تعزيزات أمنية أوغندية بعد تجدد الهجمات اللاجئين السودانيين في معسكر كرياندنغو

قتيل خلال الهجوم على معسكر كرياندونغو باوغندا

قتيل خلال الهجوم على معسكر كرياندونغو باوغندا-يوليو 2025-راديو دبنقا

كرياندنغو، أوغندا – 13 يوليو 2025 – راديو دبنقا

قُتل لاجئ سوداني وأصيب العشرات جراء تجدد هجمات لاجئين من جنوب السودان على اللاجئين السودانيين في معسكر كرياندنغو بأوغندا مساء أمس، للمرة الثالثة منذ يوم الخميس الماضي. في غضون ذلك، أرسلت السلطات الأوغندية تعزيزات أمنية من الجيش، ومن المتوقع وصولها خلال الساعات القادمة.

وبهذا، ارتفع عدد الضحايا السودانيين إلى قتيلين وعشرات الجرحى، من بينهم حالات حرجة.

شهد معسكر كرياندنغو للاجئين في أوغندا خلال الأيام الماضية أحداثًا عنيفة ومأساوية، وسط اتهامات موجهة لبعض المجموعات من شباب النوير بإثارة الفوضى، واتهامات متزايدة بضعف أداء الأجهزة الأمنية في احتواء الوضع.

قتلى وجرحى

قال حسن أبو، أحد قيادات اللاجئين السودانيين بمعسكر كرياندنغو، لراديو دبنقا، إن الهجوم الذي تجدد مساء أمس في تمام الساعة السابعة والنصف أدى لمقتل اللاجئ كباشي إدريس داخل منزله وإصابة العشرات. وأوضح أن عدد أفراد الشرطة بالمعسكر محدود ولا يتناسب مع أعداد اللاجئين.

وأضاف أن تلك المجموعات هاجمت المجموعتين السكنيتين “C” و”B” بأعداد كبيرة باستخدام الحراب والسواطير والنشاشيب (النشابات). ووصف الأوضاع في المجموعات السكنية المجاورة بأنها متوترة، خاصة المجموعة “A” و”L”، مشيرًا إلى أن الشرطة أجلت السودانيين من بعض المناطق.

من جانبه، قال الدكتور محمد موسى إن معظم حالات الإصابة التي وصلت إلى مستشفى بندولي المجاور هي إصابات في الرأس بآلات حادة، وهناك حالات إغماء غير مستقرة. وأشار إلى أن حالة الوفاة التي حدثت أمس لم يتم دفنها بعد.

وأوضح أن عددًا من الحالات جرى تحويلها إلى مستشفى قولو مساء أمس، مؤكدًا الحاجة الماسة إلى التبرع بالدم.

تفاصيل الهجمات والعنف

وصف حسن أبو، أحد قيادات مجتمع اللاجئين السودانيين بمعسكر كرياندنغو، الأوضاع بأنها “مأساوية وكارثية”. وأوضح أن مجموعة كبيرة من شباب النوير هاجمت “المجموعة السكنية C” بعد صلاة المغرب، مستخدمة “النشاشيب، الحراب، والسواطير”.

وقال: “الشباب في الارتكازات حاولوا صد الهجوم، لكن الكثرة تغلبت على الشجاعة، مما أدى إلى إصابة ثلاثة بجراح بالغة وعدد آخر بجراح خفيفة، بينما توفي اللاجئ السوداني كباشي نتيجة إصابته البالغة”.

وأضاف أبو أن الهجمات تكررت لاحقًا في مجموعات سكانية أخرى مثل “B” و”A”، مشيرًا إلى أن الوضع في المجموعة “A” حاليًا “في حالة تأهب تام بعد تهديدات مباشرة من شباب النوير”.

استجابة الأجهزة الأمنية

وحول استجابة الأجهزة الأمنية، قال حسن أبو: “الشرطة أخلت سكان المجموعة السكنية “A” وأعلنت الطوارئ، لكنها لم تتمكن من السيطرة الكاملة، وما زالت هناك جولات من العنف والاشتباكات في مناطق متفرقة من المعسكر”.

وأضاف: “الجيش لم يصل حتى الآن، رغم الوعود من مكتب شؤون اللاجئين (OPM) بأن قوات الجيش ستصل خلال ساعات”.

وأكد أن الوضع الأمني لا يزال مضطربًا، قائلًا: “الشرطة أطلقت أعيرة نارية في الهواء قبل قليل، وحتى غرفة الطوارئ لم تتمكن من تحديد مصدر إطلاق النار، مما يزيد من حالة الرعب بين اللاجئين، خصوصًا الأطفال”.

إصابات جماعية

من جانبه، قال نور الدين محمد سليمان، وهو أيضًا من قيادات اللاجئين السودانيين في كرياندنغو، إن الأحداث بدأت يوم الخميس بهجوم أسفر عن إصابة 16 شخصًا بينهم امرأة، أربعة منهم إصاباتهم خطيرة.

وأضاف نور الدين: “تم نقل المصابين إلى مستشفى باندولي داخل المعسكر، وبعضهم أُجريت له عمليات جراحية في مستشفى كرياندنغو”.

وتابع: “في يوم السبت، بلغ عدد المصابين حوالي عشرة لاجئين، توفي أحدهم لاحقًا وهو كباشي إدريس كافي“.

