“يونيسف”: مقتل وإصابة أكثر من ألف طفل في الفاشر

أطفال الفاشر يقتاتون على الامباز- يوليو 2025-صفحة شبكة سلاطين على فيسبوك
نيويورك- بورسودان: 27 أغسطس 2025: راديو دبنقا
حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” اليوم، الأربعاء، من أن مدينة الفاشر في شمال دارفور بالسودان، والتي تخضع للحصار منذ 500 يوم، أصبحت بؤرة لمعاناة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والأمراض والعنف، مما يُزهق أرواحاً غضة يومياً.
وقد هُجِّر ما لا يقل عن 600,000 شخص – نصفهم أطفال – من الفاشر والمخيمات المحيطة بها في الأشهر الأخيرة. أمّا في داخل المدينة، يظل ما يُقدَّر بـ 260,000 مدني، بمن فيهم 130,000 طفل، عالقين في أوضاع يائسة، ومقطوعين عن المساعدات منذ أكثر من 16 شهراً.
وقالت المديرة التنفيذية لـ “يونيسف”، كاثرين راسل، “نحن نشهد مأساة مدمِّرة – فالأطفال في الفاشر يتضورون جوعاً بينما تُمنَع خدمات التغذية المنقذة للأرواح التي تقدمها اليونيسف”.
وأضافت في بيان صحفي تحصل عليه “راديو دبنقا”: إن منع إمكانية الوصول الإنساني هو انتهاك جسيم لحقوق الأطفال، وقد باتت أرواح الأطفال تحت المحك.
وتابعت قائلة: تواصل اليونيسف المطالبة بإمكانية الوصول الفورية والكاملة، بما في ذلك من خلال توسيع الهدنات الإنسانية لتمكيننا من الوصول إلى جميع الأطفال المحتاجين.
وشددت على ضرورة حماية الأطفال في جميع الأوقات، وتابعت: “يجب تمكينهم من الحصول على المساعدات المنقذة للأرواح”.
1100 انتهاك جسيم لأطفال الفاشر
واعتبرت المسؤولة الأممية أن الخسائر التي يتكبدها الأطفال فادحة، فمنذ بدء الحصار في أبريل 2024، تم التحقق من أكثر من 1,100 انتهاك جسيم في الفاشر لوحدها، بما في ذلك قتل وإصابة أكثر من 1,000 طفل، وقد أصيب العديد منهم بينما هم في منازلهم، أو في مخيمات المهجّرين، أو في الأسواق.
وتعرَّض 23 طفلاً وطفلة على الأقل للاغتصاب، أو الاغتصاب الجماعي، أو إساءات جنسية، فيما اختُطف آخرون، أو جُنِّدوا في الجماعات المسلحة أو استُخدِموا من قبلها. ونظراً لمحدودية الوصول وصعوبة التحقّق من الوقائع، فلا شكّ أن عدد الأطفال المتأثرين أعلى بكثير.
وبرزت في هذا الأسبوع تقارير حول هجمات تسببت بخسائر كبيرة، حيث تفيد الأنباء عن مقتل سبعة أطفال إثر هجوم على مخيم أبو شوك للمهجرين داخلياً الذي يقع على أطراف مدينة الفاشر.
توقف علاج 6 آلاف طفل بسبب حصار الفاشر
وقد أدّى الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على الفاشر إلى قطع خطوط الإمداد قطعاً تاماً. واضطرت المرافق الصحية وأفرقة التغذية المتنقلة إلى تعليق خدماتها إذ نفدت الإمدادات ولم يُتح إدخال إمدادات جديدة، مما أوقف العلاج لما يُقدَّر بـ 6,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم. ومن دون الأغذية العلاجية والرعاية الصحية، يواجه هؤلاء الأطفال خطراً أعلى بكثير بالوفاة.
وتعرَّضت مرافق الصحة والتعليم لهجمات مستمرة، إذ أصيب 35 مستشفى و 6 مدارس، بما في ذلك المستشفى السعودي التعليمي للولادة والأطفال بالفاشر الذي أصيب أكثر من عشر مرات، مما تسبَّب بمقتل وإصابة العديد من الأشخاص، بمن فيهم أطفال. وفي يناير، أدّى قصف إلى تدمير المركز الصحي العلاجي في مخيم أبو شوك، مما حرم آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية من العلاج.
سوء تغذية وكوليرا
وفي هذه الأثناء، يستمر الانتشار السريع لسوء التغذية الحاد، وقد عولج أكثر من 10,000 طفل في الفاشر من سوء التغذية الحاد الوخيم منذ يناير – زهاء ضعفي العدد من العام الماضي. بيد أن نفاد الإمدادات أجبر العديد من الخدمات على تعليق عملها حالياً. وتشير تقارير صدرت مؤخراً أن 63 شخصاً على الأقل – معظمهم نساء وأطفال – توفوا من جراء سوء التغذية خلال أسبوع واحد.
إن الوضع في المنطقة الأوسع مثير للانشغال أيضاً؛ ففي يوليو، سجّلت بلدة مليط – والتي تأوي العديد من المهجرين من الفاشر – حالات سوء تغذية بلغ معدلها 34.2 بالمئة، وهو معدل قياسي منذ بدء الحرب في السودان في أبريل 2023.
يتزامن هذا الحصار مع أسوأ تفشٍ لمرض الكوليرا في السودان منذ عقود. فمنذ يوليو 2024، أفادت التقارير عن أكثر من 96,000 حالة مشتبه بها و 2,400 وفاة على الصعيد الوطني، وبلغ عدد الإصابات في دارفور لوحدها زهاء 5,000 إصابة و 98 وفاة. وبات الأطفال الذي أضعفهم الجوع في مخيمي طويلة وزمزم المكتظين وفي مدينة الفاشر مستضعفين بشدة حالياً أمام خطر الأمراض الفتاكة المنقولة بالماء.
تواصل اليونيسف دعوة الحكومة السودانية، وجميع الأطراف المعنية الأخرى، إلى تقديم المساعدة لضمان إمكانية الوصول المستدامة والآمنة ودون إعاقة من أجل الوصول إلى الأطفال أينما كانوا في السودان، بما في ذلك: التوصّل إلى هدنة إنسانية فورية ومستدامة في الفاشر وفي جميع أنحاء المناطق المتأثرة بالنزاع، وتوفير إمكانية الوصول الإنساني دون إعاقة لتقديم الأغذية العلاجية، والأدوية، والمياه النظيفة، وغير ذلك من المواد الأساسية، بجانب إعادة تأسيس عمليات الأمم المتحدة وشركائها ومواصلتها في المناطق الأشد تأثراً وحماية المدنيين، بمن فيهم الأطفال، والهياكل الأساسية المدنية بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني.