السودان ضد ( داعش )

بينما عامة الناس في السودان مشغولون بأمر الزيادات الكبيرة في أسعار الماء والسكر والخبز، والتي أعلنت الحكومة أنها ستفرضها مرغمةً لمواجهة العجز في الميزانية،

 

 

بقلم : عبدالله عبيد حسن

 

بينما عامة الناس في السودان مشغولون بأمر الزيادات الكبيرة في أسعار الماء والسكر والخبز، والتي أعلنت الحكومة أنها ستفرضها مرغمةً لمواجهة العجز في الميزانية، خرج عليهم السلفيون، أول خروج علني لهم مع علَم «داعش» وشعاراتها ولغة الخطاب الذي ظل الخطيب يكرره لساعات مصحوباً بصيحات التكبير من جمهور مستمعيه. وربما كان ذلك التجمع الذي أقامه السلفيون في ميدان عام في الخرطوم مفاجأة لكثير من عامة السودانيين، لكنه ما كان ينبغي أن يفاجئ الحكومة التي لا تتردد في مضايقة الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية إذا ما أرادت إقامة اجتماعات عامة لمخاطبة المواطنين!

الاجتماع الذي أقامه السلفيون تحت علم وشعارات «داعش»، كان مفاجأة لكثير من السودانيين بلا شك، لكننا نعلم أن السلطات تتابع وترصد نشاط «داعش» في السودان، والذي التحق بفرعه الرئيسي في العراق وسوريا شباب سودانيون، قتل منهم من قتل، وأصبح أمرهم معلوماً للناس كافة. وكانت بعض أصابع الاتهام قد وجهت للسلطات بغض الطرف عن خروج أولئك الشبان، أو على الأقل بفشل أجهزتها الأمنية في القيام بواجبها.

الاجتماع العام الأول لـ«داعش» في الخرطوم، قام منظموه باستعراض قوتهم وإرهاب الناس وتهديد الصحفيين ومخاطبة الحكومة وتحديد مطالب بلغة لم يسمعها الناس من سلفيي السودان سابقاً، حيث تحدث خطيب الاجتماع عن زيارة قام بها لـ«إخوانه المجاهدين الأبطال المعتقلين في سجن كوبر»، وقال: «إن إخوانكم في الأسر يقرؤونكم السلام ويطمئنونكم إلى أنهم يواصلون العمل في المعتقل كما خارجه، وقد جندوا حتى الآن في سجن كوبر قوة من المجاهدين قوامها ثلاث عشرة كتيبة»، مما أثار فرح الحاضرين. ورغم أنها دعاية فاشلة، فإن الرسالة قد وصلت لمن أراد أن يوجهها لهم.

وبالنسبة للصحافة والصحفيين فقد وجه الخطيب رسالة خطيرة حين زعم أن الصحافة «الخائنة والعميلة هي عدوة لله ورسوله»، مدعياً أنها تنشر بين الناس الأكاذيب والبدع والمحرمات!

أما لماذا هذا العداء الحاد والتهديد الخطير للصحفيين السودانيين؟ فذلك لأنهم كانوا وما زالوا ينشرون حقائق التكفيريين المتطرفين.

أما رسالة خطيب الاجتماع للحكومة فكانت واضحة، لكن بحدة أقل من رسائله الأخرى، حيث قال: «رسالتنا للحكومة تتمثل في مطالبنا منها، وأولها أن تفرج عن أسرانا لديها»، ثم أضاف: «نريد من الحكومة أن تفهم أن هنالك آلاف الشباب والشابات مستعدون لحمل الرسالة، وعليها ألّا تقف في طريقهم».

في ذلك الاجتماع كثير من الإعلان والتصريح حول مواقف السلفيين السودانيين من المنتمين لمنهج «داعش» الإرهابي، وهو موضوع يحتاج أكثر من مقالة واحدة (من يريد الإطلاع على كامل ما جرى خلال الاجتماع والنظر في الأجواء التي صاحبته، فيسجد ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي).

إن الأمر الذي يهمنا هنا هو السؤال عن موقف الحكومة، والتي يفترض أنها مسؤولة عن حماية أرواح رعاياها، ومنهم الصحفيون السودانيون، واتخاذ خطوات في مواجهة التهديدات والاتهامات التي وجهها خطيب الاجتماع للصحفيين السودانيين!

الحقيقة أن السؤال يتعدى ذلك إلى التنبيه على هذا السرطان الذي يحاول الانتشار في جسم الشعب السوداني بصورة لم يعهدها من قبل، فماذا نحن فاعلون لمواجهة «داعش»؟