صوصل يكشف لـ ” دبنقا” كواليس (أبو قرجة): فسيفساء سودانية صاغها ثلاثة مبدعين
القاهرة – أشرف عبدالعزيز
في حوار خاص وحصري مع “راديو دبنقا”، أزاح الفنان والدرامي القدير سيد صوصل الستار عن الحكاية الكامنة وراء أغنية (أبو قرجة)، العمل الأيقوني الذي اشتهرت به فرقة “عقد الجلاد”. وأوضح صوصل أن الأغنية لم تكن وليدة قلم واحد، بل هي ثمرة تعاون إبداعي مشترك جمع بين الشاعر الراحل محمد المكي إبراهيم، والموسيقار عثمان النو، وبينه هو شخصياً.
بداية الحكاية:
يروي صوصل أن فرقة عقد الجلاد عرضت عليه في بدايات العمل نصاً للشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم يقول:
ﺍﺑﻮ ﻗﺮﺟﺔ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻘﻴﻘﺮه..
ﻭﺍﻧﺎ ﻣﺎﺳﻚ ﺍﻟﺴﻜﺔ بي ﻮﺭا..
ﻣﺎ ﺑﻌﺮﻑ ﻋﻴﺸﺔ ﺍﻟﺪﻧﻘﺮه..
وانا تاني مابرجع ورا..
واقترح صوصل حينها “تخصيب” النص بإضافات جديدة تمنحه بعداً أعمق. ومع ذكر الراحل محمد المكي لعدد من القبائل السودانية، قرر صوصل إضافة قبائل أخرى لتكتمل “لوحة الفسيفساء السودانية” وتجسد التنوع الذي تمتاز به البلاد.
إضافات صوصل والنو: لمسات صوفية ولهجات محليّة لم يتوقف الإبداع عند هذا الحد، فقد أضاف صوصل مقاطع حماسية تصف الشموخ السوداني:
ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻛﻠﺲ ﻭﺣﺶ ﺍﻟﺨﻼ..
ﻋﻴﻦ ﺣﻤﺮه ﺟﺎﺕ..
ﻧﻮﺭ ﻋﻨﻘﺮه عنقره
بينما أضفى الموسيقار عثمان النو لمحة دينية وصوفية عميقة على العمل بإضافته لمقاطع:
فاطمة بت النبي..
نور أبوكي زي القمر ما بنخفي..
والشقي ما بنسعد..
والحسين جدو النبي..
والنبي طالب الذكر..
فقرا شيلو الجلالة لعلي ود زكريا ..
والرسول خير البرية..
كما كشف صوصل أنه هو من صاغ الكلمات التي رُددت بـ “الرطانة” واللغات المحلية (مثل: حلنقة، تسني، هدندوة)، تأكيداً على وحدة النسيج السوداني من شرقه إلى غربه.
بعيداً عن اللحن والكلمات، تظل شخصية “أبو قرجة” ملمحاً تاريخياً فارقاً. فهو الحاج محمد عثمان أبوقرجة، المولود في “دنقلا العجوز”. بدأ مسيرته كأحد الرجال الذين اعتمد عليهم الزبير باشا، لكنه تحول لاحقاً ليكون أحد أبرز مفكري ومستشاري الثورة المهدية.
يُعرف أبوقرجة تاريخياً كقائد عسكري فذ، حيث قاد القوات التي ضربت الحصار الشهير على الخرطوم بين عامي 1884 و1885، ليخلد التاريخ اسمه كواحد من أقوى جنرالات الثورة المهدية، قبل أن يخلده الفن في واحدة من أجمل أغنيات السودان المعاصر.


and then