إلى متى (الصَمْتْ) على جرائم البشير وعُصْبَته ؟!

يبدو واضحاً إصرار البشير وعُصبَتُه على استمرار (سَفْك) الدماء السودانية، في سبيل إشباع مَلَذَّاتهم وشهواتهم المالية والسُلطوية التي لا تنتهي،

 

بقلم :  د. فيصل عوض حسن

 

 

يبدو واضحاً إصرار البشير وعُصبَتُه على استمرار (سَفْك) الدماء السودانية، في سبيل إشباع مَلَذَّاتهم وشهواتهم المالية والسُلطوية التي لا تنتهي، والتي في سبيلها أراقوا دماءً كثيرة في كل مناطق السودان، بإقرار البشير (نفسه) في إحدى لحظات (لا وعيه) واعتقد بعض البُسطاء أنَّه (ندم) و(عاد) لرُشده، أو على الأقل سيُوقف (حَمَّام) الدم الذي أراقه في السودان هو وعُصْبَتُه، ولكنه كالـ(مُعتاد) خيَّب كل أمل (خيرٍ) فيه وفي عُصْبَته. فقد شهدت منطقة الجريف شرق يوم الجُمعة المُوافق 12 يونيو 2015 مُظاهراتٍ عنيفة، عقب انتزاع بعض أراضي سُكَّان المنطقة، مما أسفر عن اغتيال أحد المُواطنين نتيجة الشرطة للقوة الـ(مُفرطة) ما بين غازٍ مسيلٍ للدموع إلى الرصاص الحي والمطاطي!

هؤلاء المغضوب عليهم ليسوا من كوكبٍ آخر، احتلُّوا جُزءاً من السودان بقوة السلاح، إنَّما هم مُواطنون سودانيون آمنين وُلِدوا ونشأوا بهذه المنطقة وعاشوا فيها منذ قبل الاستقلال، وبين ليلةٍ وضُحاها (تغوَّل) المُتأسلمون على أراضيهم ونزعوا جانباً كبيراً منها، ومنعوا بعضهم من مُمارسة أعمالهم (مصدر أرزاقهم)، دون أن يُقدموا لهم البدائل أو الحلول الموضوعية والعادلة، مع مُماطلات وتسويف معهود ومألوف منهم، لاستفزاز الأهالي حتَّى ينقضُّوا عليهم، وهو ما حدث فعلاً! حيث تدافع العشرات – رجالاً ونساء وأطفال – إلى الشوارع احتجاجاً على الأضرار التي لحقت بهم، فقابلتهم الشرطة مما أسفر عمَّا ذكرناه أعلاه، وثمَّة أقاويل بوجود أكثر من قتيل مع إصاباتٍ عديدة. وقبل هذه الأحداث، شهدت منطقتي الشجرة والحماداب أحداثاً (مُؤسفة)، ضاعت فيها أرواح عزيزة أيضاً، نتيجة لاستخدام القوة المُفرطة ضدهم، ليس إلا لأنهم احتجوا على انتزاع أراضيهم من قبل مُغامري المُتاسلمين! وساذجٌ وواهم من يعتقد بأنَّ هذه الأحداث لن تتكرَّر وستكون الأخيرة، فسيواصل البشير وعُصْبَتُه إجرامهم، بعدما أدمنوا القتل والنهب، ولن يتوقفوا وسيقتلعوا المزيد من الأراضي، سواء في الجريف شرق أو غيرها، وبالتالي تكرار هذه الأحداث لا سيما في ظل عدد من المُؤشرات والمُعطيات!

