تكايا الفاشر تحت القصف: تحديات أمنية ومعيشية جسيمة


أمستردام: راديو دبنقا – 2 أكتوبر 2025م

مع تصاعد حدة القتال في الفاشر، واستمرار القصف المدفعي المتبادل والهجمات بالطائرات المسيّرة، فضلًا عن المعارك، والحصار المطبق المستمر لأكثر من عام ونصف، تواصل التكايا في المدينة عملها بحذر، مع تعرضها للقصف أكثر من مرة ما أدى إلى مصرع متطوعين.

ويقول محمد إبراهيم، المتطوع في مبادرة الله يبردي، إن قذيفة سقطت في مقر التكية قبل أسبوعين، ما أدى إلى مقتل أبو بكر الجبار، رئيس اللجنة الميدانية للتكية، الأمر الذي أحدث ارتباكًا في العمل الميداني وأجبر الفريق على إعادة تنظيم صفوفه لمواصلة الجهود رغم المخاطر. كما تعرضت تكية الفاشر وأحد مراكز الإيواء للقصف قبل يومين.

وتواصل القصف المدفعي والهجمات بالطائرات المسيّرة التي تشنها قوات الدعم السريع، اليوم حيث سقطت قذائف على منازل بحي الدرجة الأولى وأبوشوك الحلة.

وكشفت شبكة أطباء السودان عن مقتل 16 شخصًا بينهم 3 نساء أمس الأربعاء، وإصابة 21 آخرين بينهم 5 أطفال، جراء القصف الصاروخي لقوات الدعم السريع على الفاشر.

استهداف سوق

ويضيف المتطوع محمد إبراهيم أن القصف استهدف أيضًا سوق أبو قرون المجاور لمدرسة أبو قرون، وهو سوق مؤقت جرى إنشاؤه حديثًا بعد خروج جميع الأسواق عن الخدمة، وآخرها سوق نيفاشا. وأشار إلى مقتل 12 شخصًا جراء قصف سوق أبو قرون خلال اليومين الماضيين.

بدورها، قالت قيادة الفرقة السادسة مشاة على صفحتها في فيسبوك إنها تمكنت من القضاء على مجموعة من قوات الدعم السريع وتدمير عدد من المركبات القتالية، مشيرةً إلى أن الأوضاع في الفاشر تشهد هدوءًا نسبيًا.

وأمس الأربعاء، أعلنت القوات المسلحة تدمير منظومة تشويش بكامل طاقمها في شنقل طوباي أثناء قدومها من نيالا، كما تمكنت من تدمير منصة هاون عيار 120 بالفاشر، إلى جانب تحييد مجموعة من المركبات القتالية التابعة للمليشيا في أطراف المدينة.

وحذر الأستاذ محمد إبراهيم، في حديثه لراديو دبنقا، من التحديات الكبيرة التي تواجه جهود الإغاثة الإنسانية في مدينة الفاشر ومحيطها، خاصة مبادرة تكية الله يبردي، مؤكدًا أن الأوضاع الراهنة تعقد بشكل كبير عمل المبادرات المحلية وتحد من قدرتها على الاستجابة لحاجات المدنيين.

الوضع الأمني

وأوضح إبراهيم أن القصف اليومي المستمر الذي تتعرض له مدينة الفاشر ومناطق تجمعات المدنيين جعل وصول الناس إلى مراكز التكية أمرًا صعبًا وخطيرًا، مبينًا أن الاستهداف المباشر والمتكرر يعيق بشكل واضح إمكانية تقديم الخدمات الإنسانية.

كما لفت إلى أن الأسواق المدنية لم تسلم من القصف، حيث تعرض السوق المدني الوحيد في المدينة للقصف يوم أمس، وهو السوق الذي يعتمد عليه الأهالي والتكايا للحصول على المواد الأساسية. وأضاف أن الظروف الأمنية جعلت من الصعب حتى تجميع الناس سواء للعمل التطوعي أو لتلقي المساعدة.

غلاء فاحش وندرة في السلع بسبب الحصار

وفي جانب آخر، أكد إبراهيم أن الأزمة الاقتصادية الخانقة فاقمت معاناة المواطنين والمبادرات الإنسانية على حد سواء، إذ تشهد السلع الأساسية ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار، حيث بلغ سعر كيلو السكر 120 ألف جنيه سوداني، وسعر كيلو الأرز 400 ألف جنيه، بينما وصل سعر كيلو اللحم إلى 120 ألف جنيه.

وأشار إلى أن هذه الأسعار الباهظة تأتي مع ندرة شديدة في السلع، حيث تدخل المواد إلى مدينة الفاشر بطرق محفوفة بالمخاطر، وهو ما يساهم في غلاء الأسعار ويقلل من الكميات المتاحة للتوزيع. وأوضح أن هذا الوضع ينعكس سلبًا على قدرة التكايا على تقديم الكميات المطلوبة من المساعدات الغذائية.

وحول استجابة تكية الله يبردي للتحديات، قال إبراهيم إنه ورغم هذه الظروف القاسية، تواصل التكية جهودها الإنسانية من خلال تقديم المساعدات بكميات محدودة وبشكل سريع في مواقع صغيرة لتجنب تجمعات المدنيين الكبيرة حمايةً لهم من مخاطر الاستهداف.

كما قامت المبادرة بتوسيع نطاق عملها ليشمل مدينة طويلة، حيث أنشأت فرعًا جديدًا للتكية يركز على تقديم سلال غذائية للنازحين من الفاشر باتجاه طويلة.

وأوضح إبراهيم أن هؤلاء النازحين يعانون في رحلتهم الشاقة التي تستغرق ما بين يومين إلى أربعة أيام قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى المخيمات أو تلقي المساعدة من المنظمات الإنسانية الأخرى. وأضاف أن التكية تمكنت حتى الآن من تقديم ما بين 400 إلى 500 سلة غذائية للأسر الوافدة إلى طويلة، حيث تحتوي كل سلة على مواد غذائية تكفي الأسرة لمدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أيام، مشيرًا إلى أن الأسعار في طويلة أفضل نسبيًا مما هي عليه في الفاشر.

القصف المتواصل على المدينة

من جهة أخرى، قالت مصادر إن القصف الذي تتعرض له المدينة لم يقتصر على المراكز نفسها، بل طال أيضًا الأشخاص المنتظرين للحصول على الخدمات، إضافةً إلى سوق المدينة.

وأوضح المصدر أن المتطوعين والمتطوعات العاملين في التكايا يواجهون مخاطر كبيرة خلال عملهم الإنساني، إذ من المستحيل توفير حماية كاملة لهم بسبب طبيعة مهامهم التي تتطلب الحركة والتنقل في أحياء المدينة. ورغم ذلك يحاولون تقليل المخاطر عبر التحرك في أوقات لا تشهد قصفًا، واللجوء إلى المباني المسلحة أو متعددة الطوابق عند سماع دوي الانفجارات، فضلًا عن استخدام الخنادق المحلية كملجأ مؤقت.

وتطالب الأمم المتحدة وجهات عديدة بفك حصار الفاشر، وحماية المدنيين داخل المدينة، وتوفير ممرات آمنة للفارين منها.

Welcome

Install
×