“راديو دبنقا ” يرصد تفاصيل أحداث معسكر اللاجئين بأوغندا

إصابة 20 لاجئا سودانيا في هجوم شنه لاجئون جنوب سودانيون في معسكر كرياندنغو بأوغندا
كمبالا: 11 يوليو 2025: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو
بصورة مباغتة عاش اللاجئون السودانيين مرة أخرى حالة من الخوف والرعب؛ قتلت في دواخلهم الأمان الذي جاءوا يبحثون عنه في معسكر كرياندونغو بدولة يوغندا، فقد عاشوا ليلة طويلة أمس الخميس جراء الاعتداءات الجسدية ومحاولات القتل من قبل لاجئين من جنوب السودان ظلوا يقاسمونهم المعسكر لما يقرب من العامين، في وقت ظنوا انهم تركوا هذه المشاهد خلفهم في وطنهم الذي تمزقه الحرب منذ اكثر منذ ابريل 2023م، ولا زال اطرافها يتمسكون باستمرارها لمزيد التقتيل والتدمير.
بحسب شهود عيان- تحدثوا لراديو دبنقا- فان اللاجئين السودانيين في (المنطقة السكنية G) تفاجئوا بهجوم شنته مجموعة من الشباب اللاجئين من دولة جنوب السودان الذين يجمعهم مع اللاجئين السودانيين معسكر واحد شمالي في مقاطعة بيالي يوغندا، مستخدمين اسلحة بيضاء (سكاكين، سواطير وعصي). واسفر الهجوم عن اصابة اكثر من 20 لاجئاً من الرجال والنساء والاطفال، تم نقلهم الى المستشفى القريب من المعسكر بينما اسعفت حوالي 4 حالات حرجة الى مستشفيي مدينتي (قولو وكرياندونغو).
وفور وقوع الهجوم بث عدد من اللاجئين السودانيين مقاطع صوتية عبر تطبيق المراسلات السريعة واتساب يستنجدون فيها بالسودانيين في بقية المناطق السكنية في المعسكر ليهبوا لحماية النساء والاطفال وكبار السن من الهجوم. واوضح احد قادة المعسكر حسن ابوه لراديو دبنقا ان الهجوم شارك فيها عشرات الشباب من لاجئي جنوب السودان، مشيراً الى انهم اقتحموا المنطقة السكنية (L) من ثلاثة محاور (الجهة الجنوبية والغربية والشرقية) حيث يقع عليها الطريق الرئيسي في الجهة الشرقية بينما الجهتين الغربية والجنوبية توجد فيها مزارع الذرة الشامية، واضاف: عندما واجههم الشباب للتصدي لهم من الناحية الشرقية انسحبوا ومن ثم هاجمت المجموعتين الجنوبية والغربية من الخلف الأمر الذي تسبب في وقوع اصابات كبيرة وسط السودانيين، واشار الى ان المهاجمين كانوا يرتدون جميعا ملابس سوداء ويحملون سواطير ما يدل على ان الهجوم مدبر ومخطط له.
تعدد الهجمات
الهجوم الذي وقع على اللاجئين السودانيين ليلة امس الخميس لم يكن الأول، فقد شهدت المعسكر عدة حالات اعتداء من قبل بواسطة الشباب اللاجئين من جنوب السودان. ويقول احد قادة المعسكر حسن ابوه لراديو دبنقا ان هجمات اللاجئين الجنوبيين على السودانيين تكررت كثيراً منذ نحو شهرين، واضاف: هاجموا السودانيين في المناطق السكنية (C، A ،B ،L ، G) واشار الى ان في كل هذه الهجمات ظل يتصدى لهم الشباب السودانيين ولم تكن هناك اصابات كبيرة من السودانيين. واوضح أن الهجوم قبل الأخير على المنطقة السكنية G شارك فيه أكثر من 20 شاب من ابناء النوير بالمعسكر، لكن الشباب السودانيين تصدوا لهم وقبضوا على عدد منهم وسلموهم للشرطة الاوغندية في المعسكر، مشيراً الى ان أهلهم جاءوا وطلبوا من قادة اللاجئين السودانيين الافراج عنهم ليقضوا فترة عيد الاضحى خارج الحراسات ومن ثم يتم الجلوس لحل المشكلة بعد العيد. وتابع: “بعد العيد جاءوا وقالوا دايرين نحل المشكلة”. والمكتب القيادي للاجئين السودانيين وافق على ذلك وشكل لجنة جودية ومصالحة، “لكن قلنا كي نجلس مع هؤلاء الناس لابد ان نرتب انفسنا لأنهم غدارين يمكن يغدروا بنا في اي لحظة حتى اثناء جلسة الصلح.”
