جنوب دارفور: أوبئة وسيول وعنف مع اقتراب تشكيل “حكومة “تأسيس

نيالا – 23 يوليو 2025 – راديو دبنقا
تواجه ولاية جنوب دارفور أوضاعًا إنسانية وصحية حرجة، وسط تفشي وباء الكوليرا، وتفاقم أزمات السيول والعنف القائم على النوع، في ظل تدهور البنية التحتية ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. وذلك مع اقتراب تشكيل “حكومة السلام” التي تتبع لتحالف السودان التأسيسي.
وقال الدكتور سعد أبكر، أحد الكوادر الصحية العاملة في نيالا، لراديو دبنقا، إن الوضع في المستشفى التعليمي ومعظم المراكز الصحية “سيئ للغاية”، مشيرًا إلى أن نحو 21 مركزًا خرجت من الخدمة بسبب الحرب، وتدير بعضها منظمات إنسانية دون أن تفي بالحاجة.
وأوضح أن أسباب انتشار الكوليرا تعود إلى تراكم النفايات والنزوح من مناطق موبوءة، في وقت تعجز الحملات التوعوية عن تحقيق نتائج فعالة، في ظل نقص الأدوية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، حيث بلغ سعر شريط البنادول ألف جنيه، والسوائل الوريدية 6 آلاف جنيه، وجلسات العلاج حتى 50 ألف جنيه.
انتشار مخيف لوباء الكوليرا
أكدت وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور انتشار الكوليرا بصورة متسارعة في عدد من المحليات، مقابل ضعف كبير في التدخلات بسبب ضعف الإمكانيات.
وكشفت الإدارة العامة للطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة، في تقريرها الوبائي ليوم الثلاثاء، عن تسجيل 31 حالة إصابة جديدة بالكوليرا، وحالة وفاة واحدة في محلية بليل.
وتم تسجيل 9 حالات من أحياء “خرطوم بليل”، و”النهضة”، و”الدروة”، و”دومايه”، بجانب 9 حالات أخرى من أحياء “الوادي غرب”، و”الجير جنوب”، و”الجير شمال”، و”النيل”، و”الجمهورية”، و”تكساس” بمحلية نيالا جنوب، بالإضافة إلى 5 حالات من محلية بليل في معسكري كلمة والسلام للنازحين، وحالة واحدة من محلية كاس، و7 حالات من محلية السلام بمنطقة أم كسارة.
وبلغ إجمالي الحالات المسجلة منذ ظهور أول حالة في 27 مايو من العام الحالي 528 حالة إصابة و38 حالة وفاة.
وسجلت محلية نيالا شمال 190 حالة، منها 10 وفيات، ونيالا جنوب 77 حالة و4 وفيات، نتيقة حالتان، بليل 246 حالة منها 24 وفاة، كاس 3 حالات، والسلام 10 حالات.
وكشفت الوزارة عن توفير عربة إسعاف لنقل الحالات من مركز العزل والفرز بمستشفى نيالا التعليمي إلى مركز العزل بمستشفى النهضة، لتقليل حالات الهروب والتلوث. كما طالبت بالإسراع في فتح مركز العزل في “سنتر 8” بمعسكر كلمة، الذي تديره منظمة ألايت.
وأشارت الوزارة إلى تحديات جسيمة تواجه الكوادر الصحية للسيطرة على المرض، من بينها عدم تفعيل أنشطة الإصحاح وكلورة المياه بسبب غياب الدعم من الشركاء، بجانب نقص الأدوية الخاصة بفرق الاستجابة مثل شراب الأزيثروميسين وحبوب الدوكسيسيكلين.
استعدادات لتشكيل “حكومة السلام”
يتصاعد تدهور الأوضاع الإنسانية في ولاية جنوب دارفور خاصة مدينة نيالا في تحسن في الأوضاع الأمنية مع اقتراب تشكيل حكومة السلام التابعة لتحالف السودان التأسيسي.
وتشكل تحالف السودان التأسيسي في نيروبي في فبراير الماضي، وأبرز الأطراف المشاركة في التحالف هي قوات الدعم السريع، والحركة الشعبية بقيادة الحلو والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي وكيانات أخرى.
وتنشط لجنة استقبال وفود تشكيل الحكومة برئاسة حذيفة ابونوبه رئيس المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع ، في تهيئة الأوضاع في نيالا وتجهيزها لاستقبال الوفود.
وأعلن رئيس الإدارة المدنية في جنوب دارفور الأسبوع الماضي عن تأمين المجال الجوي في المدينة مؤكدا عدم إمكانية لاستهدافها جوا.
في الأثناء، دشنت الإدارة العامة للمرور بولاية جنوب دارفور أعمال حصر المركبات عبر الرقم الأمني. وقال مدير شرطة الولاية المقدم خالد محمد نور ان الهدف من هذه الاعمال ضبط الامن وتنفيذ قرارات لجنة أمن الولاية الخاص بعمل لوحات عبر الرقم الامني حفاظا للامن وحقوق المواطنين.
من جهة أخرى تشهد مدينة نيالا ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الغذائية والوقود بسبب انقطاع الطرق الرئيسية بسبب الأمطار والسيول.
اغتصاب وعنف جنسي
وفي السياق ذاته، قال أحمد محمد، أحد شباب شبكة الحماية التابعة لمنظمة الرؤية العالمية، إن الشبكة رصدت أكثر من 11 حالة اغتصاب مؤكدة، و5 حالات عنف ضد النساء خارج المدينة، بسبب التدهور الأمني.
وأشار إلى أن فرق الحماية تعمل على تقديم الدعم النفسي والتوعية، رغم محدودية الإمكانيات.
سيول عنيفة في عطاش
وعلى صعيد الكوارث الطبيعية، تعرض معسكر عطاش شرق نيالا لسيول عنيفة دمّرت مئات المنازل المبنية من الطين والقش.
وقالت مريم، نازحة وأم لخمسة أطفال، إنهم فقدوا كل شيء خلال الأمطار التي اجتاحت المعسكر، بينما روت الحاجة كلتوم (70 عامًا) أن السيول جرفت ممتلكاتهم بالكامل، مشيرة إلى أن المياه بلغت مستوى الركب.
وفي مواجهة هذه التحديات المتزامنة، تتعالى الأصوات من داخل المدينة والمعسكرات مطالبةً بتدخل فوري من الدولة والمنظمات الإنسانية، لتفادي كارثة وشيكة تهدد حياة آلاف السكان.