“محللون:الدعم السريع” تحاول تحقيق مكاسب دبلوماسية بإعلان الهدنة

حميدتي ارشيفية

أزمة بين بورتسودان والرباعية

امستردام: الأربعاء 26/ نوفمبر/2025م راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري

في خطوة أعادت رسم مسار الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على الملف الإنساني واثبات كل طرف جديته أمام المجتمع الدولي، مع تزايد الضغوط الدولية على الطرفين بقبول الهدنة المقترحة من قبل دول الآلية الرباعية في ظل تدهور مريع للوضع الإنساني، أقدمت قوات الدعم السريع في خطوة لافتة بالموافقة على الهدنة بينما رفضها الجيش السوداني في خطوة توحي بقطع الحوار والتواصل معها.

في تلك الأثناء خرج قائد قوات الدعم السريع عبر تسجيل مصور ليعلن موافقتهم على الهدنة الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر، استجابة للجهود الدولية التي تقودها الولايات المتحدة عبر مبادرة الرئيس دونالد ترامب، إلى جانب مساعي دول الآلية الرباعية والاتحاد الأفريقي والإيقاد.

إعادة تموضع سياسي

وقد حرص قائد قوات الدعم السريع بهذه الاستجابة إلى إعادة “التموضع السياسي والدبلوماسي” وتقديم نفسه كرجل دولة باعتباره رئيس مجلس حكومة “تأسيس”، كذلك محاولته تقديم قواته كطرف منفتح على المبادرات الدولية وإظهارها بأن لديها قدرة على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، لكسب ثقة المجتمع الدولي ودول الآلية الرباعية والوسطاء.

وفي ذات الوقت تهدف الخطوة إلى محاولة تحميل الطرف الآخر “الجيش السوداني” مسؤولية رفض الهدنة ووقف العدائيات ومستغلاً الفراغ الذي تركه رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بعدم التعامل مع الآلية الرباعية واتهام مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية والعربية مسعد بولس بعدم الحياد.

غير أن إعلان الهدنة من قبل قوات الدعم السريع يثير التساؤلات باستمرار حول مدى التزامها بالهدنة ومصداقيتها في تنفيذها، وكسب ثقة المواطن بإزالة الصورة النمطية التي ترسخت في أذهان السودانيين عنها و”الانتهاكات الفظيعة” التي ارتكبتها، في الخرطوم والجزيرة وسنار وكردفان وأخيراً في الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور.

لقد ظل الدعم السريع يطلق التصريحات ويعلن الموافقة على كل المبادرات المطروحة من قبل الوسطاء سواء هدنة أو تفاوض أو خلافه، وقد وافق على مفاوضات جدة ومحادثات جنيف والمنامة والآن على هذه الهدنة الإنسانية بينما لم تتوقف قواته في ارتكاب انتهاكات قد ترقى لجرائم حرب وفق تقارير منظمات دولية، ويبقى أمام الدعم السريع اثبات أن هذا الإعلان يعبر عن موقف حقيقي أم مجرد مناورة سياسية.

إلهاء الرأي العام

غير أن مفوض العون الإنساني السابق بولاية الخرطوم مصطفى آدم يرى أن إعلان قوات الدعم السريع عن هدنة إنسانية من طرف واحد بأنه إعلان سياسي الغرض منه إلهاء الرأي العام في ظل ظروف سياسية وجدل واسع في أعقاب زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة وحديثه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الوضع في السودان أصبحت هنالك ما وصفه بالمتاجرة بالقضايا.

بينما يعتقد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي صلاح جلال قرار الدعم السريع بقبول الهدنة الإنسانية، بأنه متسق مع مواقف الدعم السريع وغاياتها منذ بداية اندلاع الحرب، ويؤكد بأنها كانت دائما ملتزمة بالحلول التفاوضية والسلمية منذ مفاوضات جدة الأولى والثانية ومفاوضات المنامة وجنيف الأولى والثانية والمنامة ولم تتخلف عن قبول التفاوض.

ويواصل مصطفى آدم حديثه لـ”راديو دبنقا” بقوله: إن الدعم السريع إذا كانت منطلقاته أصلا إنسانية فهنالك مدن ظل يحاصرها مثل الفاشر منذ زمن طويل وبعدها وقعت فيها مجازر تحدث عنها كل العالم وكل التقارير الصحفية في الفضائيات ووكالات الأنباء.

ويؤكد بأن المواطنين الموجودين في الفاشر الآن وكادوقلي والدلج وبابنوسة جميعهم محاصرين من الجيش السوداني أومن قوات الدعم السريع، وتساءل عن طبيعة المهددات بالنسبة لإيصال المساعدات الإنسانية حال وجدت.

مناورات سياسية

ويعيد المفوض السابق بولاية الخرطوم مصطفى آدم التذكير بأن قوات الدعم السريع قامت بعمليات نهب واسعة لمقار ومخازن برنامج الأغذية العالمي في ولاية الجزيرة إبان فترة سيطرتها للولاية ويضيف: “معلوم من الذي نهب هذه المخازن ومن الذي نهب هذه الإغاثات”.

ويشدد على أن مثل هذه القضايا الإنسانية لا تحتمل أي نوع من ما وصفه بالمتاجرة أو التكتيكات أو المناورات السياسية، لكنه يرى أنه من الضروري الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وتقديم المساعدات اللازمة وفتح المسارات دون أي تدخلات من قوات الدعم السريع.