مشيراً الى ان اللجنة بدأت ترتيباتها من حيث حصر الاعتداءات والخسائر التي ألحقتها بالسودانيين، اضاف “كنا دايرين نضع حل جذري لهذه المشاكل عندما نجلس معهم، لأنهم اذا اتفقنا على الشكل الجماعي يمكن يحولوا الاعتداءات الى فردية ممنهجة، وقد حدث ذلك كثيراً منها عمليات نهب وسرقات وتخريب وتخدير” واشار الى ان اللجنة رأت كذلك انها تعد تقريراً متكامل عن هذه الاعتداءات والجرائم وتسلمها للشرطة اليوغندية ومكتب رئيس مجلس الوزراء اليوغندي (OPM) ومكتب المفوضية السامية لشئون اللاجئين وكل الشركاء ليكونوا على بينة من الأمر، لكن قبل ان تكمل اللجنة عملها هاجموا أحد المجمعات السكنية وجاءتنا معلومات مرة اخرى بأنهم سيهاجموا مجموعة سكنية أخرى لكن الشباب اعدوا لهم وانتظروهم ولم يأتوا.
هجوم هو الأعنف من نوعه
ونبه حسن ابوه الى ان كل الهجمات التي تعرض لها اللاجئين السودانيين خلفت اصابات متفاوتة، لكن هجوم ليلة أمس كان الاعنف وخلف اصابات كثيرة. وابان ان شباب قبيلة النوير الذين اعتدوا على السودانيين قبل عيد الأضحى وتم القبض عليهم لم يكن احد منهم يسكن في المجموعة السكنية التي هاجموها، ولم يكونوا من مجموعة سكنية واحدة، وانما جاءوا من مجموعات سكنية مختلفة في المعسكر، الأمر الذي يؤكد انهم يخططون لهذه الهجمات.
بيان المكتب القيادي
أصدر المكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين في معسكر كرياندونغو بياناً اشار فيها الى حيثيات الهجوم على اللاجئين السودانيين ليلة امس، مشيراً الى ان المجموعة المعتدية يقدر عددها بأكثر من 100 شخص يحملون السواطير والعصي، والآلات الحادة. وقال البيان ان الهجوم وقع على (كلستر L شرق) حيث اقتحم المهاجمون المنازل واعتدوا على اجساد اللاجئين السودانيين بالضرب والطعن، ما تسبب في اصابات متفاوتة لمجموعة من اللاجئين بعضها جرحة، حيث تم نقل بعض المصابين الى مستشفى بنادولي بالمعسكر من بينها 4 حالات حرجة تم نقل 2 منها الى مستشفى مدينة قولو و2 الى مستشفى كرينادنقو، واوضح البيان ان مستشفى بنادولي في المعسكر يفتقر لأبسط المقومات من حيث العلاج والأدوية والكوادر الطبية المتخصصة.
دور الشرطة الاوغندية
المكتب القيادي للاجئين السودانيين انتقد موقف الجهات الرسمية في المعسكر تجاه حوادث الاعتداء التي تقع ضد اللاجئين السودانيين.
وقال في بيانه انه ناشدها بالتدخل لماية اللاجئين واسعاف المصابين، الا ان الشرطة واللجنة الأمنية تدخلتا لكنهما لم يلقيا القبض على اي من الجناة، واكتفتا بنقل بعض المصابين بسيارة الشرطة الى مستشفى بندولي بالمعسكر في ظل غياب تام لسيارات الاسعاف، بينما اضطر السودانيين الى نقل بقية المصابين بمجهوداتهم الذاتية الى المستشفى.
