“كتم”: هجمات بالمسيرات وتحديات أمنية وخدمية وإنسانية

نساء يطبخن الأكل في مطبخ جماعي خيري لغرفة طوارئ محلية كتم بولاية شمال دارفور

نساء يطبخن الأكل في مطبخ جماعي خيري لغرفة طوارئ محلية كتم بولاية شمال دارفور - أغسطس 2025-غرفة طوارئ كتم


كتم – 11 أغسطس 2025 – راديو دبنقا

ارتفع عدد ضحايا الهجوم بطائرة مسيّرة على سوق كتم بشمال دارفور الأسبوع الماضي (3 أغسطس الجاري) إلى 7 قتلى، بعد وفاة اثنين من الجرحى متأثرين بإصاباتهما يومي الخميس والجمعة.

وتسيطر قوات الدعم السريع على محلية كتم وبقية محليات ولاية شمال دارفور عدا الفاشر، بينما يواصل الجيش هجماته بالطائرات المسيّرة على مناطق سيطرة الدعم السريع.

وقال يحيى الخمس، وهو معلم وناشط سياسي، لراديو دبنقا، إن مسيّرة استهدفت سوق مدينة كتم الذي يعج بالحركة، ما أدى إلى مقتل خمسة مواطنين وإصابة أكثر من عشرة آخرين، توفي اثنان منهم لاحقًا. وأوضح أن من بين الضحايا ثلاثة شباب من ذوي الإعاقة، كانوا يعملون على جمع قوت يومهم باستخدام عربات يدوية “درداقات”.

تفلتات أمنية


قبل أكثر من شهر، شهد سوق كتم أحداثًا أمنية أدت إلى إغلاقه بأمر من قوات الدعم السريع التي تسيطر على المدينة. وبحسب إفادة يحيى الخمس، جرت معالجة تلك الأحداث بجهود مشتركة بين قيادة الدعم السريع وقيادات الإدارة الأهلية ووجهاء المجتمع، حيث تم حظر حمل السلاح ومنع تجارة المخدرات والخمور البلدية، وقد لاقت هذه الإجراءات استجابة واسعة من المواطنين.

ورغم ذلك، ما زالت الانفلاتات الأمنية قائمة خارج المدينة، خاصة على الطرق المؤدية من وإلى السوق، حيث يتعرض المواطنون لعمليات نهب متكررة على أيدي مسلحين. ودعا الخمس إلى توسيع نطاق الدوريات الأمنية وإنشاء ارتكازات على الطرق الرئيسية.

ارتفاع الأسعار وتدهور المعيشة


تشهد كتم ارتفاعًا حادًا في أسعار السلع الأساسية، حيث بلغ سعر جوال السكر 250 ألف جنيه، وجركانة الزيت 130 ألفًا، وكيلو اللحم 9 آلاف، وجوال الدقيق 95 ألفًا، وسط غياب شبه تام للمنظمات الإنسانية عن تقديم المساعدات منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.

ويعتمد السكان، خاصة النازحين، على الزراعة الصغيرة والتحويلات المالية من الأقارب خارج السودان، بينما فاقم موسم الخريف من التحديات بسبب تهدم المنازل جراء الأمطار.

انهيار القطاع الصحي


رغم تداول أنباء عن تفشي الكوليرا، أكدت السلطات الصحية المحلية عدم تسجيل أي حالة مؤكدة حتى الآن. ومع ذلك، يقول يحيى الخمس إن القطاع الصحي يواجه أزمة كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الأدوية وتكاليف العلاج، إذ تصل تكلفة علاج الملاريا – شاملة الفحوص والأدوية – إلى 100 ألف جنيه.

كما أن الحالات البالغة الخطورة تتطلب تحويلات طبية مكلفة إلى مناطق أخرى، تصل أحيانًا إلى 3 ملايين جنيه، ما يفاقم معاناة المرضى. وأضاف يحيى الخمس: “حاول ذوو أحد المصابين جراء قصف المسيرة الأسبوع الماضي نقله إلى مدينة الدبة بالولاية الشمالية، لكنهم أحجموا عن ذلك بسبب ارتفاع التكاليف التي بلغت 3 ملايين جنيه، أي ما يعادل ألف دولار”.

النازحون في كتم.. معاناة ومخاطر


تضم كتم معسكري كساب وفتابرنو، اللذين يعانيان من شح الغذاء وغياب المساعدات. ويعتمد النازحون على الزراعة المحلية والدعم الفردي. ويقول يحيى الخمس إن موسم الخريف يزيد من المخاطر الصحية وانتشار الملاريا، كما تحتاج المخيمات إلى دعم عاجل بالمشمعات والأغطية.

لا تعليم ولا خدمات


شهدت محلية كتم خلال الفترة الماضية تحولات أمنية وخدمية واجتماعية معقدة، في ظل استمرار الحرب التي أثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين والنازحين.

ويشير يحيى الخمس إلى توقف التعليم والخدمات بسبب تعطل المؤسسات الحكومية والخدمية منذ اندلاع الحرب، لافتًا إلى مبادرات بدأت لتشكيل إدارة مدنية في كتم بإشراف الدعم السريع، بهدف تسهيل الخدمات وفتح المجال أمام دخول المساعدات الإنسانية.

واعتبر هذا الإجراء خطوة إيجابية إذا ما توافقت عليه المجتمعات المحلية، خاصة مع الحاجة الماسة لإعادة فتح المدارس التي أُغلقت لأكثر من ثلاث سنوات، مما حرم أجيالًا كاملة من التعليم.

وأكد أن الوضع في كتم يعكس مزيجًا من التحديات الأمنية والمعيشية والصحية، في ظل غياب شبه كامل للمنظمات الإنسانية وتعطل الخدمات الحكومية، مشددًا على أن عودة الأمن وفتح الممرات الإنسانية وإعادة تأهيل البنية التعليمية والصحية خطوات أساسية لإنقاذ حياة المدنيين وتحسين أوضاعهم.

Welcome

Install
×