اطفال لاجئيين سودانيين في ليبيا الصورة راديو دبنقا

منتدى الإعلام السوداني

تقرير : أمل يحى

الخرطوم، 8 اكتوبر 2025، (شبكة إعلاميات) –   في ظل الأزمة الإنسانية التي تعصف بالسودان بسبب الحرب الدائرة لما يزيد عن العامين ، يجد آلاف اللاجئين السودانيين أنفسهم في ليبيا بلا مأوى أو حماية، حيث يواجهون تحديات قاسية ومخاطر جمة تهدد حياتهم وحريتهم، من بينها الاعتقالات والاحتجاز والعنف والتمييز، بالإضافة إلى نقص الموارد والخدمات الأساسية. ما يجعلهم يعيشون في خوف دائم باحثين عن الأمان والاستقرار. مؤخراً تصاعدت حدة هذه التحديات مع تنفيذ حملات اعتقال واسعة النطاق استهدفت اللاجئين السودانيين في مدينة صبراتة، وتفاقمت أوضاعهم الإنسانية والاقتصادية.

حملات تحريض واعتقالات

في 26 سبتمبر من الشهر الجاري تصاعدت حدة التحريض والكراهية ضد اللاجئين، بعد انتشار خطابات الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، بما فيها صفحات اللاجئين أنفسهم. وتضمنت هذه الخطابات عبارات عنصرية مهينة، تعرضوا جراءها للسب والشتائم والضرب في الأسواق والمرافق العامة . وقامت بعض العناصر الأمنية بحملات اعتقالات من داخل سكن اللاجئين السودانيين واماكن عملهم .

محمد إبراهيم، لاجئ سوداني، تحدث عن تعرضه للتعذيب والضرب والشتم أثناء عمله في مزرعة لمدة أربعة أشهر دون أن يُدفع له أجر. فيما تصاعدت في الأيام الأخيرة حدة الاحتجاجات الشعبية والاعتقالات الرسمية .  

شهادات من داخل الأزمة

يقول الهادي أبكر ، لاجئ سوداني، يقطن بمدنية صبراتة : ” قضينا أربعة أيام داخل المنزل لا نستطيع الخروج خوفًا من المجتمع والحكومة الليبية بعد اعتقالات مستمرة طالت لاجئين” . وأضاف ” لدينا بطاقات لجؤ سارية المفعول، ولكن يبدو أنها لا تحمينا من الاعتقال ” . مشيراً إلى أن لديه أصدقاء تم اعتقالهم، ولكن بعد يومين قامت الحكومة بإطلاق سراحهم.

ومن جهتها تقول سامية محمد (اسم مستعار)، ربة منزل لاجئة سودانية مقيمة في طرابلس، ل(لشبكة اعلاميات) إنها تعرضت للضرب والتهديدات المستمرة في السودان، والآن تتعرض لنفس الخوف والإرهاب والعنصرية من قبل بعض المواطنين الليبيين. قائلة : ” تكررت نفس المشاهد المخيفة في المكان الذي جئت اليه طلبا للأمن والسلام ” .

لكن  محمد إبراهيم، لاجئ سوداني (36 عاماً) يقيم بمدنية طرابلس، يروي معاناته والتي بدات منذ اربعة اشهر مضت حيث حرم من راتبه وتم ضربه قائلا : ” أعمل في مزرعة وتعرضت للضرب والتعذيب والشتم أثناء عملي، ولم يُدفع لي صاحب العمل الأجر لمدة أربعة أشهر” . واضاف أن الهجمات والحملات التي حدثت مؤخراً كانت عنيفة شملت بعض الليبيين والأجهزة الرسمية معاً .  

وفي العاصمة طرابلس، أفاد شاهد عيان بأن جهاز الهجرة غير الشرعية نفذ حملات اعتقال واسعة، شملت بعض اللاجئين السودانيين، ومداهمات للاجئين داخل منازلهم بمدينة صبراتة بالجبل الغربي، وتم احتجازهم مع أطفالهم . واطلق سراح بعض الأسر السودانية.

مطالبات بإعادة التوطين

بعض اللاجئين طالبوا المفوضية السامية لشؤون اللاجئين النظر في أوضاعهم وإعادة توطينهم في دول أخرى توفر لهم الأمن والسلام. تقول سامية محمد إنها تتمنى أن تقوم المفوضية بنقلها وأطفالها إلى دولة أخرى يجدون فيها القبول من المجتمع المضيف. حيث أصبحت الحياة في ليبيا خطرًا عليهم لما يواجهونه من المجتمع. وأضافت : ” أصابني الخوف فصرت لا أستطيع النوم وخصوصًا في الليل بعد المداهمات الأخيرة لبعض الأسر السودانية في مدينة صبراتة”.

ويؤكد اللاجئ خالد أن الأوضاع باتت غير مستقرة في ليبيا، وقال: ” صرنا نخاف من كل شيء ونتمنى أن تهدأ الأوضاع أو أن تقوم المفوضية بإعادة توطيننا في دول أخرى .. فبلدنا غير آمن بسبب الحرب، وتصعب علينا العودة إلى السودان، وحتى ان حاولنا العودة فالطريق إلى السودان مغلق فماذا نفعل؟ “.

حماية قانونية ام صورية

تتعامل الحكومة الليبية مع اللاجئين السودانيين من خلال عدة جهات، بما في ذلك المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية والجمعيات المحلية. ومع ذلك، يتعرض اللاجئين للاستغلال من قبل الجماعات المسلحة والميليشيات ويعانون من صعوبة الحصول على الخدمات الصحية والتعليم والسكن الآمن. وأغلب اللاجئين السودانيين في ليبيا مسجلين قانونيًا في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وآخرين حائزين على إقامات سارية، ولديهم الحق في ممارسة حياتهم في ليبيا.

وأضاف خالد إبراهيم أن السفارة السودانية بليبيا كانت تقوم بالتعاون مع الحكومة الليبية بتوفير الأمن ومساعدة بعض الشباب اللاجئين وإخراجهم من المعتقلات الليبية .

من جهتها أصدرت وزارة الداخلية الليبية بيانًا مقتضبًا أعلنت فيه عن تنفيذ اللجنة الميدانية التابعة للغرفة الأمنية المشتركة بمديرية أمن صبراتة حملة أمنية استهدفت عددًا من المواقع داخل المدينة.” مبينة ان الحملة أسفرت عن ضبط مئات المهاجرين غير النظاميين واتخاذ إجراءات قانونية بحق أصحاب العقارات التي استُخدمت لإيوائهم.

من جانبه قال رئيس مركز بنغازي لدراسات الهجرة واللجوء طارق لملوم ل(لشبكة إعلاميات) : “أرى أن من السابق لأوانه وصف الاحتجاجات الحالية بأنها رفض من المجتمع المضيف لبقاء السودانيين في ليبيا، حيث إن الأمر مرهون بتطورات الأيام القادمة والعديد من العوامل المؤثرة “.

واضاف حتى الآن، يستمر السودانيون في شرق ليبيا في تلقي المساعدات من الوكالات الدولية والحصول على الشهادات الصحية. ومع ذلك، تثار مخاوف من ارتباط وجود المهاجرين، وخصوصًا السودانيين، بالصراعات السياسية الحالية بين الأطراف السياسية والحكومة في طرابلس.

وقال : ” نحن نشعر بأن هناك حملة إعلامية وتأجيجًا للرأي العام من قبل حسابات مجهولة الهوية. وللأسف، لا يتم التعامل مع قضية السودانيين بشكل استثنائي” . مطالباً الحكومة  الليبية  باتخاذ موقف بعد التنديد بما حدث في مصراته. وواصل حديثه : ” الأمر مرهون بالأيام القادمة، ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث في المستقبل. نأمل أن يكون هناك استثناءً للسودانيين، وهذا ما نتمناه” .  

ووأشار لملوم إلى أن المجموعة التي تم احتجازها مؤخرًا تم إطلاق سراحها في نفس اليوم، مما يعطينا أملًا في أن مصير المحتجزين سيكون خيرًا.

وقال أن إدارة طرابلس لديها موقف واضح بشأن احتجاز السودانيين، ولكن يبدو أن بعض المناطق الصغيرة والفروع لا تتبع هذه التعليمات بدقة. واضاف” “عندما تقوم السلطات بحملات في مناطق معينة، غالبًا ما يتم اعتقال كل من يتواجد في تلك المناطق، بما في ذلك السودانيين. ومع الأسف، يبدو أن السودانيين يقعون ضمن هذه الحملات بسبب وجودهم مع أفارقة جنوب الصحراء المستهدفين منها “. مبيناً أن الحملات ليست موجهة بشكل خاص للسودانيين، ولكن بسبب تواجدهم مع الفئات المستهدفة، يصبحون جزءًا من هذه الحملات.

تظل أوضاع اللاجئين السودانيين في ليبيا محفوفة بالمخاطر والتحديات. ويطالب اللاجئون السلطات الليبية والمفوضية والمجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية والمساعدة لهم. آملين في العثور على ملجأ آمن يعيد لهم الشعور بالأمان والاستقرار.

ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (شبكة إعلاميات)، للفت الأنظار إلى تدهور أوضاع اللاجئين السودانيين في ليبيا، الذين يواجهون حملات اعتقال وتحريض وعنف وتمييز متزايد، رغم امتلاك كثيرين منهم بطاقات لجوء وإقامات رسمية. ويوضح معاناتهم من غياب الحماية القانونية واستغلالهم من قبل جهات أمنية وميليشيات ومواطنين . كما ينقل مطالباتهم بإعادة توطينهم في دول آمنة، بعد أن فقدوا الأمان في ليبيا والسودان معًا.

Welcome

Install
×