تساؤلات اللاجئين
اثارت هذه الحوادث والاعتداءات المتكررة تساؤلات اللاجئين السودانيينن خاصة انها لم تكن بدوافع السرقة وانما اعتداءات انتقامية، حيث يتساءل المكتب القيادي عن دوافع هذه الاعتداءات التي تستهدف المجتمع السوداني بالمعسكر، بجانب تزايد أعدادها دون محاسبة قانونية من الجهات الرسمية، ولماذا صمتت المفوضية السامية لشئون اللاجئين على هذه الاعتداءات المتكررة ؟
حالة تآزر
أظهرت الحادثة كذلك المروءة وقيمة التآزر لدى الشعب السوداني حيث هب الشباب من مختلف المجمعات السكنية بالمعسكر لنجدة اخوتهم في (كلستر L شرق) الامر الذي حقن دماء الكثيرين. وأعرب المكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين عن شكره لتشابك الشعب السوداني خاصة الشباب من خلال وقفتهم الصلبة ليلة أمس وانصياعهم لتوجيهات الشرطة واللجنة الامنية بعدم التهور ومحاولة أخذ الحقوق بأيديهم. وتداولت مجموعات اللاجئين في يوغندا عبر تطبيق واتساب تسجيلات الصوتية من قبل اللاجئين طلباً للنجدة والتحرك الى المستشفى خاصة اولئك الذين لديهم معرفة بالاسعافات الاولية للمساعدة في اسعاف المصابين، حيث وجدت تلك النداءات استجابة كبيرة نتج عنها صد الهجوم وتدافع اعداد كبيرة الى المستشفى لأجل التبرع بالدم والمشاركة في اسعاف المصابين.
نداءات قانونية
منذ أيام ظلت جهات قانونية ترصد الحالة الأمنية التي يعيشها اللاجئون السودانيون في معسكر كرياندونغو، وأطلق الخبير القانوني لحقوق الانسان المراقب لحالة اللاجئين السودانيين بالمعسكر ارباب ابوكيف- قبل ساعات من وقوع الحادث- نداءً دعا فيه السلطات الاوغندية والمنظمات الأممية الى اعلان حالة الطوارئ القصوى في المعسكر، واشار ابوكيف الى انه أطلق نداءه نيابة عن اللاجئين السودانيين المقيمين في معسكر كرياندونغو وذلط بعد التحقق والتوثيق الميداني لتدهور الأوضاع الأمنية داخل المعسكر بصورة قال انها تمثل تهديدا مباشراً وحقيقيا لحياة اللاجئين واسرهم، وتخالف الالتزامات الدولية المفروضة على الدول والمنظمات بحماية اللاجئين وضمان سلامتهم، اضافة الى انه يمثل خرقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ونبه الى أن استمرار هذا التدهور الأمني دون استجابة فعالة يُعد إخلالاً بمبدأ الحماية القانونية للاجئين المنصوص عليه في اتفاقية 1951 الخاص بوضع اللاجئين، ويمثل خرقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة والأمن الشخصي.
وطالب ابوكيف بإعلان حالة الطوارئ القصوى داخل معسكر كيرياندونغو لحماية اللاجئين السودانيين فورًا،وتدخل فوري من الجهات الأمنية المعنية في الدولة المضيفة لضمان أمن وسلامة اللاجئين، وفتح تحقيق عاجل ومستقل حول التهديدات والانتهاكات الأمنية التي تم الإبلاغ عنها. بجانب توفير ضمانات حماية دائمة وفقًا للمعايير الدولية، بما في ذلك دعم الحماية المجتمعية وتوفير موارد استجابة فورية. وتمكين اللاجئين من الوصول إلى قنوات الشكاوى القانونية والعدلية، وضمان عدم تعرضهم لأي انتقام عند تقديم الشكاوى.
وحمل اوكيف- في بيانه الذي سبق وقوع الحادث بساعات- الجهات المعنية المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه أي تصعيد أو أذى قد يتعرض له اللاجئون داخل المعسكر، وناشد المنظمات الدولية عدم الاكتفاء بالمراقبة، بل التدخل المباشر والاستجابة الميدانية لهذا الوضع الذي وصف بالحرج.
احصائيات اللاجئين
ويعيش في معسكر كرياندونغو في مقاطعة بيالي شمالي جمهورية يوغندا لاجئين من 6 دول هي السودان، جنوب السودان، الكونغو، رواندا، كينيا وبوروندي، ويقدر عدد اللاجئين السودانيين في المعسكر بنحو 60 ألف لاجئ بينما يصل عدد اللاجئين من جنوب السودان اكثر من 80 ألف لاجي، حيث يشكل اللاجئين من جنوب السودان الاغلبية بنسبة تصل ما بين 60 الى 70% من اجمالي اللاجئين في المعسكر.