هيئة محامي دارفور بين مطرقة الأهواء و سندان المرجفون (١)

إجتثاث النظام البائد بعد ثلاثين عاما من الخراب والدمار كشف حقائق كانت خابئة طيلة السنوات الماضية وهي الأخطر بان السياسة صارت مهنة تمارس من أجل الكسب والنوال وليس بالضرورة أن كل من يمارس العمل أو من يتطلع ليمارسها يمتلك القيم والأخلاق المرعية

الصادق على حسن

بقلم / الصادق على حسن

إجتثاث النظام البائد بعد ثلاثين عاما من الخراب والدمار كشف حقائق كانت  خابئة طيلة السنوات الماضية وهي الأخطر بان السياسة صارت مهنة تمارس من أجل الكسب والنوال وليس بالضرورة أن كل من يمارس العمل أو من يتطلع ليمارسها يمتلك القيم والأخلاق المرعية كما  وان هناك أفرادا وجماعات بل وتنظيمات يعلنون عن أنفسهم وفي جهل فاضح يمارسون التضليل ويعتقدون انهم يحسنون صنعا وفي بحث البعض عن الذات تجد هناك من هو نهاز للفرص لإشباع النواقص ، أذناب النظام البائد معذورون وقد فقدوا السلطة التي ادمنوها ووجدوا في وسائط التواصل الإجتماعي وفي نشر الأراجيف والأباطيل سلوى لهم  ، يتنفسون حقدا وكراهية ولكن ماذا بشأن الآخرين والآخرون المعنيون من المحسوبين على قوى الثورة ممن شغلوا أنفسهم بهيئة محامي دارفور، ووصفوها بكل الأوصاف الدنيئة ودمغها بالعنصرية وانها سعت لتبرئة قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دلقو "حميدتي“  بفهم جهوي لتطال المسؤولية غيره من أبناء الشمال. وكان المدخل ، ثم انشغل الضاجون  في وسائل التواصل الإجتماعي بتصريحات مبتورة من سياقها ، نشرتها صحيفة حكايات للأستاذ محمد عبد الله الدومة رئيس هيئة محامي دارفور  وقد أخرجت تماما  من سياقها للنيل من الهيئة ولكل في ذلك أغراضه التي لا تخف للقارئ وهنا لسنا بصدد التماس براءة الهيئة مما قيل في رسائل الضجيج والهوى الشخصي ولكن هنالك أيضا نفر  من أصدقاء وشركاء الهيئة ممن طلبوا التوضيح وحيثما ان اولئك يستحقون الرد والتوضيح  اكتب عن بعض ما اعرف بصورة شخصية ، عسى ولعل ان يجد الباحث عن الحقيقة الرد الكافي. 

كثيرا ما تميل غالبية الصحف المقروءة منها وغير المقروءة و لا سيما التابليت منها، لاستقطاب القراء وبعدة طرق ووسائل لغرض التشويق واستقطاب القارئ وجذبه جذبا ، بنشر الأخبار المثيرة للرأى العام ، ففي المشهد الآن  قضية فض الإعتصام، هي من أكثر القضايا التي تجد الإهتمام في اللحظة الآنية و شغلت الرأي العام السوداني وقد ظلت تحتفظ بأهميتها المتواصلة ، وبمرور الذكرى الأولى لواقعة فض الإعتصام، تصدر فض الإعتصام المشهد العام بالبلاد مرة أخري وبخاصة الكل يترقب نتائج لجنة تقصي الحقائق المستقلة التي كونها الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء وبحسب قرار تكوينها وتفويضها، هي الآلية الرسمية  المختصة بالتقصي وقد تم تمديد فترة عملها  مراراً بطلب منها وقد تلتمس التجديد لفترة أخرى والكل يترقب نتائجها ، لأنها هي الجهة الرسمية المعنية بالوصول للنتائج و من ثم إيداع تقريرها النهائي للجهة المختصة .