ويعتقد أن حديث الدعم السريع عن الهدنة بأنه يمارس نوع من الإلهاء بشكل ممكن أن يكون مضحكاً، مشيراً إلى أن النازحين الآن وصلوا من الفاشر إلى محلية الدبة بالولاية الشمالية، تلقوا المساعدات الإنسانية من كل الأطراف ومن كل المواطنين في المناطق المجاورة في الشمال ومن كل السودان، تعاونوا مع أهلهم القادمين النازحين من الفاشر .

ويقول إنَّ كل هؤلاء المواطنين الذين جاءوا إلى الدبة من كل مناطق السودان لتقديم العون الإنساني لإخوانهم الذين نزحوا من دارفور، لم يسألوا أو يحتاجوا إلى جهة تحدثهم عن وقف اطلاق النار أو هدنة أو حماية لمخازن أو لمقار إنما يقومون بتقديم المساعدات بشكل طبيعي.

التعامل بمصداقية

ويعتقد مصطفى آدم بأن الدعم السريع مطالب بأن يتعامل بمصداقية عالية جداً في القضية الإنسانية، وأن يتيح انسياب المساعدات الإنسانية لتصل للمحتاجين في كادقلي أوالدلنج أو المناطق الواقعة تحت سيطرته دون اي نوع من التدخلات أو الحد من تحركات المنظمات او الافراد.

ويرى أن الأمر لايحتاج لمثل هذه الاعلانات التي يقول بأنها ليست لها قيمة، ويشير إلى أن مثل هذه الإعلانات الرد عليها سهل جدا وانها لا تصمد ولا تظهر أي نوع من المنطق.

ويؤكد أن مثل هذه التصريحات يمكن تسبب نوع من الاشارات الخاطئة والسالبة وتخلق جدال دون فائدة، في ذات الوقت يدعو قوات الدعم السريع بالتعامل مباشرة مع الحقائق والواقع ومع الانسان كانسان في القضايا الانسانية دون أي نوع من التدخلات وعدم التعامل بعنصرية سواء كان على أساس اللون والشكل والعرق.

ويقول آدم أن حديثه هذا يرتبط بواقعة مقتل مفوض العون الإنساني بولاية شمال دارفور د. عباس يوسف آدم في الفاشر، معتبراً أنها مؤشر كبير متسائلا عن ماهي المبررات التي أدت لقتل إنسان يقوم بعمل إنساني في مدينة الفاشر.

متسق مع مواقفها

من جهته يصف الكاتب الصحفي والمحلل السياسي صلاح جلال قرار قوات الدعم السريع بقبول الهدنة الإنسانية، بأنه متسق مع مواقفها وغاياتها منذ بداية اندلاع الحرب فقد كانت دائما ملتزمة بالحلول التفاوضية والسلمية منذ مفاوضات جدة الأولى والثانية ومفاوضات المنامة وجنيف الأولى والثانية ولم تتخلف عن قبول التفاوض.

ويقول جلال لـ”راديو دبنقا” إنَّ هذه محمدة تحسب للدعم السريع وكذلك القيادة السياسية المدنية الراهنة حكومة “تأسيس”، والتي يرى بأن أصبح لديها أفق سياسي أوسع في المناورة والحسابات الإقليمية والدولية وهذا تجلى في قبول الهدنة الراهنة ووضع الخصم الممثل في القوات المسلحة بقيادة البرهان وحلفائه من جماعة الأخوان المسلمين وحركات الكفاح المسلح في مأزق ومواجهة الأسرة الدولية.

ويشير إلى أن الموقف الراهن فيه كثير من المصالح للقبول بالهدنة للدعم السريع بالإضافة لإحراج الخصم، ويعتقد أن قبول الدعم السريع للهدنة يفتح أبواب تعاون دبلوماسي وسياسي بين الإدارة المدنية الجديدة في نيالا برئاسة محمد حسن التعايشي رئيس الوزراء، والأسرة الدولية.

رجال دولة

ويرى أن هذا الإعلان يقدمهم في مظهر رجال دولة، يتحملون المسئولية وقوة مرنة قابلة للتفاوض رغم الكلام المستمر عن الانتهاكات وغيرها يتحدثون لغة مفهومة للأسرة الدولية وهي القبول بالانتقادات والإعلان عن فتح أبواب التحقيق المحلية والدولية وقبول لجان التحقيق الأممية للتواصل في مناطق نفوذ الدعم السريع.

وتوقع الباحث السياسي أن يفتح الإعلان عن الهدنة أمام الدعم السريع مسار دبلوماسي واسع مع عدد كبير من الدول في الإقليم خاصة المملكة العربية السعودية ودول الآلية الرباعية التي تضم إلى جانب السعودية كل من الولايات المتحدة ومصر والإمارات، كما يعتقد أنه سيفتح أمام الدعم السريع حوار ذو مقبولية وموثوقية مع المنظمات الدولية خاصة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.

ولفت إلى أن هذه العلاقات تعد مكاسب كبيرة من الناحية الدبلوماسية في إدارة الصراع، ويرى أن الصراع ليس صراع بالسلاح فقط إنما أدوات التأثير المرنة والحضارية المجربة لها تأثير كبير في تغيير موازين الصراع ونتائج العمل العسكري.

ويعتقد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي صلاح جلال أنه إذا تم الاتفاق على الهدنة سيكون للدعم السريع قصب السبق فيها وإذا لم تنجح سيجد الدعم السريع نفسه في وضع أفضل في التعامل الإقليمي والدولي، ويقول: “بالتالي أنا أرى أن ما قامت به قوات الدعم السريع من إعلان قبول للهدنة ضربة سياسية كبيرة وخطوة ذات قيمة وسيكون لها تأثير في وضع الخصم في زاوية ضيقة وقد تفرض عليه التحرك بإيجابية”.

Welcome

Install
×