الجوع في جبال النوبة

كادقلي 20 مايو 2024: دبنقا

يعيش سكان مقاطعة الريف الشرقي بإقليم جبال النوبة (المنطقة الواقعة بين الدلنج وهبلا وكادوقلي في مناطق سيطرة الحركة الشعبية) لأوضاع إنسانية سيئة بسبب عدم وصول أي مساعدات إنسانية إليهم وإغلاق الطرق التجارية التي تصل إلى المنطقة بسبب اتساع نطاق الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق جنوب كردفان.

ويواجه أكثر من 50 ألف مواطن في مناطق “صبوري” و “لقوري” خطر الموت بسبب نقص الغذاء والدواء.

وفق شهادات تحصل عليها راديو دبنقا فإن السكان يعتمدون حاليا على ثمار شجرة الدوم كغذاء رئيسي لهم بالإضافة إلى ورق وثمار شجرة اللالوب.

فشل الموسم الزراعي

ويأتي ذلك على خلفية فشل الموسم الزراعي السابق بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة وآفة الجراد الطيور التي قضت على أغلب المحاصيل التي تمت زراعتها وفي مقدمتها الذرة التي تمثل الغذاء الرئيسي لسكان المنطقة. وازداد الموقف تعقيدا بعد أن فر أكثر من 36 ألف مواطن من مناطق سيطرة الحكومة نتيجة للقتال الدائر هناك إلى مناطق سيطرة الحركة واستقروا في منطقتي “صبوري” و “لقوري” ما قلل فرص الوصول للغذاء.

ويضطر السكان للتحرك لمناطق بعيدة في رحلة تستغرق 8 ساعات سيرا على الأقدام ليلتقطوا الثمار من الغابات المحيطة بالمنطقة. ويضطر البعض قضاء الليل في الغابة ليعودوا في اليوم الثالث بسبب صعوبة الرحلة. ويشارك السكان بشكل واسع في هذه الرحلات الشاقة باستثناء الأطفال وكبار السن الذين يبقون في المنازل دون طعام لحين عودة ذويهم. وقد تم رصد حالات من الاسهالات المائية بسبب تكرار تناول الثمار البرية وظهور حالات لسوء التغذية. ويتواجد في المنطقتين أكثر من 90 طفلا فاقدين للأبوين ما يفرض على الآخرين العناية بهم.

مصدر واحد للمياه

كما تعاني مقاطعة الريف الشمالي من نقص في المياه، حيث يضطر السكان للمشي على الاقدام لمدة ساعتين من أجل الوصول إلى أقرب حفير للماء حيث يشرب الإنسان والحيوان من نفس مصدر المياه. ويقوم الأطفال بجمع بذور شجرة الحميض من داخل زرائب المواشي ويقومون بكسرها لتناول ما بداخلها.

وأكدت رانيا ونزا، سكرتير الإعلام والناطق الرسمي باسم حكومة الإقليم، أن المواطنون في المنطقة يواجهون خطر الموت بسبب انعدام الذرة وفشل الموسم الزراعي السابق. وأشارت في حديث لراديو دبنقا أن المواطن يعتمد فعلا على ثمرة الدوم التي تطبخ كمديدة كغذاء رئيسي حاليا، وأن حالات سوء التغذية والاسهالات المائية تسببت في وفاة أكثر من 40 طفلا و 11 من كبار السن خلال الشهرين الأخيرين.

وطالبت بتدخل عاجل وفوري لتوفير الغذاء للمواطنين محذرة من حدوث موت جماعي للمواطنين. وناشدت المنظمات والوكالات الأممية بالتدخل بشكل عاجل من أجل إنقاذ الوضع في الريف الشرقي لنحافظ على من تبقى من السكان في المقاطعة.