فقد (كَشَفَ) ما يُسمَّى بالجهاز القومي للاستثمار عن تعديلاتٍ جديدة في (قانون الأراضي) للـ(مُساعدة) في حل (إشكالات الأراضي الاستثمارية) التي يفتعلونها، وذلك عبر (لَجْنَة) مُكوَّنة مما يصفونها بوزارة الـ(عَدْلْ) والاستثمار والجهات المُختصَّة (لم يُحددوا هذه الجهات وما هي اختصاصاتها وعلاقتها)! وستُركز هذه (اللجنة) على (جمع) قوانين الأراضي في قانون (مُوحَّد) يُسهِّل (استثمار) الـ(أراضي)، و(مُراجعة) القوانين وتنظيم (الحيازة) و(مُمارسة) الـ(حقوق) المُتعلقة بها، وإيجاد حلول جذرية للـ(مُشكلات) التي تواجه (تعاملات) الـ(أراضي) والـ(مُستثمرين)! هذا الـ(التفاف) الإسلاموي واضح جداً أنَّه يستهدف (اقتلاع) المزيد من أراضي السودان، عقب (شَرْعَنَة) الأمر وتقنينه بتشريعات (مُفصَّلة) بالمقاس، دون أي واعز شرعي أو أخلاقي، وعلى النحو الذي فعلوه مع أهالي البراري والجريف غرب والفتيحاب وغيرها، والتي كانت أراضيهم مزارع (ترفد) الخرطوم وما جاورها بالخُضَر الـ(صحية) غير المُلوَّثة بالكيماويات، والألبانٍ والدواجن والبيض بأسعارٍ في مُتناول الجميع، فتم اقتلاعها بقوانين و(قرارات) خبيثة كهذه، وقاموا ببناء الفلل الرئاسية التي باعوها لاحقاً بأثمانٍ زهيدة، وتَقَاسَموا بقية الأراضي المنهوبة (المُتوارثة أباً عن جد) وبنوا فيها قصورهم (بأموال الشعب المنهوبة أيضاً)! وها هم الآن يسيرون في ذات الإطار، ولن يتوقَّفوا أو يرتدعوا حتَّى ولو قتلوا الشعب بأكمله! فهم مُغامرون بدءاً بكبيرهم البشير الذي أقرَّ بقتل المئات، بل الآلاف في دارفور، ومع هذا (يتبجَّح) و(يتباهى) بـ(هروبه) كالفأر من قبضة الـ(عدالة)، ويجد من يصفق له ويهتف ويحتشد لاستقباله استقبال الفاتحين، بينما هو عكس هذا ودونكم راهننا الأليم وأراضينا التي يتركوها للغير يحتلونها، بل ويقتلعون ما توارثه الناس عن أجدادهم!.

وكعادتهم منذ مجيئهم المشئوم، (يلتف) المُتأسلمون حول هدفهم ويبدأون بقياس الرأي مع بعض التمويهات والإلهاءات، ليبدو الأمر وكأنَّه (فضلٌ) منهم وليس حق مكفولٌ و(مُتوارَث)، يدعمهم في هذا إعلامٌ مأجور يبيع كل ما له علاقة بالقيم والمُثُل! ومن بين مُؤشرات اعتزامهم لـ(قتلاع) المزيد من الأراضي أيضاً، ما أعلنه وزير التخطيط العمراني بولاية الخرطوم أنَّ 50% من الأراضي ستكون لصالح الأهالي، وذلك خلال جولة قام بها لعددٍ من قُرى الريف الجنوبي لأم درمان، بهدفٍ (مُعْلَن) يتمثل في مُعالجة وتسوية النزاعات في بعض المناطق المُتداخلة بين تلك القرى، والإطمئنان على سير الخدمات ومشروعات التنمية والتخطيط القائمة فيها (بينما برميل الماء في الفتيحاب بثمانين جنيه)! بينما الهدف الـ(مُستَتَرْ) هو ابتلاع  بقية الـ50% من الأراضي، بحُجَّة بناء مدينة محورية شمال المطار الجديد تحتوي على 30 ألف وحدة سكنية اطلقوا عليها اسم (مدينة أفريقيا الإستثمارية)! وهي عادتهم التي لم ولن يغيروها أو يبدلوها، (لمَّة) و(جوغة) بهدف ظاهري هو خدمة العباد، وتضخيم الأمر عبر الآلة الإعلامية الرخيصة وبعض القوانين والتشريعات المُفصَّلة (كلٌ حسب الحالة)، دون الرجوع للجهة التشريعية للبلاد أو مُناقشة أو استفتاء! مع (هدف) آخر مُسْتَتَر يتمثل في ابتلاع حقوق الشعب! فإذا سارت الأمور كما يرسمون يُكملوا الجريمة، وإن (فَطِنَ) الناس للملعوب يُمارسون القتل والتنكيل بهم، دون عقابٍ أو مُحاسبة (كجبار، المناصير، أم دوم، الحماداب والشجرة والجريف شرق مُؤخَّراً والقائمة تطول)! فالقتل عندهم (قانوني)، وحثَّهم عليه  البشير نفسه، حينما (وجَّه) في تصريحٍ نشرته كل الصُحُف (وكتبنا عنه بوقتها)، بعدم (مُساءلة) أي شرطي أثناء (أداء واجبه) ناهيك عن مُحاسبته، وبعدها بيومين قتلوا امرأة داخل بيتها في الحماداب بحجَّة (أداء الواجب)!

