بعد معارك “ابو قعود”: من يسيطر على ماذا في شمال كردفان؟

مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع في شمال كردفان

مناطق سيطرة الجيش مظللة بالأصفر، والدعم السريع يسيطر على بقية المناطق-خرائط قوقل -تحرير راديو دبنقا

القوة المشتركة تعلن السيطرة على ابو قعود بعد 24 ساعة من اعلان الدعم السريع انتصارها

الأبيض: 21 أغسطس 2025: راديو دبنقا

أعاد مقتل مهند إبراهيم فضل، قائد عمليات كتائب البراء بن مالك المتحالفة مع الجيش، أمس الأربعاء، تذكير السودانيين بالمعارك الطاحنة التي تدور في إقليم شمال كردفان وحول عاصمته مدينة الأبيض، التي تعاني من حصار قوات الدعم السريع منذ أشهر طويلة، في غياب أي معلومات موثوقة عن المعارك عدا البيانات المتضاربة التي ينشرها طرفا الحرب في إطار الدعاية الإعلامية التي يخوضانها على مختلف المنصات.

أعلنت كتيبة البراء بن مالك مقتل قائد عملياتها مهند إبراهيم فضل وعدد من قياداتها خلال اشتباكات عنيفة مع قوات الدعم السريع في منطقة أبو قعود بولاية شمال كردفان. ويُعد مهند من أبرز المقاتلين الذين أسهموا في الدفاع عن سلاح المدرعات وصد هجمات الدعم السريع المتكررة، كما شارك في العديد من المعارك منذ اندلاع النزاع في السودان في الخامس عشر من أبريل عام 2023، ولعب دورًا محوريًا في فك الحصار عن العديد من وحدات الجيش وإعادة انتشارها في مناطق متعددة من العاصمة الخرطوم. كما نشرت الحركة الإسلامية السودانية، برئاسة علي كرتي، بيانًا رسميًا نعت فيه مهند إبراهيم بوصفه أمينًا للفكر والثقافة.

مناطق السيطرة

يسيطر الجيش على ثلاث محليات في ولاية شمال كردفان بصورة تامة، هي: الأبيض، والرهد، وأم روابة، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على بارا وغرب بارا وجبرة الشيخ وسودري وأم دم. ومؤخرًا أعلنت القوات المسلحة سيطرتها على منطقة رهيد النوبة على طريق الصادرات، وزار البرهان المنطقة الأسبوع الماضي إيذانًا بانطلاق العمليات العسكرية، بينما نشرت قوات الدعم السريع مقطع فيديو أكدت فيه استمرار سيطرتها على رهيد النوبة.

وخلال شهري يناير وفبراير تمكن الجيش من فك الحصار عن الأبيض من الاتجاهين الجنوبي والشرقي بعد أن سيطر على أم روابة والرهد، فيما استأنفت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي على أم صميمة بالاتجاه الغربي للأبيض. ويشن الجيش هجومًا في شمال كردفان بمحوري بارا وأم صميمة، حيث تهدف العمليات في محور بارا إلى السيطرة على طريق الصادرات الذي يربط بين الخرطوم والأبيض، بينما تهدف العمليات في محور أم صميمة إلى التوغل في غرب كردفان.

وتسيطر قوات الدعم السريع على جميع محليات غرب كردفان عدا بابنوسة ومنطقة هجليج، أما في جنوب كردفان فتسيطر على الدبيبات في الاتجاه الشمالي من الولاية.

أبو قعود .. معارك ضارية

ويشير مصرع القائد مهند عند قرية أبو قعود جنوب مدينة الأبيض إلى ضراوة المعركة التي يدفع فيها الطرفان بأفضل مقدراتهما العسكرية للوصول إلى الأبيض والحفاظ عليها، في وقت اضطر فيه عشرات الآلاف من سكان المنطقة للنزوح إلى مناطق قد تكون آمنة خارجها بعد تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية جراء الحصار.

