محاكمة الانقلاب والمعمار الصيني..!! ..

لا أدرى لماذا قفزت إلى الذهن محاكمة انقلاب الإنقاذ عند مطالعة خبر مُدهش عن تمكّن الصينيون العفاريت من تشييد مبني من 10 طوابق في 24 ساعة..!! وكدنا أن نكذب عيوننا ونحن نرى بالصورة والصوت المبني يتم تشييده أمام الجميع.

بقلم: د. مرتضى الغالي

لا أدرى لماذا قفزت إلى الذهن محاكمة انقلاب الإنقاذ عند مطالعة خبر مُدهش عن تمكّن الصينيون العفاريت من تشييد مبني من 10 طوابق في 24 ساعة..!! وكدنا أن نكذب عيوننا ونحن نرى بالصورة والصوت المبني يتم تشييده أمام الجميع.. فاتجهنا إلى مواقع الصحف العالمية و(عتاولة القنوات) ومنابر الإعلام وحتى (سي إن إن) فتأكد الحدث الذي نفذته (مجموعة شركات بورد) الصينية؛ وقد اكتمل المبنى الشاهق في بحر يوم واحد بما في ذلك توصيل الكهرباء والمياه وتأثيث الغرف والقاعات ووضع باقات الورود على الطاولات..!! ومن باب الدقة و(الأمانة) فقد استغرق العمل 26 ساعة و45 دقيقة..! بما في ذلك تفريغ الشاحنات التي حملت أجزاء المبني سابقة التجهيز.. واستخدمت الشركة (ثلاثة كرينات) لتسريع العمل الذي أنجزه فريق صغير من المهندسين والعمال..وكل منهم لا يكاد ينظر للأخر لأنه يعرف مهمته إلى درجة (العوارة)..! وذكرت الشركة أن المبنى مقاوم للزلازل ويمكن تفكيكه ونقله لمكان آخر (حسب الرغبة) وأنها على استعداد لتشييد مباني مماثلة خلال يوم واحد في أي مكان في العالم..!!

جلسنا قبل أيام نستمع إلى مجريات محاكمة المتهمين بانقلاب الإنقاذ (المجرمين سابقاً) وطبعاً لا احدي بوسعه التدخّل في إجراءات القضاء..لكننا نصف (في حياد سويسري) بعض ما شاهدناه..فعلى مدى يوم كامل لم تتقدم مجريات المحاكمة (خطوة واحدة) وانتهت الجلسة كما بدأت وتم رفعها استجابة لطلب غريب من احد الانقلابيين قال إن محاميه غير موجود الآن…(وين راح)؟! لم يذكر سبب غيابه ولم يسأله احد.. ولا شك أن المراقب العادي مثل حالاتنا له الحق في أن يستعجب لهذا الطلب الغريب بتأجيل المحاكمة والاستجابة السريعة من المنصة.. مع أن هناك هيئات دفاع ومحامين بالجملة مع عشرات المتهمين الآخرين..ولا ندري كيف تُرفع الجلسة بسبب غياب محامي متهم واحد، ولا تواصل عملها تجاه المتهمين الآخرين حتى ولو سمحت للمتهم (أبو محامي غايب) بالرجوع إلى غرفته في كوبر..ومعنى ذلك أن من المُتاح لكل متهم أن يطالب في أي جلسة بتأجيل المحاكمة متعللاً بعدم حضور محاميه.. لأنه ذهب للتسوّق في مول عفراء..!!

في هذه الجلسة كان أكثر من عشرة من أفراد هيئة دفاع (مجرمي الإنقاذ سابقاً) والمتهمين حالياً يقف ويقدم نفس الطلب الذي قدمه من سبقه.. والقاضي يطالب المحامي بأن يجلس و(المحامي لا يجلس) ويواصل ترديد ذات الكلام الذي أدلى به زميله..المحامي يتجاهل عامداً أمر القاضي بالجلوس ويواصل الحديث.. وبدلاً من أن يتمسّك القاضي بقراره يسمح للمحامي بمواصلة (اللت والعجن).. ويتضح جلياً أن المحامين يقصدون تحدي أوامر القاضي في خطة واضحة (مُتفق عليها).. وكلما أشار القاضي للمتحري بمواصلة تلاوة صحائفه يتصدى له سبدرات و(نقطة نظام الإنقاذ) والبقية بالمقاطعات وتقديم الطلبات الغريبة.. والمنصة شبه صامته..والمتحري ينظر للقاضي انتظاراً لإشارة مواصلة قراءة مدوناته والقاضي يستجيب للمقاطعات الفجّة..وهيئة الدفاع غير الوقورة تنطط بين الطاولات..!! طبعاً القضاة أدرى بكيفية إدارة محاكمهم.. ولكن هل يحتاج إثبات قيام هذه العُصبة بالانقلاب إلى كل هذا الوقت والإجراءات.. وبيان الانقلاب موجود صوت وصورة واعترافاتهم موثقة وفخرهم بالانقلاب لا يترك مجالاً للبحث عن الأشباح الذين قاموا به..!! وبهذه الكيفية يمكن أن تستمر المحاكمة أعواماً حسب التوقيت الذي تختاره هيئة دفاع الانقلابيين..!!

القضاء ساحة لا تقبل غير الاستقلال والحيدة والتقيّد بالقانون (بغير لعب) وفرض هيبة المحكمة.. وكل ذلك لا جدال فيه.. ولكن اذكر أن أحد أعمامنا أبدى استغرابه عندما قلنا له أن فلاناً من بلدياتنا أصبح قاضياً..وسألناه عن سبب دهشته..فرد علينا بأن القاضي (لازم يكون شديد ولضيض وحويط) لا تفوت عليه الألاعيب.. وزولكم ما بينفع (لأنو غشيم)..وسكت وسكتنا….!