هيئة محامي دارفور هي مؤسسة حقوقية تعمل بصورة طوعية كما وان عضويتها مفتوحة ومن شروط  عضويتها التطوع في تقديم العون القانوني بالطرق والوسائل المتاحة وبالتالي هي ليست نقابة مهنية لمنسوبي مهنة المحاماة من ابناء دارفور كما ولا تمثلهم بقدر ما تمثل فقط منسوبيها ، وغنيا عن البيان أنها في عملها خاصة في إطار تحقيقاتها تقوم بما عليها في حدود الممكن والمستطاع، نتائج تحقيقاتها غير ملزمة لغيرها كما وليست لها اي قيمة ملزمة باي حال من الأحوال  ، بل تعين من يرغب للاسترشاد بها والإستفادة منها وحينما قامت بتكوين لجنة التحقيق في أحداث واقعة فض الإعتصام فور حدوث الفض ونشرت نتائج تحقيقها للرأي العام في ٣٠ / ٧/ ٢٠١٩  ،واطلع على نتائج تقريرها الكثير من المراقبين المحليين، الإقليميين والدوليين ، كما تم ترجمة التقرير لعدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية وهو تقرير إبتدائي (أولي)  حتى بالنسبة للهيئة غير نهائي وخاضع للإستكمال بالإضافة أو التعديل أو الحذف وقد تأخذ صفة النهائي إذا لم يطرأ اي تغيير في البينة المبدئية بالتحقق والتحقيق المستمر ، وطالما  ان أعمال وأنشطة الهيئة ونتائجها غير رسمية كما وانها غير ملزمة وتكمن أهميتها في الاسترشاد ، الموضوعية تقتضي التعامل مع تقرير الهيئة في إطاره السليم لمن يرغب في الإستفادة منه ، أما الضاجون في الوسائط فقد وجد البعض منهم مادة يلوكونها دون تبصر  ولا أعتقد أن الزملاء في الهيئة لديهم سعة من الوقت والفراغ الذي يلفت إنتباههم إلى هذ الضجيج .  

بمناسبة مرور الذكرى الأولى لواقعة فض الإعتصام الأليمة قامت الهيئة بتسليم نسخة من تقريرها الأولي لرئيس لجنة التحقيق المستقلة الأستاذ نبيل أديب ، وكان غرضها التعاون وتمليك المعلومات التي ترى أنها منتجة و متعلقة بالوقائع بصورة مباشرة و قد تفيد في الوصول للحقائق ، استقت الهيئة معلوماتها من شهود مباشرين ، ومن الوقائع التي تحققت فيها وقائع متعلقة بالفرقة الثامنة دعم سريع، هذه الفرقة تم إحضارها منسوبيها من  ولاية جنوب دارفور  لإرسالهم لدولة اليمن حسب إفادات من تمكنوا من الفرار من منسوبيها وبالرجوع إلي تقرير الهيئة والثابت فيه من خلال التحقيق  وتم إستخدامها وظهرت عناصر في مشاهد فض الإعتصام  المتداولة في أحداث فض الإعتصام. 

 

▪️دور الفرقة الثامنة دعم سريع. 

 

في اليوم السابع لفض الإعتصام اتصل بهيئة محامي دارفور عددا من ذوي المقبوض عليهم من عناصر الفرقة المذكورة وتحدثوا للهيئة من جنوب دارفور ومن الخرطوم ، بان ابنائهم الذين تم تجنيدهم ضمن الفرقة الثامنة دعم سريع، من منطقة قريضة بولاية جنوب دارفور وعددهم ثلاثمائة جندي من مختلف قبائل المنطقة ، تم إستخدامهم فور فض الإعتصام وبعد الفض تم اعتقالهم ، وأن هناك ثلاثة من منسوبي الفرقة المذكورة تمكنوا من الفرار ، وطلبوا من الهيئة توفير الحماية اللازمة إليهم. 

