إدانة كوشيب: فجر جديد في سماء العدالة بعد عشرين عامًا من الانتظار

أمستردام – 7 أكتوبر 2025 – راديو دبنقا
رحّبت قطاعات سودانية ودولية واسعة، لا سيّما ضحايا الحرب، بإدانة الدائرة الابتدائية بالمحكمة الجنائية الدولية لعلي كوشيب في 27 تهمة تتعلّق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور خلال عامي 2003 و2004.
واعتبرت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين أن إدانة علي كوشيب انتصارٌ حقيقي للضحايا، إذ تؤكد عدم إفلات المجرمين من العقاب.
وقال يعقوب محمد عبدالله فوري، المنسق العام لمنسقية النازحين واللاجئين، في بيانٍ اطّلع عليه راديو دبنقا
“لقد طال انتظار العدالة، لكنها تحققت أخيرًا اليوم، بعد أكثر من عقدين من الصبر والمعاناة، حيث ارتُكبت الجرائم عامي 2003 و2004″،
معتبرًا ذلك بمثابة فجرٍ جديدٍ في مسيرة محاسبة الجناة.
وأوضح فوري أن هذه الإدانة تمثّل خطوة أولى نحو تحقيق العدالة الكاملة، وذلك بتسليم جميع المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وكل المشاركين في الجرائم ضد أهل دارفور من إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، مؤكّدًا أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.
وأضاف:“نحن لا نحمل غضبًا تجاه أحد، بل نطمح إلى مصالحةٍ حقيقية تقوم على العدالة والإنصاف.”
هيئة محامي دارفور: انتصار للضحايا
من جانبها، رحّبت هيئة محامي دارفور بقرار الإدانة الصادر ضد علي كوشيب، وأكدت في بيانٍ أن هذا الحكم يشكّل انتصارًا للضحايا وذويهم، ويؤكد أن العدالة لا بدّ أن تتحقق مهما طال الزمن.
وأوضحت الهيئة أن الحكم يمثل خطوة في طريق العدالة وإنصاف ضحايا الجرائم التي ارتُكبت في دارفور منذ عام 2003، مؤكدةً أن إنصاف الضحايا لن يكتمل إلا بتسليم بقية المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
وشددت الهيئة على أن هذا الحكم يمثّل رسالةً مهمة لكل مرتكبي جرائم القتل والاغتصاب وجرائم الحرب في دارفور ومجزرة القيادة العامة (2019) وقتل المتظاهرين، وكل الجرائم المرتكبة بواسطة طرفي الحرب الدائرة.
مطالبة بتسليم المطلوبين
وقالت حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد، في بيانٍ اطّلع عليه راديو دبنقا:
إن الحكم الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق المتهم علي كوشيب يُعد انتصارًا للعدالة التي طال انتظارها، وإنصافًا لضحايا نظام المؤتمر الوطني.
ووصف البيان الحكم بأنه تاريخي، مطالبًا بالضغط على السلطات في بورتسودان لتسليم بقية المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، واتّهم السلطات هناك بتوفير الحماية والملاذ الآمن في تحدٍّ سافر لقرارات المحكمة.
وأكد البيان أن علي كوشيب لم يكن سوى ترسٍ صغيرٍ في ماكينة الإجرام، وأداةً من أدوات ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي هندسها قادة نظام المؤتمر الوطني وأصدروا الأوامر والتوجيهات لتنفيذها، وأسسوا المليشيات ومدّوها بالأسلحة والعتاد العسكري.
فعالية القانون الدولي
قالت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين إن هذا الحكم يشكّل مثالًا عمليًا على فعالية القانون الدولي في مواجهة الجرائم الخطيرة، ويعزّز الثقة في قدرة النظام القضائي على مساءلة مرتكبي الانتهاكات بحق المدنيين.
وأكدت اللجنة أن التعاون بين السلطات الوطنية والمجتمع الدولي ضروري لضمان تنفيذ الأحكام وتحقيق الردع القانوني. كما شددت على أن حماية حقوق الضحايا وتطبيق القانون بشكلٍ متساوٍ على الجميع يمثلان جوهر العمل الحقوقي، وأن الحفاظ على نزاهة القضاء ركيزةٌ لاستقرار المجتمع وأمن المواطنين.