اتهامات موجهة لبعض شباب النوير

أشار نور الدين إلى أن هذه الأحداث ليست الأولى من نوعها، قائلًا: “هذه المجموعات من شباب النوير معروفة بإثارة الفوضى في المعسكر، والسلطات الأوغندية تعرفهم جيدًا، بل وتحدثت عنهم مرارًا في اجتماعات مع اللاجئين”.

وحذر من أن ضعف استجابة الشرطة يعزز الشعور بالتواطؤ، مضيفًا: “الشرطة عندما حضرت لم تتمكن من السيطرة، ما جعل المجتمعات تتهمها بالعجز أو التواطؤ”.

وأكد أن ما يحدث “ليس عملًا فرديًا أو عشوائيًا”، بل هو – بحسب قوله – “هجوم منظم ومخطط له”، مستشهدًا بمشاركة أعداد ضخمة في الهجمات، حيث “بلغ عدد المهاجمين في بعض المجموعات السكنية نحو 200 إلى 500 شاب، كما شوهدت النساء وهن يشاركن في حمل أدوات الهجوم مثل الحجارة والسكاكين”.

محاولات للنزوح الداخلي

أشار المتحدثان إلى أن هذه الاعتداءات دفعت العديد من العائلات لمحاولة النزوح الداخلي أو التفكير في العودة إلى السودان أو الانتقال إلى مدن أكثر أمنًا في أوغندا.

وأوضح نور الدين: “هناك من انتقل بالفعل إلى منطقة بيالي، وآخرون يخططون للرحيل من المجموعات السكنية الحالية”.

ورغم أن البعض يربط ما يحدث بالأوضاع الاقتصادية الصعبة وتقليص الدعم الغذائي والإنساني، إلا أن نور الدين يرى أن هذه ليست الأسباب الجوهرية. وقال: “السبب ليس فقط ضعف الغذاء أو نقص الدعم، بل ربما هناك خلفيات سياسية مرتبطة بالأوضاع في جنوب السودان أو حسابات داخلية في الحكومة الأوغندية”.

دعوات للعدالة والتعايش

طالب المتحدثان الحكومة الأوغندية والمنظمات العاملة في المجال الإنساني باتخاذ خطوات حاسمة لحماية اللاجئين ومحاسبة المتورطين في هذه الأحداث.

ودعا نور الدين إلى “تشييع مهيب لجثمان اللاجئ كباشي إدريس بمشاركة المنظمات والسفارات والجهات الحقوقية”، حتى يتم تسليط الضوء على ما يحدث داخل المعسكر، مشددًا على أهمية التعايش السلمي بين المكونات المختلفة داخل كرياندنغو.

تضامن

قال التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة – صمود إن قيادته تواصل اتصالاتها بالحكومة الأوغندية للعمل على ضمان أمن وسلامة اللاجئين، مطالبة بوقف الهجمات على الهاربين من جحيم الحرب في السودان، وتوفير الإسعاف والرعاية الطبية للمصابين.

وأوضح التحالف في بيان أنهم لمسوا تجاوبًا من القيادة الأوغندية، وأعربوا عن أملهم في أن تتخذ الجهات المعنية إجراءات فورية لتأمين وحماية اللاجئين وملاحقة المعتدين ومحاسبتهم، والعمل على التوصل لحلول منصفة لمعالجة الأسباب التي أدت لهذه الصدامات المؤسفة. ودعت اللاجئين السودانيين للمزيد من التضامن والتماسك والتواصل مع السلطات المسؤولة وتجنب كل ما من شأنه تصعيد العنف والتوتر، وأكدت أنها ستواصل العمل لحماية اللاجئين السودانيين وللإسهام في معالجة آثار هذه الأحداث الكارثية.

من جهته، أعرب تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) عن ثقته في أن الحكومة الأوغندية ستولي الأمر أولوية واهتمامًا للأحداث التي أدت لمقتل شخصين وإصابة العشرات.

وأكدت قيادة التحالف أنها ستستمر في التواصل مع الحكومة الأوغندية لمتابعة أحوال اللاجئين السودانيين.

قال محامو الطوارئ إن الاعتداءات التي نفذها لاجئون من جنوب السودان على لاجئين سودانيين تعكس توترًا متراكمًا بين بعض المكونات المجتمعية داخل المستوطنة، تأثرًا بانتهاكات ارتكبتها القوات المسلحة السودانية بحق لاجئين من جنوب السودان في مناطق بولاية الجزيرة، الأمر الذي ساهم في تأجيج مشاعر العداء والانتقام داخل مجتمع اللاجئين.

وأضافوا: “فإننا ندعو الحكومة الأوغندية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية اللاجئين السودانيين، وفتح تحقيق شفاف وشامل في هذه الاعتداءات، ومحاسبة المتورطين. كما نحث جميع الدول المستضيفة للاجئين السودانيين على الالتزام الكامل بتعهداتها القانونية والإنسانية، وضمان عدم تعرضهم للعنف أو التمييز.”

كما أكدوا على ضرورة اضطلاع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكافة المنظمات الدولية المعنية بدورها في تقديم الحماية الفاعلة، وتعزيز حضورها الميداني داخل المستوطنات، خاصة في المناطق التي تشهد توترًا أو عنفًا.

Welcome

Install
×