تضامن عالمي مع ضحايا انزلاقات “ترسين” والسلطة المدنية تعلن أن العدد يفوق الألف

عمليات انتشال الجثث في منطقة ترسين في جبل مرة في دارفور- - 3 سبتمبر 2025- لقطة شاشة من مقطع فيديو نشرته حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد
جبل مرة – 3 سبتمبر 2025 – راديو دبنقا
كشفت السلطة المدنية بمناطق سيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد، أن عدد ضحايا كارثة الانزلاقات الأرضية في منطقة ترسين بجبل مرة يفوق ما ورد في التقارير الأولية، بجانب نفوق عدد كبير من الماشية، وخسائر في المحاصيل المزروعة.
واكدت أن الكارثة خلّفت دماراً واسعاً وسط السكان الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم، ويعيشون أوضاعاً إنسانية بالغة القسوة في ظل انعدام الغذاء والدواء والمأوى.
ووصل رئيس السلطة المدنية، مجيب الرحمن الزبير، إلى ترسين المنكوبة حيث وقف على حجم الكارثة، مشدداً على ضرورة التدخل العاجل من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية لإغاثة المتضررين.
وأشار بيان صحفي صادر عن الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان، محمد عبد الرحمن الناير، اطلع عليه (راديو دبنقا)، إلى وجود تسجيل مصوّر يتضمن تصريحات رئيس السلطة المدنية وشهادات عدد من الناجين وسكان القرى المجاورة الذين سارعوا لتقديم العون فور وقوع الكارثة، فيما من المقرر أن يعلن الزبير خلال الساعات المقبلة تقريراً مفصلاً عن أعداد القتلى والجرحى وحجم الدمار.

جدل واسع
أثار حادث الانزلاقات الأرضية في ترسين ، الذي وقع يوم الأحد جدلاً واسعاً وتضارباً في المعلومات بشأن عدد الضحايا، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تقديرات متباينة، إذ ذكرت بعض المصادر أن عدد القتلى لا يتجاوز شخصين، بينما أكدت الحركة أن عدد الضحايا يفوق الألف شخص.
من جهتها أعلنت مصفوفة تتبع النزوح التي تتبع لمنظمة الهجرة الدولية إن فرقها الميدانية وثقت نزوح 150 شحصا من منطقة ترسين والمناطق المجاورة لها بسبب الانزلاق الأرضي مشيرة إلى أن النازحين اتجهوا صوب مناطق أخرى من محلية شرق جبل مرة.
اتهم الناطق الرسمي باسم الحركة، في تصريحه لـ(راديو دبنقا)، ما وصفها بـ”الجهات المعروفة بانتمائها لفلول النظام البائد وأذيالهم في سلطة بورتسودان” بالوقوف وراء بث معلومات مضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقلل أو تنفي حجم الكارثة. وأكد أن الحركة تدرك أهداف هذه الجهات ومراميها، متسائلاً: ما مصلحة الحركة في فبركة أحداث لم تقع؟ وهل يعلم هؤلاء بحقيقة الأوضاع أكثر من السلطة المدنية للأراضي المحررة.
تضامن أممي
أعرب القائم بأعمال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان عن الأسف العميق بشأن تقارير حدوث انهيار أرضى مميت في قرية تارسين، في جبل مرة في دارفور، أدى إلى وفاة عدد كبير من الأشخاص قد يتراوح بين 300 و1000 شخص وفق مصادر محلية.
وقع الانهيار الأرضي في الحادي والثلاثين من أغسطس بعد هطول أمطار غزيرة. وقدم المسؤول الأممي لوكا ريندا تعازيه القلبية لأسر الضحايا وشعب السودان “في هذا الوقت المأساوي”.
وقال إن الأمم المتحدة وشركاءها في مجال العمل الإنساني يحشدون جهودهم لتقديم الدعم للسكان المتضررين.
وأكد أن مجتمع العمل الإنساني يقف متضامنا مع شعب السودان ولن يدخر جهدا لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين بدون تأخير.
ووفقا لشركاء الأمم المتحدة في العمل الإنساني، من الصعب تقييم النطاق الكامل للوضع أو تحديد عدد الضحايا لصعوبة الوصول إلى المنطقة المتضررة. وتفيد التقارير الأولية من مصادر محلية بأن نحو ألف شخص لقوا مصرعهم، فيما أفاد شركاء للأمم المتحدة بأن العدد أقل من ذلك.
