برنامج الأغذية: المدنيون يواجهون خطر الموت جوعًا في الفاشر

نازحون فارون من الفاشر إلى طويلة بشمال دارفور -يولوليو 2025- برنامج الغذاء العالمي/محمد جمال
بورتسودان: 5 أغسطس 2025م: راديو دبنقا
حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن العائلات العالقة في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تواجه خطر الموت جوعًا، وذلك بعد مرور عام على تأكيد المجاعة لأول مرة في معسكر زمزم الواقع بولاية شمال دارفور في السودان.
وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان صادر اليوم الثلاثاء، اطّلع عليه “راديو دبنقا”، إن مدينة الفاشر معزولة عن وصول المساعدات الإنسانية، مما يترك السكان المتبقين دون خيار سوى الاعتماد على ما تبقى لديهم من إمدادات محدودة للبقاء على قيد الحياة.
وأوضح أن البرنامج لم يتمكن من إيصال المساعدات الغذائية إلى الفاشر برًا على مدار أكثر من عام، فجميع الطرق المؤدية إلى المدينة مقطوعة، ويواصل البرنامج تقديم الدعم النقدي الرقمي لنحو 250 ألف شخص داخل المدينة، حيث يمكنهم استخدامه لشراء أي طعام لا يزال متوفرًا في الأسواق. لكنه أكد أن ذلك غير كافٍ لتلبية الاحتياجات الهائلة لسكان المدينة المحاصَرة.
صراع يومي من أجل البقاء
قال المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة جنوب وشرق أفريقيا، إريك بيرديسون:
“يواجه الجميع في الفاشر صراعًا يوميًا من أجل البقاء، فقد استنزفت الحرب الدائرة منذ عامين جميع آليات التأقلم التي كان يتبعها الناس. ودون إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ومستدام، سيموت الكثير من الناس.”
ومع قطع طرق التجارة وإغلاق خطوط الإمداد، ارتفعت تكلفة المواد الغذائية الأساسية مثل الذرة الرفيعة أو القمح، اللذين يُستخدمان في صنع الخبز والعصيدة التقليديين، بنسبة وصلت إلى 460% في الفاشر مقارنة بباقي مدن السودان. وقد أقامت بعض المجموعات المحلية مطابخ خيرية “تكايا” أثناء الحرب لتوفير وجبات ساخنة للجوعى، لكن لم يعد يعمل منها سوى عدد قليل جدًا.
تناول أعلاف الحيوانات
وتعرضت البنية التحتية المدنية – بما في ذلك الأسواق والعيادات – للهجوم، وتفيد التقارير بأن بعض العائلات تلجأ إلى تناول أعلاف الحيوانات ومخلفات الطعام من أجل البقاء على قيد الحياة. وأشار العديد ممن تمكنوا من الفرار من المدينة إلى تصاعد وتيرة انتشار العنف والنهب والاعتداءات الجنسية.
وقالت سندس، وهي طفلة تبلغ من العمر ثمانية أعوام، للعاملين في البرنامج:
“هناك الكثير من القصف والجوع في الفاشر. ليس هناك سوى الجوع والقنابل، لهذا غادرنا الفاشر”.
وقد فرت سندس مع أفراد عائلتها الخمسة من الفاشر، ولم يبقهم على قيد الحياة سوى الاقتيات على الذرة البيضاء. وهي واحدة من بين 400 ألف شخص نزحوا مؤخرًا إلى مدينة طويلة ويتلقون الدعم من برنامج الأغذية العالمي.
جهود برنامج الأغذية العالمي
في السودان، يصل برنامج الأغذية العالمي إلى أكثر من أربعة ملايين شخص شهريًا، منهم 5.5 مليون شخص في شهر مايو وحده، في أكثر المناطق معاناة من انعدام الأمن الغذائي وتضررًا في البلاد.
ويشمل ذلك ما يقرب من 1.7 مليون شخص – حوالي 80% من الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في المناطق التي تم تأكيد المجاعة فيها أو التي تُعتبر معرضة لخطر المجاعة – وأكثر من 600 ألف امرأة وطفل يتلقون الدعم الغذائي.
وقد أسهمت المساعدات التي يقدمها البرنامج في الحد من خطر المجاعة في ست مناطق بوسط دارفور واثنتين في غربها، لكن مع بدء موسم الأمطار ستنقطع الطرق المؤدية إلى دارفور قريبًا، ومن المحتمل أن تتراجع المكاسب الهشة التي تحققت إذا انقطعت المساعدات.
وقالت مديرة سلسلة الإمداد وتقديم الخدمات ببرنامج الأغذية العالمي، كورين فلايشر:
“حققنا تقدمًا في ظل أصعب الظروف، ولكن الوصول إلى مناطق رئيسية مثل الفاشر لا يزال مقطوعًا، ويجب أن تُتاح لنا فرصة الوصول إلى جميع المدنيين المحتاجين.”
تصريح للوصول إلى الفاشر
اعتبارًا من 1 أغسطس، حصل البرنامج على تصاريح من مفوضية العون الإنساني السودانية لقافلة مساعدات إنسانية متجهة إلى الفاشر. ولم تُعلن قوات الدعم السريع، التي تُحاصر عاصمة شمال دارفور منذ أكثر من عام، دعمها لوقف إطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المدينة.
وأضافت فلايشر:
“برنامج الأغذية العالمي مستعد بشاحنات محمّلة بالمساعدات الغذائية لإرسالها إلى الفاشر. نحن بحاجة ماسة إلى ضمانات مرور آمن.”
وكانت قافلة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف، كانت في طريقها لنقل الإمدادات الغذائية والتغذوية إلى الفاشر، قد تعرضت لهجوم في شهر يونيو، حيث قُتل خمسة من أفراد القافلة وتضررت الإمدادات.
ويحتاج البرنامج إلى 645 مليون دولار أمريكي على مدار الأشهر الستة المقبلة لمواصلة تقديم المساعدة الغذائية والنقدية والتغذوية الطارئة. ويتسبب انقطاع خطوط الإمداد في فرض تنازلات صعبة بالفعل، إذ توقفت المساعدات عن بعض العائلات النازحة في شرق السودان، والتي كانت تعتمد على دعم البرنامج على مدار عامين.