الحكم بالإعدام على محام في سنجة يثير تساؤلات حول استقلالية القضاء

سنجة:5 أكتوبر 2025:راديو دبنقا
أصدرت محكمة جنايات سنجة اليوم الأحد حكمًا يقضي بإعدام المحامي أبوبكر منصور شنقًا حتى الموت، بعد أن كان قد صدر بحقه سابقًا حكم بالسجن المؤبد بموجب المادتين (50) و(51) من القانون الجنائي لسنة 1991، إلى جانب تهم أخرى وصفت بأنها ذات طابع سياسي.
وقالت مجموعة محامي الطوارئ في بيان اطلع عليه “راديو دبنقا” إن هيئة الدفاع قد استأنفت الحكم بالسجن المؤبد أمام محكمة الاستئناف، التي قضت بإسقاط بعض التهم وإعادة الملف إلى المحكمة العامة لسماع بينات إضافية. إلا أن القاضي عبداللطيف آدم محمد علي — المنتدب خصيصًا للنظر في القضايا ذات الطابع السياسي — أصدر حكم الإعدام دون سماع البينات المطلوبة ودون إخطار هيئة الدفاع أو تمكينها من حضور جلسة النطق بالحكم، رغم تحديد موعد سابق في 9 أكتوبر 2025.
وأوضحت المجموعة أنه قبل صدور الحكم بخمسة أيام، قامت الأجهزة الأمنية باعتقال المحامي أبوبكر الماحي، عضو هيئة الدفاع، وحالت دون السماح له بأداء مهامه القانونية أو التواصل بحرية مع موكله.
خرق وانتهاك
واعتبرت المجموعة الحكم خرقًا مباشرًا لقرار محكمة الاستئناف وانتهاكًا صريحًا لحق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في الدستور الانتقالي والمواثيق الدولية. كما يعكس تسييسًا واضحًا لمؤسسات العدالة وتدخلاً مباشرًا من الأجهزة الأمنية في عمل القضاء، بما يقوض استقلاله ويهدد مبدأ سيادة القانون.
وأكدت المجموعة أن هذه القضية تأتي في سياق متسع من التضييق على العمل الحقوقي في السودان واستهداف المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان عبر محاكمات وإجراءات تعسفية تتنافى مع التزامات السودان الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
وتعرب جهات حقوقية دولية عديدة عن قلقها إزاء المحاكمة الايجازية التي يشهدها السودان.
مطالب
وطالب محامو الطوارئ بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق المحامي أبوبكر منصور فورًا وإعادة النظر في قضيته وفق إجراءات عادلة وشفافة، كما طالبوا بالإفراج عن المحامي أبوبكر الماحي عضو هيئة الدفاع وتمكينه من أداء مهامه القانونية بحرية، ونؤكد ضرورة وقف أي تدخل أمني في عمل القضاء والنيابة العامة لضمان استقلال القضاء وحق الدفاع.
وحمّلت المجموعة السلطات الأمنية المسؤولية الكاملة عن سلامة المعتقلين، ونؤكد أن ما يجري يمثل انتهاكًا خطيرًا لسيادة القانون وضمانات العدالة. وأشارت إلى غياب مؤسسات عدلية مستقلة، داعية المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان متابعة القضية والضغط على السلطات السودانية لوقف استخدام القضاء كأداة للتصفية السياسية.
وأكد أن حماية مهنة المحاماة والحق في الدفاع تمثل حجر الأساس لأي نظام عدلي عادل، وأن صون استقلال القضاء شرط أساسي لاستعادة الثقة في العدالة وسيادة القانون.
أصل الحكم
وكانت محكمة سنجة العامة قد أصدرت مؤخرًا حكمًا بالسجن لمدة عشرين عامًا مع الغرامة بمبلغ عشرة ملايين جنيه سوداني، بحق المحامي أبو بكر منصور محمد حمزة، وذلك بموجب اتهامات تتعلق بالتعاون مع قوات الدعم السريع. وفي بيان سابق ذكرت مجموعة محامي الطوارئ إنه ووفقًا للوقائع والشهادات المقدمة أثناء جلسات التقاضي، فإن الحكم الصادر أثار تساؤلات قانونية جوهرية تتعلق بسلامة الإجراءات، وتقييم الأدلة، وتطبيق المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون السوداني .
وكشفت المجموعة عن توفر إفادات متعددة من شهود عيان خلال المحاكمة، أشارت إلى وجود المحكوم عليه داخل المدينة خلال فترة الأحداث، وقيامه بتقديم مساعدات إنسانية تمثلت في توزيع أدوية على المرضى، دون ثبوت أي نشاط مادي يرقى إلى مستوى “التعاون الجنائي” وفق تعريف الجريمة محل الاتهام. كما لوحظ تجاهل بعض الشهادات الداعمة للمتهم، وعدم تكييف الأدلة بما يتناسب مع مبدأ “الشك يُفسر لصالح المتهم”، وهو ما يُعد إخلالًا جوهريًا بضمانات الدفاع.
وأكدت أن الحكم المذكور يخالف الأسس القانونية المستقرة للمحاكمة العادلة، وطالبت حينها بإخضاعه للمراجعة عبر القنوات القضائية المختصة. كما طالبت بإعادة النظر في الحكم عبر الاستئناف وتمكين المحكوم عليه من ممارسة حقه في الدفاع الكامل أمام القضاء بشكل مستقل ومحايد التزامًا بمبادئ العدالة وسيادة القانون.