تقع منطقة أم قعود على بعد 43 كيلومترا جنوب غرب الأبيض و 14 كيلومترا جنوب شرق أم صميمة التي تبعد نحو 60 كيلومترًا من الأبيض.

كانت منطقة ابوقعود سوقا شهيرا للوقود،
تتزود فيها البصات المتجهة الى الفاشر احيانا
كما أنها كانت محطة استراحة رئيسية للركاب.

وتتواصل المعارك الضارية منذ الأمس في المناطق الواقعة بين الأبيض وأم صميمة في الاتجاه الغربي، وسط أنباء لم يتسنَّ التأكد من صحتها بشأن تقدم الجيش نحو أم صميمة. وكانت منطقتا أم صميمة غرب الأبيض، وأم سيالة شمال شرق الأبيض، قد شهدتا معارك عنيفة في نهاية يوليو قُتل خلالها عدد كبير من قوات درع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل.

وأمس الأربعاء قالت قوات الدعم السريع، في بيان على حسابها على منصة تليغرام، إن قواتها انتصرت على ما وصفته بـ”جيش الحركة الإسلامية” في منطقة أبو قعود غرب مدينة الأبيض، وقالت إنها طاردت القوة حتى تخوم الأبيض وكبدتها خسائر في الأرواح والعتاد، واستولت على عشرات العربات القتالية. ونشر جنود الدعم السريع عددًا من مقاطع الفيديو التي تظهر مركبات محترقة وقتلى.

وقبل أن تمر 24 ساعة على بيان قوات الدعم السريع، أصدرت القوة المشتركة للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا بيانًا قالت فيه إنها حققت انتصارًا على قوات الدعم السريع في منطقة أبو قعود، ودمرت عشرات العربات واستولت على العشرات منها، كما أسرت عشرات الجنود. وتشهد معارك كردفان تبادل السيطرة بين قوات الدعم السريع من جهة والقوات المسلحة والقوات المتحالفة معها من جهة أخرى.

غياب المعلومات الموثوقة

حاول راديو دبنقا الحصول على تفاصيل حول الأوضاع في المنطقة بمختلف الوسائل، لكن استمرار الحرب وتضارب تقارير وادعاءات الأطراف المتحاربة وتكرار انتقال القرى والمناطق الواقعة حول مدينة الأبيض من سيطرة إلى أخرى جعل الوصول إلى مصادر معلومات موثوقة أمرًا صعبًا جدًا إن لم يكن مستحيلًا.

فمثلًا كان الجيش السوداني قد أعلن قبل أكثر من أسبوعين عن تحرير منطقة أبو قعود، التي أُعلن عن مقتل قائد عمليات البراء بن مالك فيها الأربعاء، كما أن مناطق مثل أم صميمة والغبشان دار فيها قتال متقطع تبادل الطرفان السيطرة عليها عدة مرات.

كما أن سيطرة طرفي الحرب على وسائل الاتصال في مناطق نفوذهما، ومنع وملاحقة الصحفيين من التغطية المستقلة، وخشية المواطنين من التواصل مع وسائل الإعلام الموثوقة، كلها عوامل ضاعفت صعوبة الوصول إلى مصادر مستقلة للأخبار في المنطقة.

ولا يُعرف على وجه الدقة، من مصادر مستقلة أو شهود عيان، مصير المدنيين في المناطق الواقعة بين مدينتي النهود الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، والأبيض الخاضعة لسيطرة الجيش، حيث توجد بين المدينتين عشرات القرى والمناطق، من بينها الخوي وأم صميمة وغيرها.

ولا تزال شمال كردفان خارج التغطية: لا اتصالات هاتفية ولا إنترنت، والخيار الوحيد المتاح للاتصال هو “ستارلينك”، لكنه مقيد ويخضع لرقابة صارمة من قبل أطراف النزاع.

Welcome

Install
×