الهجرة الدولية: 62 في المائة من سكان الفاشر غادروا المدينة بسبب الحرب

الفاشر – 5 أكتوبر 2025 – راديو دبنقا
كشفت منظمة الهجرة الدولية عن تراجع الكثافة السكانية في محلية الفاشر بنسبة 62% مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب، إذ لم يتبقَّ سوى نحو 413 ألف شخص من أصل أكثر من 1.1 مليون نسمة كانوا يقطنون المحلية قبل أبريل 2023.
ويضم هذا العدد نحو 204 ألف نازح داخلي و209 آلاف من السكان غير النازحين.
وأكدت المنظمة نزوح 770 شخصًا من الفاشر إلى طويلة خلال الفترة بين 2 و4 أكتوبر 2025.
وتشهد مدينة الفاشر تصاعدًا في حدة القتال بصورة يومية، وسط مزاعم من طرفي الحرب بالسيطرة على الأوضاع، دون أن يتسنَّ التأكد من ذلك من مصادر مستقلة.
وقال شهود عيان إن طائرة مسيّرة استراتيجية تتبع لقوات الدعم السريع حلّقت فوق المدينة على مدى يومين متواصلين وعلى ارتفاعات منخفضة.
من جانبها، أدانت نقابة الصحفيين السودانيين مقتل الصحفي النور سليمان النور، أمس السبت، متأثرًا بجراحه إثر قصف لقوات الدعم السريع طال منزله بمدينة الفاشر بشمال دارفور.
وعمل النور مراسلًا لإذاعة السلام من محلية المالحة ثم الفاشر، كما عمل محررًا ومقدّم برامج في إذاعة الفاشر، وتقلّد أخيرًا منصب مدير إعلام مكتب الوالي.
وفي السياق نفسه، كشفت منظمة بلان إنترناشونال عن مقتل المتطوع في المنظمة محمد المهدي في معسكر أبو شوك جراء قصف بطائرة مسيّرة.
كما أعلنت وزارة الصحة بشمال دارفور مقتل عدد من منسوبيها جراء هجمات بالطائرات المسيّرة والقصف المدفعي في الفاشر.
وتشهد المدينة حصارًا مطبقًا منذ أكثر من عام ونصف، وسط تصاعد مستمر في حدة القتال.
وكشفت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في تقريرها العاشر حول الأوضاع في مدينة الفاشر وولاية شمال دارفور، عن أزمة إنسانية متفاقمة ونزوح واسع النطاق منذ اندلاع الصراع في السودان في 15 أبريل 2023، حيث تجاوز عدد النازحين من الولاية 1.9 مليون شخص، أي ما يعادل 20% من إجمالي النازحين في البلاد.
طويلة تتصدر استقبال النازحين
أكدت بيانات منظمة الهجرة الدولية أن محلية طويلة تصدّرت استقبال النازحين، إذ بلغ عددهم 575,958 نازحًا، بزيادة تجاوزت الضعف منذ مارس الماضي.
وبلغ عدد النازحين في محلية دار السلام 239,399 نازحًا، وفي الفاشر 204,454 نازحًا. وتُعد هذه المحليات الثلاث أكثر المناطق استقبالًا للنازحين في شمال دارفور.
وأشار التقرير إلى أن عدد النازحين في تاويلا تضاعف خلال ستة أشهر فقط، بينما انخفض عددهم في الفاشر بنسبة 70% بسبب استمرار المواجهات المسلحة داخل المدينة ومحيطها.
وتزور منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، دينيس براون، محلية طويلة بشمال دارفور خلال الأيام الجارية، حيث دعت إلى وقف الحرب والسماح للأمم المتحدة بالوصول إلى المتأثرين بها.
وقالت براون:”لقد استغرق وصولنا إلى طويلة خمسة أيام وخمسة آلاف كيلومتر، عبر ثلاث دول، وثلاث طائرات مختلفة، وثلاثة أيام من القيادة.”
وأضافت أنها تفقدت معسكر أرقو الذي يضم نازحين من الفاشر ومحيطها، كما زارت عيادة صحية تديرها منظمة (أنقذوا الأطفال) تقدم خدمات للنساء الحوامل والأطفال.

