منتدى الأجاويد: الشباب السوداني بين تحديات الواقع وسؤال المستقبل


أمستردام-راديو دبنقا – 11يوليو 2025

في محاولة لإعادة فتح مسارات الحوار المدني والسياسي وسط دوامة الحرب، نظّمت الشبكة الشبابية السودانية لإيقاف الحرب والتحول المدني الديمقراطي منتدىً حواريًا تحت عنوان “الأجاويد”، جمع عددًا من الناشطين والسياسيين الشباب لمساءلة جذور الأزمة السودانية ومآلاتها، والدور الممكن للشباب في صياغة مستقبل البلاد.
جاء المنتدى، الذي عُقد افتراضيًا، امس الخميس، تحت شعار “الحقيقة، الاعتراف، المسؤولية”، بمشاركة واسعة من ممثلين لحركات شبابية، وتنسيقيات لجان المقاومة، ومهتمين بالشأن العام، تناولوا فيه أسباب الحرب وتحديات الحاضر وإمكانات الخروج من الأزمة، ذلك ضمن حملة رؤية جيل التي أطلقتها الشبكة الشبابية.

الحرب كأزمة سياسية لا إنسانية فحسب


استهل المنتدى مداخلاته بالتأكيد على ضرورة الاعتراف بالحرب كأزمة سياسية عميقة، لا مجرد مأساة إنسانية أو كوارث ميدانية. شدد المتحدثون على أن استمرار الحرب دون مناقشة جذورها السياسية والمجتمعية سيؤدي إلى تكرار المأساة حتى إن توقفت المعارك ميدانيًا.
كما أشار المتحدثون إلى أن التحول الديمقراطي الحقيقي لن يتم دون عدالة انتقالية حقيقية، تشمل الاعتراف بالجرائم، وجبر الضرر، ومساءلة المسؤولين، بغض النظر عن مواقعهم في السلطة أو المعارضة.

من هو “العدو”؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟


أبرزت المداخلات حجم الضياع السياسي والفكري الذي يواجه الشباب السوداني اليوم، في ظل طغيان السرديات الإعلامية والانقسام الحاد داخل الحراك المدني. تساءل المشاركون:
• هل الحرب الحالية بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني مجرد صراع على السلطة؟
• ما موقع المكونات المدنية من هذا الصراع؟
• من يمثل الشعب؟ ومن يمتلك الشرعية السياسية؟
إحدى المداخلات لفتت الانتباه إلى أن الشباب مطالبون اليوم بالتحرر من ثنائية الجيش والدعم السريع، والانتباه إلى حقيقة أن الحرب لا تدور فقط على الخرائط، بل في النفوس والعقول، مشددة على ضرورة إعادة بناء الفضاء السياسي المدني على أسس جديدة.

النقد الذاتي والمحاسبة: من داخل الحراك


لم تخلُ النقاشات من نقد ذاتي صريح. فقد تحدث عدد من المشاركين عن عجز الحركات المدنية عن بلورة موقف موحد تجاه الحرب، وعن الارتهان للأجندات أو التورط في خطاب الكراهية والتخوين.


كما طُرحت تساؤلات مؤلمة عن صمت بعض النشطاء حيال جرائم الحرب والانتهاكات، وعن اختلال الأولويات بين العمل الإغاثي والتعبئة السياسية. وظهر توافق بين عدد من المداخلات على أن “الضمير الثوري” للسودانيين قد تآكل تحت وطأة العنف والانقسامات.

نحو جبهة مدنية جديدة؟


في ختام المنتدى، برزت دعوات متكررة لتأسيس جبهة مدنية واسعة، تستند إلى قيم الحقيقة والمساءلة والموقف الأخلاقي من الحرب. جبهة لا تخضع لمعادلات التوازنات القديمة بين المكونات السياسية، بل تفتح الباب لتمثيل حقيقي للشباب والنساء والمهمشين.
كما دعا المتحدثون إلى مأسسة الحوارات الشبابية وتوسيع دائرة النقاش لتشمل الفاعلين في الداخل والخارج، تمهيدًا لحراك سياسي جديد يعيد الاعتبار للعمل الجماعي، والموقف المبدئي، والسردية الوطنية الشاملة.

الطريق طويل… لكن لا بد من البدء


جاء منتدى الأجاويد كتجربة أولى في مشروع حواري تسعى من خلاله الشبكة الشبابية إلى فتح مسارات تفكير جديدة، تعيد طرح الأسئلة الصعبة، وتكسر الصمت والخوف والإحباط. ورغم مرارة الواقع، خرج المشاركون بقناعة واحدة: أن الخروج من الحرب لا يبدأ من قاعات التفاوض فقط، بل من صدق المراجعة ومواجهة الذات.
في بلد أنهكته الانقلابات والحروب، قد لا تكون الكلمة أقوى من الرصاص… لكنها بالتأكيد أكثر صدقًا.

Welcome

Install
×