مختبر إنساني أمريكي يخلص إلى ارتكاب جرائم تطهير ممنهجة في الفاشر

القصف المدفعي في حي الدرجة الأولى بالفاشر

صورة بالاقمار الاصطناعية تظهر القصف المدفعي في حي الدرجة الأولى بالفاشر في الفترة من 4 إلى 6 اكتوبر 2025-تقرير مختبر الابحاث الانسانية في جامعة ييل

امستردام: 9 اكتوبر 2025:راديو دبنقا

يرجّح مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل أن قوات الدعم السريع ترتكب حاليًا جرائم حرق وتطهير ممنهجة في الفاشر على أساس إثني ، في ظل حصار خانق وقيود إنسانية قاتلة.
ويرى التقرير أن ما يجري يمثل مرحلة جديدة من الفظائع الجماعية في دارفور، مع تزايد مؤشرات الإبادة الجماعية والعقاب الجماعي ضد المدنيين العالقين داخل المدينة.

حرق ممنهج

ويقول  مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل للصحة العامة  في تحليل لصور الاقمار الاصطناعية والبيانات مفتوحة المصدر أن قوات الدعم السريع نفذت هجمات حرق منهجية في حي الدرجة الأولى قرب سوق نيفاشا في مدينة الفاشر.
تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 8 أكتوبر 2025 أضرارًا حرارية متسقة مع عمليات حرق متعمدة لمنازل في الجزء الشمالي من الحي، وتقدّر المساحة المتضررة بنحو 1,700 متر مربع.

ويعد هذا الحي من آخر المناطق التي ما تزال مأهولة بالمدنيين في الفاشر، قرب سوق نيفاشا في الجهة الشمالية الغربية.
كما حدد المختبر نمطًا مشابهًا من الهجمات في معسكر أبو شوك للنازحين (يبعد أقل من كيلومتر واحد)، وذلك في 18 سبتمبر 2025.

ويُخلص المختبر أن قوات الدعم السريع تنفذ عمليات حرق ممنهجة تستهدف مناطق المدنيين، مصحوبة بعمليات تفتيش من منزل إلى منزل على أساس عرقي ظاهر.

ورغم أن حجم الأضرار الحالية لا يغطي أحياء واسعة، فإن النمط يتسق مع أسلوب القوات المعهود في استهداف مجتمعات على أساس إثني.
وسُجلت أنماط مشابهة سابقًا في معسكر زمزم للنازحين الذي أحرقته القوات في أبريل 2025، وفي أكثر من 100 قرية بشمال دارفور منذ أبريل 2024، إضافةً إلى الهجمات التي شهدها الجزء الشرقي من الفاشر بين أبريل ويوليو 2025.

استهداف الملاجئ والمطابخ المجتمعية والأسواق

رصد المختبر قصفًا متكررًا لمأوى يضم مطبخًا مجتمعيًا في حي الدرجة الأولى.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة بين 27 و30 سبتمبر 2025، ثم بين 30 سبتمبر و4 أكتوبر، أضرارًا في السقف والمنشآت المجاورة.

وأفادت مصادر مفتوحة بأن القصف في 30 سبتمبر أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 23 آخرين.
كما نقلت وسائل إعلام محلية عن قصف متواصل لمواقع تجمع المدنيين خلال الأسابيع الأخيرة.

وتُعد المطابخ المجتمعية مؤسسات دعم متبادل توفر الغذاء للسكان في ظل مجاعة مستمرة منذ أكثر من عام، خصوصًا في معسكر أبو شوك المجاور. وبسبب نقص الإمدادات، لم يتبق سوى عدد قليل جدًا من هذه المطابخ العاملة.

كما أكّد المختبر وقوع أضرار في سوق “أبو قرون” بالحي ذاته جراء هجوم بطائرة مسيّرة في 27 سبتمبر 2025، أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 20 آخرين وفقًا لمصادر مفتوحة.

صورة تظهر استهداف مطبح جماعي في حي الدرجة الأولي بالقصف الجوي-مختبر العلوم الانسانية في جامعة ييل

الفاشر محاصرة بالكامل بجدار ترابي

كشف التقرير أن قوات الدعم السريع أحكمت الحصار على الفاشر، إذ يحيط بها الآن جدار ترابي بطول 57 كيلومترًا.
كما عززت القوات نقطة التفتيش في “بوابة مليط” شمال المدينة، وهي واحدة من أربع ممرات خروج فقط.

وأفادت مصادر محلية وناجون فرّوا عبر الطريق نحو طويلة بأنهم تعرضوا لـ: الابتزاز والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري،الإعدام الميداني للرجال والفتيان،والاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات.

وذكرت الشهادات أن الرحلة إلى طويلة تستغرق أيامًا، وأن كثيرين يموتون في الطريق، بعضهم بإصابات بالرصاص، ما يشير إلى تعرضهم لهجوم بعد مغادرتهم المدينة.

القدرات اللوجستية لقوات الدعم السريع

تُظهر صور الأقمار الصناعية قدرات لوجستية متقدمة لقوات الدعم السريع. فقد رُصدت في 7 أكتوبر 2025 عربات عسكرية مدرعة وشاحنات نقل ثقيلة تتحرك بين معسكر زمزم والفاشر على طريق B-26، ما يشير إلى إمدادات جديدة من الأسلحة والمعدات. وفي اليوم ذاته، شنّت القوات هجومًا بريًا من جهتي الشمال الشرقي والجنوب الغربي للفاشر.

التحليل الإنساني

يرى مختبر ييل للأبحاث الإنسانية أن استهداف المناطق السكنية بالحرق المتعمد يشكل مؤشرًا بالغ الخطورة، إذ يدل على نية مبيتة لتنفيذ عمليات تطهيرعرقي من منزل إلى منزل ضد السكان على أساس إثني.

ويُعد ذلك امتدادًا لنمط مستمر منذ أكثر من عامين ونصف، حيث نفذت القوات عمليات تهجير واستهداف على أساس عرقي في المناطق التي تسيطر عليها.

ويتوقع المختبر أن تتزايد هذه الهجمات عددًا وشدة مع استمرار سيطرة الدعم السريع على مساحات أوسع من المدينة.
ونظرًا لأن الفاشر محاطة بالكامل بالجدران الترابية، فإن هذه الهجمات تمثل السيناريو الأسوأ للمدنيين المحاصرين داخلها.

المنهجية

اعتمد التقرير على دمج بيانات المصادر المفتوحة والاستشعار عن بعد، بما يشمل تحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات الاستشعار الحراري، إلى جانب التقارير الإعلامية المحلية والمحتوى المصور على وسائل التواصل الاجتماعي.

تم التحقق من المواقع والأحداث زمانيًا ومكانيًا عبر مقارنة صور متعددة لنفس المنطقة في أوقات مختلفة.
واستخدم الباحثون رموز المواقع الجغرافية الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية للتحقق من دقة المواقع.

وأشار التقرير إلى قيود كبيرة تواجه التحليل في السودان، منها:ضعف توفر البيانات،انحياز التغطية الإعلامية،صعوبة توثيق الاعتقالات والانتهاكات الجنسية،ومحدودية دقة الصور الفضائية في بعض المناطق.

Welcome

Install
×