▪️إفادة الفارون من الفرقة الثامنة دعم سريع.  
الشاهد الأول من الفرقة الثامنة دعم سريع. 

 

في أقوال الشاهد الأول  ذكر في أقواله انهم تم تجنيدهم من كل قبائل ولاية جنوب دارفور وانه وثلاثمائة  من عناصر الفرقة المذكورة من  منطقة قريضة بجنوب دارفور وان عدد الفرقة  ١٠٥٠ مجندا ، وان التجنيد تم لغرض إرسالهم إلي اليمن ، وأنه تم تدريبهم لمدة اسبوعين بواسطة مدربين روس في منطقة الصالحة حيث المعسكر المخصص لهم، وان اول نشاط شاركوا فيه حملة مناصرة الشريعة التي دعا اليها عبد الحي يوسف لتنطلق من الساحة الخضراء وذلك في منتصف شهر رمضان ١٤٤٠ هجرية الأسبق ، وعن واقعة فض الإعتصام ذكر انهم قبل فض الإعتصام احضرت اليهم الملابس التي ظهروا بها وزودوا بالعصي والهراوات والدروع ثم نقلوا إلي ساحة فض الإعتصام وحينما وصلوها كان الفض قد تم وهم من قاموا بملاحقة الفارين من المعتصمين وضربهم بالعصي والهراوات  ، وأنهم اصلا لم يكونوا مزودين بالسلاح لذلك لم يكن هنالك من بينهم من استخدم السلاح ، وانه بعض الفض تم إرجاعهم لمعسكر الصالحة وفي اليوم التالي تم تزويدهم بالسلاح وعقب يوم جمعت منهم ايضا وذكر لهم بأن لديهم مهمة ثانية وفي الأسبوع التالي للفض حضر إليهم في المعسكر بالصالحة حميدتي وبعد جمعهم كما افاد كان حميدتي شديد الغضب وتحدث إليهم بألفاظ وعبارات قاسية واتهامهم بانهم أشانوا سمعة الدعم السريع وبلغ غضب حميدتي الذروة لذلك كما افاد الشاهد الأول من الفرقة الثامنة دعم سريع تم احضار عربات لنقلهم وانسحب إلي المطبخ حيث يتواجد اثنان من زملائه الذين يقومون بالطبخ وظلوا يراقبون الوضع عن كثب وإلي حين اكتمال  إخراج وترحيل جميع أعضاء الفرقة ونقلهم إلي خارج المعسكر بإتجاه الشمال الجغرافي ، الفارون من الفرقة الثامنة دعم سريع طلبوا الحماية وتقديم شهاداتهم حيثما توفرت لهم الحماية، في تقرير الهيئة  وضمن تحقيقها  وتقضيها استشهدت بتلك الواقعة وذكرت الهيئة بان ما توصلت إليها بان عناصر الفرقة الثامنة دعم سريع لم تكن مسلحة وانها وصلت عقب الفض وانها استخدمت العصي في ملاحقة الفارين وان مسؤوليتها محصورة في الضرب بالعصي والممارسات الاخرى دون إستخدام السلاح نهائيا وذلك ما ذكره الاستاذ محمد عبد الله الدومة لصحيفة حكايات محل الجدل المتسع والنقد السافر تجاه الهيئة وهنالك من كتب معلقا علي الخبر المنشور بصحيفة حكايات نقلا عن رئيس هيئة محامي دارفور  بان قوات الفرقة الثامنة دعم سريع (لم تطلق رصاصة واحدة في فض الإعتصام) فكثرت الإتهامات  الموجهة للأستاذ الدومةوللهيئة اذكر منها التعليق الساخر لنائبة رئيس رابطة الصحفيين والإعلاميين السودانيين ببريطانيا ،(استاذ الدومة وأصحابنا في هيئة محامي دارفور طلعوا بسكوا في ام سمنجور)، ومن جملة تعليقات اخرى هنالك من قال ابناء دارفور  اتلموا في إشارة لدمغ الهيئة بالنهج والسلوك الجهوي وكمان هنالك من قال (حميدتي علاقته شنو بالديمقراطية ، قال ديمقراطية قال ، الفريق خلا علاقتو شنو بالديمقراطية والتحول الديمقراطي يا ناس هيئة محامي دارفور) ، ثم تم الخلط المقصود بين لقاء الهيئة بحميدتي  وربطه بتصريحات سابقة للاستاذ الدومة ادلى بها قبل لقاء حميدتي بل وقبل ان تحسم الهيئة قرارها بلقاء حميدتي ، ومن خلال النشر المتداول  هناك من وصف تصريح رئيس الهيئة بالقيدومة.

