جبال النوبة.. نزوح مليون مواطن وانهيار كامل للخدمات

مطابخ جماعية في كادوقلي بجنوب كردفان

مطابخ جماعية في كادوقلي بجنوب كردفان-أغسطس 2025- الهلال الأحمر السوداني


جنوب كردفان: 29 ديسمبر 2025: راديو دبنقا
تواجه ولاية جنوب كردفان كارثة إنسانية وصفت بالأقسى منذ اندلاع النزاع، حيث تحاصر نيران القصف وبرد الشتاء مئات الآلاف من المدنيين العزل. وفي ظل غياب الرد الرسمي من أطراف النزاع على مبادرات السلام، حذر “تحالف قوى جبال النوبة المدنية” من تحول الوضع إلى أزمة إنسانية كبرى قد تخرج عن السيطرة، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ الأرواح.

إحصائيات مرعبة للنزوح


كشف تحالف قوى جبال النوبة المدنية في بيانه رقم (5) أن عدد النازحين من مدينتي الدلنج وكادوقلي منذ أبريل الماضي بلغ 825,000 مواطن. وفي إفادة خاصة لـ (راديو دبنقا)، أوضح د. صديق تاور، عضو المجلس السيادي السابق، أن نحو 70% من سكان كادوقلي غادروا المدينة في رحلة نزوح عشوائية وشاقة، حيث فر قرابة المليون شخص تجاه مناطق الحركة الشعبية، وآخرون نحو “أبوزبد” والأبيض، مشيراً إلى وفاة بعض النازحين في الخلاء نتيجة الظروف القاسية.من جانبها، أكدت سوسن جمعة، الناطق الرسمي باسم التحالف لـ (راديو دبنقا)، أن إحصائيات الحركة الشعبية تشير لامتلاء مناطق سيطرتها بقرابة مليون نازح، بينما يستقبل طريق الأبيض يومياً نحو 200 شخص يعبرون في ظروف أمنية معقدة.

الانهيار الخدمي


يعاني الإقليم من ارتفاع جنوني في أسعار السلع، حيث وصل سعر كيلو السكر والعدس إلى 24,000 و 26,000 جنيه على التوالي، مع انقطاع شبه تام للاتصالات. وأشارت سوسن جمعة في تصريحها لـ (راديو دبنقا) إلى أن تكلفة ترحيل الأسرة الواحدة عبر “التكتك” بلغت 2 مليون جنيه، مما جعل العائلات الفقيرة عالقة في مناطق القصف.
وعلى الصعيد الصحي، أكد التحالف خروج مستشفيات الدلنج (التعليمي والعسكري) عن الخدمة تماماً، فيما يعمل مستشفى “الأم بخيتة” وحيداً وسط نقص حاد في الأدوية والكوادر الطبية التي غادر معظمها الإقليم.

انتهاكات جسيمة واغتيالات تحت التعذيب


لم تتوقف المأساة عند الجوع والنزوح، بل امتدت لتشمل تصفية الكوادر؛ حيث نقلت مصادر لـ (راديو دبنقا) نبأ مقتل الدكتور عريس حامد محمد كباشي، مدير ديوان الزكاة، “تحت التعذيب” في المعتقل، وسط اتهامات بوجود تحريض سياسي خلف الجريمة.كما أدان التحالف مقتل 12 شخصاً وإصابة 19 آخرين في منطقة “جلد” بالدلنج بتاريخ 25 ديسمبر جراء قصف بمسيرة تابعة للجيش، بالإضافة إلى رصد حالات فرض رسوم باهظة ومصادرة مستندات المواطنين الفارين من قبل بعض الأطراف العسكرية.

أم دورين.. بؤرة المعاناة الإنسانية



وفقاً لتقرير صادر عن “مبادرة تمكين ملكات النوبة” اطلع عليه راديو دبنقا، فإن محلية أم دورين وحدها تستضيف أكثر من 10,000 نازح يتوزعون على ثلاثة مواقع رئيسية تعاني اكتظاظاً شديداً. ويفتقر هؤلاء النازحون لأبسط مقومات الحياة من مياه شرب نظيفة، وغذاء، وأدوية، ومواد إيواء تحميهم من شتاء المنطقة القارس.

نداء


يجدد راديو دبنقا نقل نداءات التحالف والقيادات المحلية في مقدمتهم (تاور) و(سوسن) بضرورة وقف التصعيد العسكري فوراً وفتح الممرات البرية والجوية أمام المنظمات الإغاثية. إن استمرار تجاهل استغاثات المواطنين في الدلنج وكادوقلي، واستمرار قصف المدنيين بالمسيرات، سيؤدي حتماً إلى كارثة تاريخية، حيث أصبحت أرواح البشر اليوم في جبال النوبة مهددة بالهلاك الجماعي مالم تتحرك القوى الدولية والإقليمية لتوفير الحماية والمساعدات العاجلة.

Welcome

Install
×