نزوح متكرر وموجات عبور إلى تشاد
سجّل التقرير 222 حادثة تسببت في النزوح داخل شمال دارفور منذ أبريل 2023، أي ما يعادل أكثر من ثلث الحوادث المماثلة في السودان.
وشملت هذه الحوادث 166 حادثة صراع مسلح وهجمات، و56 حادثة ناتجة عن فيضانات وحرائق.
كما ارتفع عدد السودانيين الذين عبروا الحدود إلى تشاد بنسبة 45% خلال عام واحد، من 821 ألفًا في سبتمبر 2024 إلى أكثر من 1.19 مليون شخص في سبتمبر 2025.

نزوح جماعي شبه كامل من معسكر زمزم
في أبريل 2025، شهدت الولاية واحدة من أكبر موجات النزوح منذ بدء النزاع، حين تسبب الهجوم على معسكر زمزم للنازحين في نزوح نحو 499 ألف شخص، أي ما يعادل 99% من سكان المعسكر.
كما شهدت مدينة الفاشر ومعسكر أبو شوك نزوح أكثر من 12 ألف شخص خلال أغسطس وسبتمبر 2025 بسبب الاشتباكات المتجددة.

تدهور الخدمات وارتفاع المخاطر الصحية
أكد التقرير أن 78% من الأسر في الفاشر غير قادرة على الحصول على الرعاية الصحية عند الحاجة، بسبب غياب المرافق الطبية العاملة، وانعدام الأمن، ونقص الأدوية.
كما أن 47% من الأسر غير قادرة على تحمّل تكلفة العلاج، و23% تعاني من نقص في الكوادر الطبية.
وأشار التقرير إلى أن الملاريا هي أكثر الأمراض انتشارًا (78%) تليها الالتهابات التنفسية (29%) والأمراض الإسهالية (22%)، ما يعكس انهيارًا واسعًا في الخدمات الصحية الأساسية.
أزمة مياه حادة وانعدام أمن في الأسواق
رغم أن 63% من الأسر تمتلك مصدرًا محسّنًا للمياه، إلا أن 28% منها تقضي أكثر من ساعة في جلب المياه، بينما أفادت 54% من الأسر في الفاشر بأن جلب المياه يُعد نشاطًا خطيرًا بسبب انعدام الأمن.
وفي دار السلام، اشتكت 88% من الأسر من ارتفاع تكلفة المياه إلى مستويات لا يمكن تحملها.
أما على صعيد الأسواق، فقد ذكرت 75% من الأسر في الفاشر أن الخوف من الهجمات المسلحة يمنعها من الوصول إلى الأسواق، بينما وصفت 62% من الأسر وضعها الغذائي بأنه ضعيف جدًا، وأشارت 47% إلى اعتمادها على استراتيجيات طوارئ للبقاء مثل تقليل الوجبات أو بيع الممتلكات.
مخاوف من الألغام والقيود على الحركة
أبلغت 84% من الأسر في شمال دارفور عن مخاوف من وجود ذخائر غير منفجرة في مناطقها،
وأفادت 24% من الأسر بأنها واجهت قيودًا على الحركة خلال الأشهر الأخيرة، معظمها بسبب انعدام الأمن والمخاطر المرتبطة بالألغام.
تراجع حاد في الخدمات الأساسية
تشير البيانات إلى أن معظم الأسر تحصل على الكهرباء لأقل من نصف ساعة يوميًا، مما يعكس انهيارًا تامًا في البنية التحتية للطاقة والخدمات الحيوية.
كما لا يتجاوز معدل الوصول إلى مرفق صحي خلال 15 دقيقة 21% فقط من السكان، وهي من أدنى النسب في السودان.
توقعات بزيادة النزوح داخليًا وخارجيًا
تتوقع فرق الميدان في مصفوفة تتبع النزوح استمرار حركة النزوح من الفاشر إلى تاويلا ودار السلام خلال الأشهر القادمة، إضافة إلى تزايد العبور نحو تشاد ووسط دارفور نتيجة استمرار القتال وصعوبة الوصول إلى الخدمات.
ووفق التقرير، فإن 65% من النازحين يخططون للبقاء في أماكنهم، و20% ينوون العودة إلى مناطقهم الأصلية، و8% يفكرون في الانتقال إلى مناطق أخرى داخل السودان، بينما يعتزم 2% مغادرة البلاد.
وأكدت المنظمة الدولية للهجرة أن شمال دارفور يشهد إحدى أكبر أزمات النزوح في السودان، حيث يعيش السكان وسط تدهور حاد في الأمن والخدمات الأساسية، داعيةً إلى توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية وتأمين ممرات آمنة لإيصال المساعدات، ومحذّرة من أن استمرار تدهور الوضع قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة داخل الولاية وخارجها.