من جانبه، وصف المك جادين التوم كودي، مك منطقة “لقوري”، الوضع في المنطقة بالوضع المأسوي وأن الدوم هو الغذاء الرئيسي للسكان الآن بسبب انعدام الذرة ويحتاج الحصول عليه إلى رحلة تستغرق 16 ساعة ذهابا وإيابا. كما يتناول السكان ورق شجرة اللالوب وورق شجرة عرق النبي. ونوه في حديث لراديو دبنقا إلى أن تكرار تناول هذا النوع من الوجبات يتسبب في انتشار الأمراض خصوصا وسط الأطفال وكبار السن والنساء الحمل.

تدفق أعداد كبيرة من النازحين نحو المنطقة

وأكد المك جادين التوم كودي في حديث لراديو دبنقا أنه ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، تدفقت أعداد كبيرة من النازحين إلى مناطق الريف الشرقي ويتركزون حاليا في معسكر “ابونق” ووصل عددهم حاليا إلى 36 ألف شخص ويتقاسمون نفس المصاعب مع سكان المنطقة. ونوه إلى أن هناك حفير واحد للمياه، غير مسور، في المنطقة وأن مياه الحفير ملوثة وغير صالحة للشرب بالنظر إلى أنه مصدر الشرب الوحيد للإنسان والحيوان في غياب الدوانكي (المضخات) التي توفر المياه النقية.

لا تعليم مع الجوع

وحول مشاكل التعليم، أوضح مك منطقة لقوري لراديو دبنقا أن التعليم والجوع يسيران في خطين متوازيين وأن الطالب الجائع لا يمكن أن يستوعب الدروس. وبالتالي فإن استمرارية التعليم مرتبطة بحل مشكلة الغذاء. كما أن هناك مشاكل مرتبطة بالمنهج حيث تستخدم اللغة الإنجليزية كوسيط في مناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال، وهناك نقص كبير في المعلمين ونحتاج إلى توفير المعلم المؤهل حتى تستمر العملية التعليمية. وأضاف أن العملية التعليمية بكل مراحلها متوقفة الآن بالكامل ما يتطلب تدخلات عاجلة، كما تم دمج المراحل المختلفة وهو أمر يعيق مواصلة الدراسة.

وناشد المك جادين التوم كودي المنظمات العاملة في المجال الإنساني لتقديم المساعدات للنازحين المتواجدين في معسكر “ابونق” ومواطني الريف الشرقي لأن انعدام الغذاء أصبح مهدد كبير. وأضاف أن هناك ضرورة للتدخل إلى خلال فترة أسبوع لتفادي حصول المزيد من الوفيات خصوصا وسط الأطفال وكبار السكن.

الحرب هي السبب الرئيسي للكارثة الإنسانية

أما أدم بلة أبورقبة، محافظ مقاطعة الريف الشرقي، فقد وصف الوضع الإنساني في المقاطعة بالمزري وأن الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هي السبب الرئيسي في وصول الأوضاع إلى ما هي عليه حاليا. وقال في حديث لراديو دبنقا إن نتائج الحرب كانت كارثية على كل السودانيين وخصوصا لجهة نزوح ملايين السودانيين وقد وصلت أعداد كبيرة من النازحين إلى الريف الشرقي وخصوصا من الذين فروا من المعارك في مدينة كادوقلي.

وأضاف محافظ مقاطعة الريف الشرقي إلى أن هذا النزوح الكثيف مثل عبئا ثقيلا على المنطقة خصوصا بعد فشل الموسم الزراعي السابق. ويتركز النازحون في معسكر كبير داخل المقاطعة وتعتبر معاناتهم امتداد لمعاناة سكان المنطقة متوقعا استمرار نزوح المواطنين طالما أن الحرب لم تتوقف.

وفيما يتعلق بالخدمات الصحية في المنطقة، أوضح أدم بلة أبورقبة أن هذه المقاطعة الشاسعة فيها مركز صحي واحد ويتواجد فيه مساعد طبي ولا تتوفر فيه الأدوية وما هو متوفر منها أدوية إسعافات أولية لا تستجيب لاحتياجات المواطن. كما أن هناك نقص في أدوية الأطفال الأمر الذي يقود إلى حالات وفاة وسط الأطفال.

Welcome

Install
×