أمَّا الاستثمار الذي يتخذونه (غطاء) لابتلاع أراضي الشعب ومُمتلكاته فهو (مُتعثر)، ولم يُحقق أي نجاحات مشهودة وملموسة، انعكست إيجاباً على اقتصاد البلد وتحسين دخلها القومي! فالاستثمار عندهم لا يتعدَّى بيع أراضي البلد للغير، دون دراسة لما يترتَّب على هذا الإجراء الكارثي وخطورته على مُستقبل السودان، سواء بقي الغريب فيها أو تركها عقب اصطدامه بأصحابها. وآخر صور خيبتهم، فضيحة (ملتقى أبوظبى للاستثمار)، وقبله مُلتقى الرياض بالسعودية، وهي فعاليات كان يصنعها (سمسار) المُتأسلمين السابق لينتهزها في سُؤال و(شَحْتَة) الغير أو التنازُل عن مُقدرات البلد وأهلها، وهو في الواقع (يُشوه) و(يُدمر) الاستثمار فى السودان  (حاضراً ومُستقبلاً)!

ظللتُ لفترة أتحاشى (عمداً) الحديث عن تمثيلياتهم التي يصنعونها لإلهاء العامَّة، وآخرها المسرحية العبثية ما بين جوهانسبيرج والخرطوم والتي هي في الواقع خيبة كبيرة وعارٌ ما بعده عار! كما أتحااشى الحديث عن سواءاتهم (غير المحدودة)، لأنها معروفة بالضرورة ولا حاجة للناس بحصرها وعرضها، وإنَّما اتَّجهتُ للتوعية بما يُخططون له والتحذير من (تبعاته)، و(طَرْح) ما يُمكن من حلول لمُجابتهم، ولعلَّ موضوع  التعديلات المُقترحة على قانون الأراضي (موضوع هذا المقال) أحدها، لاستهدافه (تقنين) اقتلاع أراضي العامَّة، وبالتالي اصطدامهم بالبشير وعُصْبَته، مما يعني (عملياً) مزيد من الدماء والضحايا.

المُحصِّلة أنَّ مناطقاً عديدة من السودان (مُعرَّضة) في القريب جداً لهجمات المُغامرين ولصوص الأراضي من المُتأسلمين بحجة الاستثمار، ويعملون الآن لتجهيز الغطاء القانوني اللازم لاستكمال النهب، حيث تقف قوانين الأراضي الحالية (حائلاً) دون بلوغهم هذا الهدف. والدعوة مُوجَّهة للقانونيين والكُتَّاب الشرفاء لمُجابهة هذه الكارثة الإسلاموية القادمة (كلٌ في مجاله). والدعوة نوجهها لأفراد الشرطة لا سيما المُستويات الوسيطة والدنيا، لا تقتلوا أهاليكم ولا تغُرنَّكم دعوة البشير ومن معه، فقد استحقروكم بسحب مهامكم الأصيلة وجعلكم تحت سطوة المُجرمين وقاطعي الطريق المُسمُّون الدعم السريع، وزرعوا الفتنة بينكم وبين المسحوقين من أفراد شعبكم، وانتم وهم ضحايا، وعلى أقلَّ الفروض إن لم تنصروا أهلكم لا تقتلوهم،  فالكأس دائرة وستُسألون عمَّا فعلتموه وستفعلوه يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.

وثَمَّة كلمة لبقية أهل السودان، ها أنتم ترون بأنفسكم أنَّ الكل سواء كانوا مُتأسلمين بالداخل أو دولاً تَدَّعي صداقتها للسودان، يعملون لمصالحهم الخاصَّة، فلا تنتظروا حزباً ولا منقذاً (خارجياً)، ولا مجال أمامكم – بعد لطف الله – إلا بالاتحاد لمُواجهة هذه العصابة التي لا ترحم شيخاً ولا طفلاً ولا امرأةً أو رجل! ففي الاتحاد قوة، وينبغي أن (نتلاحم) حينما يستهدفون منطقةً ما، وعدم الاكتفاء بموقف المُتفرجين، ونُصرَتهم بكل أنواع الـ(نُصْرَة) المُتاحة، فالخوف لا يُنجينا من بطشهم، إذ أنَّ أياديهم طالت النساء في بيوتهن دون رقيبٍ أو حسيب! وأضحى الأراذل (سادة) ويتحدثون باسم السودان الذي كان حراً، ويتلاعبون بالأرواح يُمنةً ويُسرى، فإلى متى الصمت على جرائم البشير وعُصْبَته؟!