لجنة تعديل المناهج .. شكوك حول الأهداف ومخاوف من صراعات ايدلوجية

مدرسة في قلع النحل بولاية القضارف-مصدر الصورة :وزارة التربية بالقضارف
الخرطوم – 25 سبتمبر 2025-راديو دبنقا
أثار قرار وزير التربية والتعليم الوطني بتشكيل لجنة لتعديل المناهج، مخاوف واسعة وسط عدد من المعلمين من أن تقود الخطوة إلى صراعات أيديولوجية، في وقت تصاعدت فيه الدعوات إلى تأجيل أي تغييرات كبرى في المناهج إلى ما بعد استقرار البلاد.
وأصدر وزير التربية والتعليم الوطني، د. تهامي الزين حجر، مؤخرًا قرارًا بتشكيل اللجنة العليا لمراجعة المناهج من (12) عضوًا برئاسة وكيل الوزارة. وحدد مهام اللجنة في مراجعة مناهج التعليم العام من حيث مواكبتها للظروف العامة في البلاد، ومواجهتها للتحديات الماثلة، إضافة إلى تقييم قدرة المناهج الحالية على ترسيخ التربية الوطنية، وتعزيز الوحدة القومية وقبول الآخر، ومكافحة العنصرية وخطاب الكراهية، ونشر ثقافة السلام ونبذ العنف.
قرار مريب
من جهته، قال سامي الباقر، الناطق باسم لجنة المعلمين، إن قرار تشكيل لجنة عليا لمراجعة المناهج من قبل وزارة التربية والتعليم، في هذا التوقيت، يعد أمرًا مريبًا.
وأضاف: “من حيث المبدأ، يعد التطوير والمراجعة أمرًا لا بد منه، حتى تواكب المناهج التغيرات التي تطرأ على كافة الأصعدة، ولكن يجب أن يكون التطوير وفق خطة شاملة تستصحب معها التجارب البشرية، كما يجب أن تتفادى أخطاء الماضي.”
وأوضح أن اللجنة التي شكلها الوزير تضم في عضويتها أشخاصًا يحملون ذات الأفكار التي يعتبرها المراقبون والمهتمون بالتعليم مسؤولة بصورة مباشرة عن التدهور المريع الذي وصلت إليه العملية التعليمية، بما في ذلك المناهج، في إشارة إلى منسوبي النظام السابق وحزب المؤتمر الوطني المحلول.
وأكد أن التعليم في السودان يحتاج الآن إلى خطة تعليم في الطوارئ تراعي واقع الحرب وتعالج آثاره، لا إلى خطة تقرّ الحرب وتجعل من التعليم وسيلة لتثبيت الموقف السياسي السائد، وهو ما يرى أن اللجنة شُكّلت من أجله.
تحذيرات من تغييرات كبيرة
حذّر جعفر خضر، وهو معلم في ولاية القضارف،من خطورة إجراء تغييرات كبرى في المناهج الدراسية في ظل الظروف الحالية التي يعيشها السودان، مشددًا على أن أي تعديل جذري ينبغي أن يتم بعد استقرار البلاد ووضع دستور جديد متوافق عليه.
وأوضح خضر أن تطوير المناهج وتنقيحها من الأخطاء عملية طبيعية يجب أن تتم بصورة دورية، خاصة وأن المنهج الحالي ما زال جديدًا ولم يكتمل بعد. وأشار إلى أن السلم التعليمي الجديد (6-3-3) لا يزال في طور التطبيق، حيث أُجريت امتحانات الشهادة السودانية الأخيرة وفق المنهج الجديد، بينما يجري إدخال مقررات الصف الأول الثانوي هذا العام، على أن يكتمل المنهج تدريجيًا حتى الصف الثالث الثانوي.
وبيّن أن الأخطاء في المناهج الجديدة أمر متوقع ويمكن معالجته عبر المراجعة الدورية، لكنه أعرب عن مخاوفه من أن تكون بعض محاولات التغيير مدفوعة بدوافع أيديولوجية مرتبطة بعودة نفوذ النظام السابق، معتبرًا أن ذلك يهدد بفرض مناهج “الإنقاذ” مجددًا.
وأضاف أن الصراع الأيديولوجي الذي دار حول المناهج خلال الفترة الانتقالية، خاصة ما يتعلق بمناهج التاريخ، يثير القلق من تكرار نفس التجربة في ظل الحرب الدائرة حاليًا. وذكّر بأن المنهج الجديد الذي تمت صياغته خلال الفترة الانتقالية قد تسبب في جدل واسع وواجه انتقادات من منسوبي المؤتمر الوطني وجهات أخرى.
وأكد خضر أن أي تغييرات كبيرة في المناهج يجب أن تُرجأ إلى ما بعد توقف الحرب واستعادة الحكم المدني ووحدة البلاد، بحيث تتم في أجواء مستقرة وتحت مظلة دستور جديد متوافق عليه. وفي المقابل، شدّد على أن التنقيحات البسيطة وتصحيح الأخطاء أمر طبيعي ومطلوب ولا غبار عليه.