مع الجمهورحول التعبئة العامة :إنقسام ما بين (بل بس) و(لا للحرب ) وأسئلة أخري : (وين أولادكم ) ؟؟
نص سؤال اليوم حول التعئبة العامة ودعوة البرهان المطروحة على منصات دبنقا على وسائل التواصل الاجتماعي
كمبالا: 18 نوفمبر 2025: راديو دبنقا
أثار السؤال الذي طرحه راديو دبنقا على منصاته الرقمية حول إعلان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان التعبئة العامة ودعوته كل سوداني قادر على حمل السلاح للتوجه إلى مناطق العمليات، اثر السؤال موجةً من التفاعل، عكست انقساماً في الرأي العام السوداني حول مستقبل الحرب، وجدوى الهدنة، ومآلات استمرار القتال.
السؤال الذي حصد 95,065 مشاهدة وتفاعل معه 4,436 شخصاً وعلق عليه 625 شخصا، أظهر مشاركة لافتة من الفئات العمرية الشابة؛ إذ شكل من تتراوح أعمارهم بين 25–34 عاماً 45% من المشاهدات، بينما بلغ من هم بين 35–44 عاماً 32.6%، إضافة إلى فئات عمرية أخرى بنسبة 12.2%. كما شكل الرجال 91% من الجمهور المتفاعل، مقابل 8% من النساء، و1% غير محدد النوع الاجتماعي.
تيار يدعم الهدنة ووقف الحرب
عدد كبير من التعليقات أبدى رفضاً قاطعاً لاستمرار الحرب، معتبرين أن الهدنة ضرورة عاجلة لإنقاذ المدنيين ووقف نزيف الدم. كتب أحد المتابعين تعليقاً حاز انتشاراً واسعاً قال فيه “من الغباء أن أدافع عن وطن لا أملك فيه بيتاً… الوطن حيث تتوفر مقومات الحياة لا مسببات الموت! والانتماء كذبة اخترعها الساسة لنموت من أجلهم”
بينما قال محمود حسن من منطقة قارسيلا بوسط دارفور “أعتقد أن الهدنة مهمة للغاية بسبب الأوضاع الكارثية… الحرب تكتم أفواه الضعفاء، وبعد إيقاف صوت البندقية سنسمع أصواتاً مختلفة” وذهب آخر إلى مخاطبة القيادات مباشرةً قائلاً “لو داير تعبئة عامة خلي ينادي أولادهم القاعدين برا… نحن كفانا موت.” وفي الاتجاه نفسه عبّر عدد من المعلقين عن موقف رافض للحرب باعتبارها تجارة للدماء، كما كتب أحدهم: “الاستنفار في الوقت الراهن تجارة دماء… وزج بأبناء الوطن في حرب الجنرالات” النداءات المؤيدة للسلام انتشرت بصورة كثيفة، مثل: لا للحرب نعم للسلام، السلام هو الحل.
وقف الحرب اليوم قبل الغد
برزت شهادات لأشخاص فقدوا أبناءهم وأقاربهم في الحرب، بينهم والد أحد الشهداء الذي كتب بحسرة “الى متى اراقة الدماء؟ نعم للسلام مهما يكون… هذا صوت أب فقد ابنه”
في مقابل تيار السلام هناك مؤيدون للتعبئة واستمرار القتال، حيث برزت موجة قوية من التعليقات المؤيدة لموقف البرهان والداعية لمواصلة القتال حتى آخر جنجويدي كما يقولون. أحدهم كتب “أنا مع القرار تماماً… أي شاب قادر على حمل السلاح يخش طوالي. الحرب أصبحت نكون أو لا نكون”. بينما كتب آخر “الدفاع عن النفس والأرض والعرض واجب… لا هدنة مع المليشيا” وانتشر بكثافة شعار “بل بس” الذي يتخذه مؤيدو الحرب رمزاً للحسم العسكري، حيث قال بعض المعلقين “بل بس لي آخر جنجويدي” و”نحن مع بل بس حتى قيام الساعة”. ويرى مؤيدو التعبئة أن الحرب ضرورة لإعادة هيبة الدولة وصدّ ما يصفونه بالتمرد المدعوم خارجياً.
انتقائية المشاركة في القتال
من بين الاتجاهات التي ظهرت في التفاعلات، موجة غضب من زج الفقراء وأبناء الهامش في الحرب، مقابل بقاء أبناء القادة في الخارج، إذ كتب عدد من المعلقين بحدة “أتأمرون الناس بالاستنفار وتنسون أولادكم؟” وعلق آخر “أنا مستعد أمشي الجبهة بشرط أقود أولاد الكباشي والعطا وندى القلعة وكرتي ومناوي وجبريل” فيما قال أحدهم بسخرية: “نحن منتظرين الشباب الموجودين في تركيا يتقدموا الصفوف” هذه الأصوات شكلت تياراً مستقلاً، يعارض التعبئة من منطلق انتقائية المشاركة في القتال او العمليات الحربية، وليس بالضرورة دعماً للهدنة.
انقسام اجتماعي
من أبرز ما عكسته التعليقات، ارتفاع نبرة الاتهامات والخطاب العدائي والعنصري في بعض الردود، وانتشار لغة التخوين، ما يشير إلى عمق الشرخ الاجتماعي الذي أحدثته الحرب. وبين دعوات تحرير الوطن، ونداءات وقف القتال، تظهر مخاوف من أن استمرار الحرب سيساهم في مزيد من التصدع داخل المجتمع، وهو ما عبّر عنه أحد المعلقين قائلاً: كلما طالت الحرب كلما زاد تفكك النسيج الاجتماعي السوداني وكثرت العنصرية… وقف الحرب يضمن وحدة السودان.
قراءة في تفعالات الجمهور
بقراءة تفاعلات الجمهور مع سؤال راديو دبنقا يمكن استنتاج ان هناك اتجاه يؤيد الهدنة ووقف الحرب وهو التيار الأكثر عددا وتعليقا، حيث يمثل حوالي 55% ــ 60% من جملة التعليقات، وأورد هذا التيار شهادات انسانية ذات طابع عاطفي ترفض التعبئة، وترى ان الحرب عبثية وتجارة دماء. وكرر عبارات “لا للحرب، السلام هو الحل، كفاية موت”.
بينما يؤيد تيار آخر التعبئة واستمرار الحرب، يمثل حوالي 30% ــ 35% من جملة التعليقات. هذا التيار استخدم شعار “بل بس” وركز في تعليقاته على الدفاع عن الوطن وهيبة الدولة، ويرى ان الحرب معركة وجود؛ لذا يتمسك بالحسم العسكري.
برز تيار ثالث يمثل حوالي 10% ــ 15% هذا التيار ليس مع الهدنة، وكذلك يرفض التعبئة لأنها انتقائية، اذ ينخرط فيها ابناء الهامش، بينما يظل ابناء القادة والمسئولين في الخارج بعيدا عن نيران الحرب. تركز هذه الفئة على فكرة “أرسلوا أولاد القادة أولاً”
ورغم التباين الحاد، إلا أن القاسم المشترك بين غالبية الأصوات هو حالة الإحباط من حرب يبدو أنها استنزفت الجميع، دون أفق واضح للحسم أو السلام.


and then