين في الهجمات المتكررة تصل اعدادهم الى المئات، الأمر الذي يدل على انها هجمات مخطط لها.

مطالب السودانيين



واثناء الاجتماع تقدم اللاجئون السودانيون بجملة من المطالب التي تصب في اعاداة الاستقرار في المعسكر وعدم تكرار هذه الهجمات، وقال عثمان ان قادة اللاجئين السودانيين شددوا على ضرورة تشكيل فريقا قانونيا لاسترداد حقوق ضحايا الاعتداءات، بجانب مطالبتهم بضمانات واضحة للمحافظة على أمن واستقرار اللاجئين وحمايتهم بواسطة السلطات الاوغندية. كما طالبوا بفصل مجتمعي اللاجئين (السودانيين والجنوب سودانيين) باقامة نقاط ارتكاز أمنية لمنع الاحتكاكات بينهم.


وفيما يتعلق باجراءات دفن جنازة القتيل، قال عثمان ان السلطات وافقت على طلب اللاجئين السودانيين بضرورة تشريح الجثة واصدار تقرير طبي يوضح سبب الوفاة، واصدار شهادة وفأة رسمية، موضحا ان عملية دفن الجنازة ستتم يوم غد الاثنين بكلستر C وسط اجراءات أمنية بواسطة القوات النظامية.

هدوء نسبي



وقد أدت الاجراءات والضوابط التي وضعتها الحكومة الاوغندية الى هدوء الاحوال الامنية بالمعسكر، ولم تشهد ليلة امس أي محاولات للتجدد الاعتداءات على اللاجئين السودانيين، وقال أحد اعضاء المكتب القيادي للاجئين حسن عثمان لراديو دبنقا ان الوضع الأمني بات مستقراً بعد حملات التمشيط الواسعة التي نفذتها قوة مشتركة من الجيش والشرطة الاوغنديين، على خلفية حظر التجوال الذي تم الاعلان عنه في المعسكر من السابعة مساء الى السابعة صباحاً، مشيراً الى ان اللاجئين في كل الكلسترات التزموا تماماً ولم تكن هناك أي حركة خلال ساعات الليل.

نزوح ومخاوف



رغم ان الأوضاع في طريقها الى الاستقرار بالمعسكر الا ان بعض الكلسترات شهدت نزوحاً واسعاً للاجئين السودانيين، وقال حسن ابوه ان المخاوف من تجدد الاعتداءات دفعت اعداد كبيرة من السودانيين الى النزوح الى كلسترات اخرى وبعضهم الى المدن القريبة والبعض نزح الى العاصمة كمبالا، مشيراً الى نزوح اكثر من 90% من اللاجئين بكلستر(L شرق ) بجانب كلسترات (B، C، G) وذكر ان اللاجئين المقتدرين غادروا الى بعض المدن، بينما نزح غير المقتدرين الى كلسترات اخرى، وأضاف “لا زالت هناك اسر تتحدث عن رغبتها في الخروج من المعسكر”.

غياب عن المدارس



الاعتداءات على اللاجئين السودانيين في معسكر كرياندونغو بمقاطعة (بيالي) خلال الايام الثلاثة الماضية أجبرت الأسر السودانية على منع ابنائها من الذهاب الى المدارس بسبب المخاوف من التي خلفتها تلك الاعتداءات، وقال أحد الاساتذة الاوغنديين بمدرسة (إماتونغ) وسط المعسكر، ان اغلب طلاب المدرسة سودانيين، لكنهم لم يأتوا اليوم الى المدرسة، واضاف لراديو دبنقا “لم يأتوا لأنهم خائفون” مشيراً الى ان بعض أبناء اللاجئين من قبيلة النوير كذلك لم يأتوا الى المدرسة.

ردود الفعل



أثارت الهجمات على اللاجئين السودانيين بمعسكر كرياندونغو ردود فعل واسعة، فبجانب تحرك السلطات الاوغندية لحسمها، ادانت منظمات واجسام حقوقية الاحداث وتعريض حياة اللاجئين للمخاطر، وطالب تحالف المدافعين عن حقوق الإنسان في السودان الحكومة الأوغندية ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) والجهات الفاعلة ذات الصلة، بضمان الحماية الفورية والفعالة لساكني المعسكر، و تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للكشف عن الأسباب الجذرية للحوادث ومعالجتها، وضمان المساءلة، ومنع تكرارها، كما طالب بتفعيل آليات الإنذار المبكر والاستجابة السريعة، وتقديم الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية العاجلة، مع إيلاء اهتمام خاص للمصابين والناجين والفئات الأكثر ضعفاً (بما في ذلك النساء والأطفال).


بينما دعت مجموعة محامي الطوارئ الحكومة الأوغندية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية اللاجئين السودانيين، وفتح تحقيق شفاف وشامل في هذه الاعتداءات، ومحاسبة المتورطين فيها. كما حثت جميع الدول المستضيفة للاجئين السودانيين على الالتزام الكامل بتعهداتها القانونية والإنسانية، وضمان عدم تعرّضهم للعنف أو التمييز. كما طالبت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكافة المنظمات الدولية المعنية بضرورة اضطلاع بدورها في تقديم الحماية الفاعلة، وتعزيز حضورها الميداني داخل المستوطنات، خاصة في المناطق التي تشهد توترًا أو عنفًا.

Welcome

Install
×