ودعت اللجنة جميع الهيئات المختصة إلى دعم الإجراءات القانونية ومتابعة تطبيق الأحكام بما يضمن عدم إفلات أيّ مسؤول من المحاسبة أمام القانون.
فتح باب الأمل
قالت مجموعة محامو الطوارئ إن المحكمة الجنائية بهذا القرار تفتح باب الأمل لضحايا الجرائم والانتهاكات في دارفور وكل أنحاء البلاد، وتؤكد أن العدالة لا تموت بالتقادم، وأن الجرائم ضد الإنسانية لن تُطوى دون حساب.
واعتبرت المجموعة الحكم منعطفًا وطنيًا في مسار العدالة السودانية، ودليلًا على أن القانون يمكن أن ينتصر مهما طال الانتظار، ورأت فيه خطوة تُعيد الكرامة وتفتح الطريق نحو سلامٍ عادلٍ وحريةٍ تليق بتضحيات السودانيين.
وأضافت المجموعة في بيانها أن الحكم يرسل رسائل واضحة إلى أطراف الحرب الدائرة في السودان بأن العدالة تطال الجميع، وأن من يرتكب أو يخطط أو يمول الجرائم ضد المدنيين سيُحاسب عاجلًا أو آجلًا.
وشددت على أن حماية أو إيواء أو مساعدة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية تمثل جريمة بحد ذاتها، وعلى السلطات في السودان وجميع الدول الأعضاء في النظام الأساسي للمحكمة التعاون الكامل وتسليم المطلوبين دون تأخير.
إدراج جميع المتورطين
في السياق ذاته، رحّب تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) بإدانة علي كوشيب من المحكمة الجنائية الدولية، مطالبًا بتسليم بقية المتهمين.
وقال التحالف إن الجيش يحمي بقية المطلوبين للمحكمة في مناطق سيطرته، كما دعا إلى إدراج كل المتورطين في استخدام الأسلحة الكيميائية في سياق حرب أبريل الحالية ضمن قوائم الملاحقة الدولية.
حماية منسوبي النظام البائد
من جانبه، قال عضو المجلس الرئاسي لحكومة تأسيس، حاكم إقليم دارفور الدكتور الهادي إدريس، إن إدانة علي كوشيب تمثل انتصارًا للعدالة وإنصافًا لضحايا دارفور الذين صبروا طويلًا طلبًا للحق والمساءلة، وهي رسالة واضحة بأن الجرائم الجسيمة لا تسقط بالتقادم، وأن العدالة وإن تأخرت فإنها لا تُهزم.
وأكد في بيانٍ أن تحقيق العدالة الكاملة يستوجب تسليم جميع المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية من قادة النظام البائد، والذين ما زال بعضهم يتمتع بالحماية من قبل السلطة القائمة في بورتسودان.
وأشار إلى أن استمرار هذه الحماية يعد انتهاكًا صارخًا للعدالة الدولية وتواطؤًا مع من تلطّخت أيديهم بدماء الأبرياء، ويحمّل تلك السلطة مسؤولية قانونية وأخلاقية مباشرة عن تعطيل العدالة وتقويض مسارها.
خطوة متقدّمة
قال حزب الأمة القومي إن إدانة كوشيب تمثل خطوة متقدمة في طريق الإنصاف لضحايا دارفور، كما يعبر الحكم عن إدانة واضحة للنظام السابق الذي وفّر الحماية للجناة ورفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، مما كرّس ثقافة الإفلات من العقاب في السودان.
وجدد الحزب مطالبته بضرورة تسليم جميع المطلوبين للمحكمة دون إبطاء، بمن فيهم المدانون في قضايا دارفور وبقية الجرائم المرتكبة في السودان، تحقيقًا للعدالة وإنصافًا للضحايا وأسرهم.
كما دعا الحزب إلى التوقيع على نظام روما الأساسي والانضمام رسميًا للمحكمة الجنائية الدولية، بما يضمن تكامل العدالة الدولية والوطنية، ويعزّز سيادة حكم القانون ومكافحة الإفلات من العقاب في السودان.
من جهته، رحّب حزب المؤتمر السوداني بالحكم الصادر على علي كوشيب، مؤكدًا أن السلام المستدام لن يتحقق إلا بإنصاف ضحايا الحروب ومحاسبة المجرمين على ما اقترفت أيديهم.