تفاهمات لعودة “أطباء بلا حدود” إلى مستشفى زالنجي بعد تعليق أنشطتها

مستشفى زالنجي التعليمي - المصدر صفحة المستشفى التعليمي بزالنجي على الفيسبوك
زالنجي: 21 أغسطس 2025 – راديو دبنقا
أعلن مدير عام وزارة الصحة بولاية وسط دارفور، د. طلحة عبد الرحمن، عن تفاهمات مع منظمة أطباء بلا حدود لاستئناف عملها في مستشفى زالنجي التعليمي، بعد أن علّقت المنظمة أنشطتها مؤقتًا إثر حادثة أمنية شهدها المستشفى في 16 أغسطس الجاري.
وكانت المنظمة قد أعلنت أمس في بيان أنها لن تتمكن من استئناف عملها إلا بعد تلقي ضمانات أمنية واضحة من جميع الأطراف لحماية الطواقم والمرضى.
روايات متضاربة
وقال د. طلحة عبد الرحمن لراديو دبنقا إن الحادثة التي أثارت القلق وقعت بشكل منفصل وغير منظم، موضحًا أن الأمر بدأ بجريمة نهب في حي الحميدية بمدينة زالنجي أودت بحياة أحد المواطنين، حيث نُقل الضحية إلى المستشفى. وخلال ذلك، دخل شخص آخر “مخمور وغير سوي نفسيًا” – بحسب وصفه – وهو يحمل متفجرات، وفجر نفسه داخل المستشفى، مما أدى إلى وفاته، دون أن تكون له أي صلة بالجريمة الأولى.
وأكد مدير الصحة أن الحادثة لم تكن “عملية منظمة أو اشتباكًا مسلحًا كما جرى تداوله في بعض المنصات”، وإنما فعل فردي من شخص يعاني من إعاقة عقلية.
لكن منظمة أطباء بلا حدود قالت في بيانها الذي اطلع عليه راديو دبنقا إن الهجوم وقع بعد وصول قتيل متأثر بإصابته بطلق ناري إلى قسم الطوارئ نحو الساعة 8:20 مساءً، إثر حادث نهب في مخيم قريب للنازحين. وبعدها اقتحم أقارب المتوفى المسلحون المستشفى بالقوة. وبعد وقت قصير، وصل مريض آخر مصابًا بالرصاص برفقة مسلحين آخرين، ما أدى إلى توتر شديد بين المجموعتين. وفي الساعة العاشرة ليلًا، ألقى أحدهم قنبلة يدوية أمام غرفة الطوارئ، فأسفرت عن مقتل شخص وإصابة خمسة آخرين، بينهم موظف طبي من وزارة الصحة.
وأشارت المنظمة إلى أن حادثة مستشفى زالنجي تُعد الثانية من نوعها، إذ وقع حادث مماثل في فبراير من العام الماضي.
وأوضح مدير الصحة بالولاية لراديو دبنقا أن المنظمة الطبية الدولية أبدت انزعاجها وأوقفت أنشطتها لبضعة أيام، لكنها بصدد العودة إلى العمل بعد مشاورات مع حكومة الولاية ولجنة أمن وسط دارفور، التي اتخذت جملة من التدابير الأمنية والإدارية لحماية المستشفى وضبط الدخول إليه.
وأعرب عبد الرحمن عن شكر الإدارة المدنية بالولاية لمنظمة أطباء بلا حدود على “الدور الكبير الذي قدمته للولاية في المجال العلاجي ومكافحة الأوبئة”، كما ثمّن جهود الأجهزة الأمنية والعدلية في تأمين المدينة والمؤسسات الخدمية، مؤكدًا أن مستشفى زالنجي “هو المستشفى التعليمي الوحيد في الولاية، ولا يمكن الاستغناء عن خدماته في ظل الظروف الإنسانية الصعبة”.
إجراءات
وكانت لجنة أمن الولاية قد عقدت اجتماعًا يوم الاثنين تناول الحادث، وأكدت فيه ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية عبر زيادة القوات وتشديد الرقابة على مداخل المدينة والمرافق الخدمية، خصوصًا مستشفى زالنجي، وتوفير الحماية الكاملة للمنظمات العاملة في المجال الإنساني.
قلق أممي
وفي السياق، أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بوقوع هجمات على مرافق الرعاية الصحية في دارفور، في وقت تتفشى فيه الكوليرا في البلاد.
وأشار المكتب إلى حادثة مستشفى زالنجي وما تلاها من إجراءات اتخذتها منظمة أطباء بلا حدود بتعليق أنشطتها. ونقل (أوتشا) عن المنظمة إفادتها أمس الثلاثاء بأنها علّقت جميع أنشطتها في مستشفى زالنجي بولاية وسط دارفور عقب هجوم بقنبلة يدوية داخل المنشأة، وأنها لا تستطيع استئناف عملياتها إلا بعد توفير ضمانات أمنية واضحة للموظفين والمرضى.
ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة عن مكتب أوتشا قوله إنه منذ بداية هذا الشهر، قادت منظمة أطباء بلا حدود استجابة طارئة للكوليرا في المستشفى، حيث عالجت أكثر من 160 مريضًا في غضون أسبوعين تقريبًا، بالتنسيق مع وزارة الصحة بالولاية.
وشدد المكتب على ضرورة احترام أطراف النزاع للحماية الخاصة الممنوحة للرعاية الصحية بموجب القانون الدولي الإنساني، مذكرًا بأن قواعد الحرب تنص بوضوح على حماية الجرحى والمرضى والكوادر الطبية والمستشفيات في جميع الأوقات.
مطالبات بحماية المنشآت الطبية
من جانبها، اعتبرت مجموعة “محامو الطوارئ” الاعتداء فوضى وانعدامًا لمراعاة ضوابط المستشفيات ودور الرعاية الصحية، وخرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وأوضحت أن تعليق أنشطة منظمة أطباء بلا حدود أدى إلى حرمان نحو نصف مليون نسمة من الرعاية الطبية الأساسية، وزيادة هشاشة المجتمع المحلي، وتفاقم انتشار الأمراض، وتهديد حياة الأطفال والنساء وكبار السن، مبينةً أن ذلك يعكس الأثر المباشر والخطير لاستهداف العاملين في المجال الإنساني على المدنيين.
وطالبت المجموعة قوات الدعم السريع، التي تسيطر على المنطقة، بضرورة حماية المنشآت الطبية والطواقم الصحية بشكل عاجل، وتحمل جميع الأطراف المسيطرة مسؤولياتها في هذا الصدد. كما دعت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى ممارسة الضغط لضمان استمرار تقديم الخدمات الطبية الأساسية للمدنيين وتأمين وصولها دون أي عرقلة أو تهديد.