تقرير الهيئة المبدئي :

ضمن تحقيقها وتقصيها الهيئة أوردت  معلومات عن الفرقة الثامنة دعم سريع وحدود مشاركتها في فض الإعتصام ، وهذا يتطلب اولا استعراض الثابت في التقرير عن مشاركة الفرقة وشهادة بعض منسوبيها عن كيفية تأسست الفرقة ومن من ومتى تم جلبها للخرطوم ومشاركتها في اول عمل (مسيرة مناصرة الشريعة التي نظمها عبد الحي يوسف في منتصف رمضان) وعلاقة الفرقة المذكورة بفض الإعتصام وكيف أن حميدتي بنفسه قام بزيارة الفرقة الثامنة دعم سريع وقام بتأنيب وتوبيخ أفرادها على مشاركتهم في الفض وذلك حسب إفادة الفارون من الفرقة الثامنة دعم سريع وهذه هي شهادتهم عقب فض الإعتصام بأسبوع وليس أقوال الأستاذ الدومة وهو مجرد ناقل لما قيل .

 لقاء الهيئة بالفريق اول حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة لم يكن لغرض الإصطفاف كم زعم أصحاب الأغراض، بل طلبت الهيئة مقابلة حميدتي لمناقشة قضايا محددة تتمثل في الأمن والسلام واتساع انشطة المليشيات المسلحة بدارفور وضرورة بذل الجهود لتجريدها ونزع السلاح ولكن حميدتي ومن تلقاء نفسه فتح بعض القضايا وعلق على بعضها، ومن أهم ما قاله حميدتي أنه يأمل أن تستكمل لجنة التحقيق المستقلة برئاسة الأستاذ نبيل اديب أعمالها في اقرب وقت لإنصاف أسر ضحايا شهداء فض الإعتصام  وانه من خلال الوسائط صار من المتهمين في ارتكاب جريمة فض الإعتصام البشعة وطالما طاله الإتهام المباشر من الوسائط وعلى لسان كثر من الناس هو يرى بالضرورة سماع أقواله بواسطة اللجنة المستقلة بل قال بالفم المليان كيف يكتمل التحقيق من دون سماع أقواله بواسطة اللجنة المستقلة وهو من المتهمين .

وضح لنا من خلال أقوال حميدتي أنه كان يتوقع أن يتم سماع أقواله وذلك ما لم يحدث، ومن خلال إفادات رئيس لجنة التحقيق المستقلة الأستاذ نبيل اديب ان قرار تكوين لجنة التحقيق المستقلة تضمن تجميد الحصانات وحميدتي اصلا لم يدفع بالحصانة أو يتمسك بها وطالما كان ذلك كذلك ، ما الذي منع اللجنة المستقلة من التحقيق مع الفريق اول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة والذي اعلن عن جاهزيته التامة لسماع أقواله في اي وقت، كما ما الذي يمنع سماع أقوال من يشغلون السلطة الحاكمة القائمة أثناء حدوث الفض وعلى رأسهم اعضاء المجلس العسكري الإنتقالي المحلول(الفريق اول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الحالي /الفريق اول الكباشي/ الفريق اول  صلاح عبد الخالق الذي يعرف الكثير من الخبايا  ….الخ ).