تفاصيل مشاورات مشروع القرار حول بعثة تقصي الحقائق في السودان

مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة .. مصدر الصورة: موقع الأمم المتحدة

انقسام في حول الأسلحة الكيميائية والاعتراف بحكومة “بورتسودان”

امستردام: 23 سبتمبر 2025م: راديو دبنقا

تقرير: سليمان سري
اختتمت، اليوم الثلاثاء، بقصر الأمم المتحدة بجنيف جلسة المشاورات غير الرسمية، الثالثة و الأخيرة لمشروع القرار الخاص بتمديد ولاية البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان لعام آخر، والذي سيتم إيداعه رسميا لدي سكرتارية مجلس حقوق ألأنسان ظهر بعد غدٍ الخميس 25 سبتمبر. وذلك خلال انعقاد جلسات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الستين.

وأبلغ السفير علي بن أبي طالب عبد الرحمن الجندي، مندوب السودان لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف ونائب رئيس مجلس حقوق الإنسان الأسبق، “راديو دبنقا” أن أكثر من 40 دولة شاركت في الجلسة الخاصة بمشروع القرار المتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في السودان، بجانب ممثلين لخمس من منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، في وقت غاب فيه ممثل البعثة السودانية للمرة الثانية على التوالي.

وأوضح السفير الجندي أن الهدف من المشاورات كان تبادل وجهات النظر والحوار حول التعديلات التي أُدخلت على مشروع القرار الأول “المنقح”، استناداً إلى الملاحظات التي أثارتها وفود الدول في جلستي المشاورات السابقتين يوم الثلاثاء الماضي.

السلطات بدلاً عن حكومة السودان


وأكد أن مشروع القرار كرر إدانته للنزاع المسلح بين طرفي الصراع في السودان، وطالب باحترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما أشار إلى أن النص أبقى على استخدام عبارة “السلطات” بدلاً من “حكومة السودان”، برغم مطالبات بعض الدول الأفريقية مثل مصر والجزائر وإريتريا باستخدام مصطلح “الحكومة”.

وأضاف السفير الجندي أن القرار أشار إلى “تقارير” بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية، بعد حذف عبارة “ذات مصداقية” بناءً على مقترح من بعض الدول الغربية، بينما أصرت الدول الأفريقية المذكورة على حذف الفقرة بالكامل بحجة أن الإشارة لا تستند إلا إلى مزاعم قدمتها دولة واحدة.

وأشار إلى أن النص أبقى على الفقرة الخاصة بتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق لمدة عام آخر، رغم مطالبة العديد من المنظمات غير الحكومية بتمديد الولاية لعامين. كما تضمن المشروع ترحيباً ببيان الرباعية، خاصة فيما يتعلق بمقترح الهدنة الإنسانية والتأكيد على عدم إمكانية وجود حل عسكري للنزاع.

إشادة بغرف الطوارئ


وأوضح المدافع عن حقوق الإنسان السفير علي الجندي أن مشروع القرار أخذ علماً بجهود القوى المدنية الحثيثة لإنهاء الحرب، وأكد على أهمية توفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني، مشيداً بعمل غرف الطوارئ وصمودها على الأرض رغم التحديات. كما أشار النص إلى التدخلات الخارجية ودورها في إطالة أمد النزاع، داعياً إلى وقف إمداد السلاح.

وشدد مشروع القرار على أهمية ضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واعتبار ذلك ركناً محورياً لأي حل للأزمة، مع ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب ومحاسبة المسؤولين. كما أدان استمرار تصاعد العنف في مدينة الفاشر، وأعرب عن بالغ القلق إزاء تصاعد الأوضاع في إقليم كردفان.

وقال السفير علي الجندي أن الدول التي شاركت بفعالية في مشاورات اليوم هي، سويسرا و ايسلندا و بلجيكا و اليابان و مصر و إريتريا و الجزائر، كما تداخلت منظمة العفو الدولية و الدفاع عن المدافعين و المركز الأفريقي للعدالة و دراسات حقوق الإنسان.

وخلص السفير الجندي إلى أنه من الواضح أن مشروع القرار سيخضع للتصويت عليه في نهاية الدورة الحالية وغالبا في السابع من اكتوبر المقبل. و توقع أن تتشهد ردهات المجلس في الأيام القادمة تحركات مكثفة لحشد الدعم ضد او لصالح مشروع القرار قبل طرحه التصويت.

تجنيد الأطفال

من جهته قال المدافع عن حقوق الإنسان وعضو الهيئة القيادية لتحالف “صمود” د. محمد صالح ياسين، إنّ المجموعة الأفريقية عبرت عن استيائها احتجاجاً على استبعاد أكثر من 90% من مطالبها لم يؤخذ بها. لكن بالمقابل، فإن النص المدعوم من عدد كبير من الدول ظل محتفظاً بقوته الأساسية.

وقال يس في حديثه لـ”راديو دبنقا” إن بعثة تقصي الحقائق تعرضت لانتقادات من بعض الدول التي شككت في تفويضها ودورها، غير أن الرد كان واضحاً: بأن البعثة أنشئت بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومهمتها محددة بتقصي الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب، وينتهي تفويضها بانتهائها. وبالتالي فهي آلية شرعية تستند إلى قرارات أممية وليست جهة مستقلة بلا تفويض.

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أنشأ بعثة لتقصي الحقائق في السودان في نوفمبر من العام 2023، وتم تمديد مهمتها العام الماضي لمدة عام.

وتطالب الحكومة السودانية بإنهاء تفويض بعثة تقصي الحقائق وترفض التعامل معها، معتبرة أن الاكتفاء بولاية الخبير المستقل لحقوق الإنسان ومكتب المفوضية كافٍ.

عناصر جديدة


وقال المدافع عن حقوق الإنسان د.محمد صالح يس تم إدراج عناصر جديدة في مشروع القرار شملت، تجنيد الأطفال كأحد الانتهاكات الموثقة.واستخدام المجاعة كسلاح حرب كما ورت الإشارة إلى الاستهداف على أساس الهوية الإثنية، بالاستناد إلى قرارات سابقة لمجلس الأمن.

وأضاف قائلاً: ورغم رفض السودان الرسمي وعدد من الدول الأفريقية لمشروع القرار، فإن المشروع يحظى بدعم واسع، استناداً إلى التصويت السابق حيث حصل على تأييد 23 دولة من أصل 47 عضواً.

وتابع قائلاً: “أكدنا أن بعثة تقصي الحقائق تمثل أداة أساسية لحماية حقوق السودانيين وتوثيق الانتهاكات، بما يفتح الباب للمحاسبة والتعويض مستقبلاً. وطالبنا جميع السودانيين المتضررين إلى التواصل المباشر مع البعثة عبر البريد الإلكتروني الخاص بالبعثة والمنشور على الموقع الرسمي لمجلس حقوق الإنسان.

وتوصل المدافع عن حقوق الإنسان د. محمد صالح يس إلى أنه ورغم الخلافات، فإن ما تحقق يعد تقدماً ملموساً، خاصة في ما يتعلق بتثبيت دور بعثة تقصي الحقائق والحفاظ على قوة النص، مع إدراج عناصر جديدة تعكس حجم الانتهاكات.

وأكد على المتابعة والرصد حتى مرحلة الإيداع والتصويت، باعتبار أن هذا المسار يمثل حقاً أساسياً للشعب السوداني في توثيق الانتهاكات وضمان الذاكرة الوطنية، وصولاً إلى العدالة والسلام.

Welcome

Install
×