بعثة تقصي الحقائق: فظائع مروعة عقب سقوط الفاشر ومطالبات بمحاسبة المسؤولين

اعضاء لبعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، ديمسبر في جنيف سويسرا، الصورة من مقطع فيديو تحرير دبنقا


امستردام: راديو دبنقا- 30اكتوبر 2025م
أعربت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان عن قلق بالغ إزاء تصاعد الفظائع والانتهاكات الواسعة التي أعقبت سقوط مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في يد قوات الدعم السريع، مؤكدة أن ما يجري يمثل نقطة تحول مأساوية في الحرب المندلعة منذ أكثر من عامين.


وقالت البعثة في بيان صدر الخميس إنها جمعت شهادات مباشرة ومروعة من ناجين تكشف عن “هجمات منهجية ومستمرة تستهدف المدنيين على أسس عرقية”، شملت إعدامات ميدانية، واعتداءات جنسية، ونهباً واسعاً، وتدميراً للبنى التحتية الحيوية، إلى جانب نزوح جماعي قسري لعشرات الآلاف من السكان.


وأضاف رئيس البعثة، القاضي التنزاني محمد شاندى عثمان، أن مدينة الفاشر “تحترق بينما يواجه ملايين السودانيين شبح المجاعة”، مشدداً على أن العالم اليوم أمام خيارين “إما الصمت أو التضامن”. ودعا إلى تحرك عاجل يترجم معاناة الضحايا إلى أفعال حقيقية توقف نزيف الحرب وتعيد الاعتبار للمساءلة.

كارثة إنسانية متفاقمة


وأشار التقرير الأممي، الذي حمل عنوان “سبل العدالة: المساءلة عن الفظائع في السودان”، إلى أن المدينة المنكوبة كانت محاصرة منذ ثمانية عشر شهراً وتعاني من الجوع والقصف المتواصل، قبل أن تسقط بيد قوات الدعم السريع، ما أدى إلى انهيار شبه كامل للنظام المدني وتفاقم الأزمة الإنسانية.وأكدت البعثة أن ما رصدته من أنماط العنف في الفاشر ومحيطها “يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مشيرة إلى أن كلا طرفي النزاع – القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع – ارتكبا انتهاكات جسيمة للقانون الدولي شملت القتل المتعمد والهجمات على المدنيين والاعتداء على الكرامة الإنسانية.

دعوات لإنشاء محكمة دولية خاصة


ولفتت البعثة إلى أن الإفلات الممنهج من العقاب في السودان يمثل أحد الأسباب الجوهرية لاستمرار العنف، مؤكدة أن “العدالة في البلاد تُعاق بشكل منهجي، وأن أطراف النزاع غير راغبة أو غير قادرة على التحقيق أو محاسبة الجناة”.ودعت البعثة المجتمع الدولي إلى إنشاء هيئة قضائية دولية مستقلة وحيادية تعمل بالشراكة مع المحكمة الجنائية الدولية، لإنهاء عقود من الإفلات من العقاب وملاحقة المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة بموجب القانون الدولي.
كما أوصى التقرير بتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كامل الأراضي السودانية، وإنشاء مكتب خاص لدعم الضحايا والتعويضات، وصندوق ائتماني لمساندتهم، إلى جانب برامج تدريب وبناء قدرات للمحققين والموثقين المحليين.

اتهامات مباشرة لقوات الدعم السريع


واتهم التقرير قوات الدعم السريع بارتكاب هجمات موجهة عرقياً، واغتصاب وعنف جنسي، واستخدام التجويع كسلاح حرب من خلال تدمير المرافق الأساسية ومنع وصول المساعدات الإنسانية. وأشار إلى أن هذه الممارسات قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وربما إبادة جماعية في بعض المناطق.
من جانبها، قالت مونا رشماوي، عضوة البعثة، إن “الفظائع الموثقة ليست حوادث معزولة، بل جزء من حملات منظمة ترهب المجتمعات وتستغل انهيار النظام القضائي”، مضيفة أن “تحقيق العدالة يتطلب مؤسسات تحمي الشعب السوداني لا أن تبرر الجرائم بحجة الحرب”.

إدانة وتفاؤل حذر



وأشادت البعثة بإدانة المحكمة الجنائية الدولية في السادس من أكتوبر الماضي لأحد قادة الميليشيات في دارفور، على كوشيب، معتبرة الحكم “خطوة تاريخية نحو كسر دائرة الإفلات من العقاب في السودان”.


وأشارت إلى أن انهيار حكم القانون وتعديلات دستورية أقرّت في فبراير 2025 أجّلت الانتقال المدني وأسهمت في إطالة أمد النزاع، فضلاً عن الهياكل القضائية الموازية التي أنشأتها قوات الدعم السريع، ما فاقم مناخ الإفلات من العقاب وعمّق معاناة المدنيين.


وفي ختام البيان، شددت عضوة البعثة جوي نغوزي إيزييلو على أن “الشعب السوداني أظهر صموداً استثنائياً في وجه الكارثة، وهو لا يطلب الشفقة بل التضامن الفعلي الذي يحوّل القرارات إلى عدالة حقيقية.”

خلفية



تجدر الإشارة إلى أن بعثة تقصي الحقائق أُنشئت بقرار من مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، وتم تمديد ولايتها حتى أكتوبر 2026، للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، بما في ذلك الجرائم المرتكبة ضد اللاجئين والنازحين في دارفور ومناطق النزاع الأخرى

Welcome

Install
×