وستقوم بعثة مكونة من عدة وكالات بتقييم الوضع وتوثيق عدد الضحايا خلال الأيام المقبلة.
من أكبر الكوارث
المنظمة الدولية للهجرة أعربت عن الحزن إزاء الانهيار الأرضي الكارثي في قرية تارسين، بمنطقة غرب دارفور. وقالت إن هذه المأساة – وهي إحدى أكبر الكوارث في التاريخ الحديث للسودان – تأتي في ظل الحرب الوحشية التي شردت بالفعل ملايين الأشخاص وتركت مجتمعات على شفا المجاعة.
وذكرت المنظمة، في بيان صحفي، أن جبل مرة – حيث وقع الانزلاق الأرضي – أصبح ملجأ للأسر الفارة من العنف في الفاشر والمناطق المجاورة. وأضافت أن المنظمات الإنسانية غير قادرة على الوصول إلى هذه المنطقة بسبب استمرار الصراع والقيود بما يفاقم الصعوبات التي يواجهها المتضررون.
وتشدد هذه المأساة، كما قالت المنظمة الدولية للهجرة، على الحاجة الملحة للوصول الإنساني الآمن وتوسيع نطاق الدعم. وأضافت: “شعب السودان لا يستطيع تحمل هذا الصراع اللانهائي بمفرده”.
وضمت المنظمة صوتها لمجتمع العمل الإنساني في الدعوة إلى ضمان الوصول الفوري وبدون عوائق إلى المناطق المتضررة. وحثت جميع أطراف الصراع على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وضمان سلامة المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
من جانبهم أعلن كل من الولايات المتحدة الاتحاد الافريقي ومصر وقطر والصومال ودول أخرى عن تضامنها مع ضحايا الانزلاقات الأرضية في منطقة ترسين مطالبين بالسماح بوصول المساعدات.
تحذيرات من مخاطر مستقبلية
أعلنت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية، الذراع الفني لوزارة المعادن، عن نتائج تحقيقاتها الميدانية بشأن الانزلاق الأرضي الذي ضرب قرية ترسين في منطقة جبل مرة بولاية وسط دارفور، مخلفًا خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وقالت الهيئة في بيان علمي إن الحادث وقع نتيجة لهطول أمطار غزيرة أواخر أغسطس، تسببت في زعزعة استقرار المنحدرات الجبلية، ما أدى إلى انهيار كتل من التربة والصخور باتجاه المناطق السكنية.
وأوضحت الهيئة أن الانزلاقات الأرضية تُعد من المخاطر الطبيعية التي قد تتفاقم بفعل النشاط البشري، مشيرة إلى أن عوامل مثل التعدين العشوائي، وشق الطرق دون دراسات جيولوجية، والزراعة في أراضٍ غير مستقرة، تزيد من احتمالات وقوع مثل هذه الكوارث.
وأكدت الهيئة أن منطقة جبل مرة تُعد واحدة من أكثر المناطق نشاطًا جيولوجيًا في السودان، لوقوعها ضمن نطاق تكتوني نشط، وشهدت خلال السنوات الماضية عدة انزلاقات وانهيارات أرضية، خاصة في مواسم الأمطار، ما يستدعي تدخلاً علميًا عاجلاً.
وحذّرت الهيئة من أن تكرار هذه الظواهر قد يؤدي إلى خسائر كارثية في الأرواح والممتلكات، وتدمير البنية التحتية، وتلويث مصادر المياه، والإضرار بالنظم البيئية المحلية.
وأوصت الهيئة بضرورة إجراء دراسات جيولوجية تفصيلية للمناطق المعرضة للخطر، ودمج اعتبارات السلامة الجيولوجية في المشاريع التنموية، وتطوير وتفعيل نظم الإنذار المبكر والرصد المستمر للمنحدرات.
وفي ختام بيانها، قدّمت الهيئة تعازيها لأسر الضحايا، مؤكدة استعدادها للتعاون مع جميع الجهات المعنية من أجل حماية الأرواح والممتلكات، وتقديم الدعم الفني اللازم لمواجهة مثل هذه الكوارث مستقبلاً.