مخاوف من توقف تام للتكايا في الفاشر والجيش يصد هجوماً جديداً على المحور الجنوبي

Tekke in El Fasher in July 2025 (File photo: RD)

الفاشر – 16 أكتوبر 2025 – راديو دبنقا

يشهد الوضع الإنساني في مدينة الفاشر تدهوراً حاداً وسط مخاوف من توقف التكايا التي يعتمد عليها آلاف المدنيين لتأمين غذائهم اليومي، في ظل انعدام المواد الغذائية وارتفاع الأسعار.

ميدانياً، أعلنت الفرقة السادسة مشاة صدَّ هجوم جديد شنّته قوات الدعم السريع على المحور الجنوبي، مؤكدة تدمير آليات للمهاجمين، في حين أعلنت الأخيرة سيطرتها على منطقة أبو قمرة التابعة لمحلية كرنوي.

هدوء نسبي وهجوم جديد

كشف مواطنون من الفاشر لراديو دبنقا عن هدوء نسبي في المدينة منذ يوم أمس الأربعاء، مع قصف مدفعي متقطع.

من جانبها، قالت قيادة الفرقة السادسة مشاة مساء أمس إنها تمكنت من صدّ هجوم شنّته قوات الدعم السريع على المحور الجنوبي. وأشارت في موجزها اليومي إلى حرق مدرعة “صرصر” جنوب السلاح الطبي، وتدمير عربة بوكس دبل كاب مموهة، بجانب تعطيل عربة بوكس إدارية دبل كاب بالمحور الشمالي.

في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع أمس سيطرتها على منطقة أبو قمرة التابعة لمحلية كرنوي، بعد إعلان قوة كانت تتبع لتجمع قوى تحرير السودان انضمامها إلى حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي.

توقعات بتوقف التكايا

أكد أحد المواطنين في حديث لراديو دبنقا أن الأوضاع الإنسانية في المدينة تزداد سوءاً مع انعدام المواد الغذائية وتوقف معظم التكايا، مشيراً إلى استمرار نزوح المواطنين من المدينة يومياً.

وقال متطوع لراديو دبنقا إن المدنيين في الفاشر يواجهون صعوبات في الحصول على الطعام ومياه الشرب ويعتمدون على التكايا، التي تواجه تحديات أمنية تتمثل في القصف المدفعي وانعدام المواد الغذائية وارتفاع أسعارها. وتوقّع خروج جميع التكايا عن الخدمة خلال الأيام المقبلة في حال عدم وصول مواد غذائية جديدة.

ووصف المتطوع ما يجري في الفاشر بأنه مجاعة حقيقية، مضيفاً: «من لم يمت بالرصاص يموت بسبب المرض والجوع».

ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل، منتقداً بطء تحركه تجاه الفاشر، وطالب أطراف الصراع بالالتزام الأخلاقي والإنساني والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، معتبراً إعاقة وصولها انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني. كما دعا إلى تحديد مناطق آمنة والسماح بوصول الغذاء وتأمين الممرات للمدنيين الراغبين في الخروج من المدينة، واصفاً الوضع في الفاشر بأنه كارثي.

وأشار إلى الارتفاع الكبير في الأسعار، حيث بلغ سعر رطل السكر 140 جنيهاً، وكيلو الدقيق والأرز 400 ألف جنيه، وكورة الأمباز 100 ألف جنيه.

تحذير أممي

حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من تصعيد خطير في أعمال العنف ضد المدنيين في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة في السودان.

واشار المكتب إلى تحليل جديد لصور الأقمار الصناعية يظهر ارتفاعًا حادًا في الهجمات التي أفادت التقارير بشنها قوات الدعم السريع على الملاجئ والمساجد والمستشفيات والأسواق خلال شهري سبتمبر وأكتوبر. وتشير النتائج إلى نمط مُستمر من العنف ضد بعض المجتمعات المحلية، مما يُثير مخاوف جدية من الاستهداف المُمنهج وارتكاب جرائم مُحتملة بموجب القانون الدولي.

أفادت مصادر محلية أن الفاشر الآن مُحاصرة من جميع الجهات. ويواجه سكان المدينة المُتبقون نقصًا حادًا في الغذاء والماء، والأسواق فارغة، وأسعار السلع المُتاحة ارتفعت بشكل حاد. ولا يزال وصول المساعدات الإنسانية مُقيّدًا بشدة، حيث تُعيق الحواجز الترابية المُقامة حول الفاشر حركة الناس والإمدادات. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أفاد مُستجيبون محليون في الفاشر بإغلاق المزيد من المطابخ المجتمعية التي تُشكّل خط الدعم الأخير.

دعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) مجددًا جميع أطراف النزاع على الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى جميع المحتاجين.

مطالبات باتخاذ تدابير لرفع الحصار

طالب أحمد محمد عثمان، مفوض عام العون الإنساني بالإنابة، خلال تنوير عقد أمس بمقر وزارة الخارجية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى السودان ومنظمات الأمم المتحدة العاملة بالبلاد، المجتمع الدولي باتخاذ تدابير عاجلة تتعلق بالرفع الفوري لحصار المدنيين العُزّل في الفاشر، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2736) لسنة 2024م، وتصنيف قوات الدعم السريع كمجموعة ارهابية

كما دعا إلى إلزام الدول التي تساند الدعم السريع بوقف إمدادات الأسلحة الموجهة لقتل المدنيين العُزّل.

وطالب أيضاً بإلزام قوات الدعم السريع بإيقاف عمليات القتل والتعذيب والاغتصاب والتجويع، التي تُستخدم كمنهج في القتال، إضافة إلى منع الإخفاء القسري والنزوح القسري للمدنيين.

وشدّد على ضرورة انسجام عمليات الاستجابة الإنسانية مع مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بالحياد والإنسانية وعدم الانحياز والاستقلالية، بما يضمن استقلال الأهداف الإنسانية عن أي أهداف عسكرية أو سياسية.

عجز المجتمع الدولي

وفيما يتعلق بالوضع الإنساني في الفاشر، اعتبر أحمد محمد عثمان أن عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2736) الصادر قبل أكثر من 16 شهراً يمثل دليلاً واضحاً على عجز المجتمع الدولي وازدواجيته في التعامل مع الأزمات الإنسانية.

وقال إن عجز المجتمع الدولي عن رفع حصار الفاشر شجع قوات الدعم السريع على فرض حصار على ملايين المدنيين العُزّل في الدلنج وكادقلي وبابنوسة والنهود والخوي، وقبلها في الخرطوم والجنينة والجزيرة، متسائلاً: «متى يستيقظ الضمير الإنساني العالمي من سباته؟»

واتهم قوات الدعم السريع بإعاقة الاستجابة الإنسانية في الفاشر وغيرها، ومنع وصول المساعدات لأكثر من 8.2 ملايين شخص، إضافة إلى تحويل أكثر من 14,600 طن متري من المساعدات لأغراض عسكرية، ونهب وإتلاف نحو 24,700 قطعة من الأثاث والمعدات لمؤسسات إنسانية ووطنية وأجنبية.

ولكن الوكالة السودانية للإغاثة تقول إنها تمكنت من تسهيل وصول أكثر من 200 شاحنة إلى ولايات جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور خلال اسبوعين.

كما أشار أحمد محمد عثمان إلى اعتقال وتعذيب 1,700 من العاملين والمتطوعين في مجال العون الإنساني، وحصار وحرق ونهب أكثر من 2,800 مركز وتجمع إيواء للنازحين، فضلاً عن تدمير ونهب نحو 415 مركبة إمدادات إنسانية تابعة لمنظمات وطنية وأجنبية.

دعوة لاحترام سيادة السودان

بدوره، قال السفير إدريس إسماعيل، وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالإنابة، إن مدينة الفاشر تعاني من وضع إنساني كارثي غير مسبوق بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من 551 يوماً.

وأضاف أن الفاشر تتعرض لهجمات متواصلة من قوات الدعم السريع باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة والطائرات المسيّرة والمدفعية، مشيراً إلى أن عدد الهجمات بلغ 257 هجوماً.

وأوضح الوكيل أن هذا الوضع المأساوي أدى إلى نقص حاد في الاحتياجات الإنسانية، بما في ذلك الماء والغذاء والصحة والكهرباء والتعليم، وامتدت المعاناة إلى النساء والأطفال بسبب القصف المستمر للأحياء السكنية، واستهداف المدارس ووقوع حالات اغتصاب وعنف جنسي، مما تسبب في نزوح قسري واسع.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع استهدفت مسجد حي الدرجة في الفاشر يوم الجمعة 19 سبتمبر 2025، مما أدى إلى مقتل 75 شخصاً، كما استهدفت مدرسة دار الأرقم التي تؤوي نازحين يوم السبت 11 أكتوبر 2025، مما أسفر عن وفاة أكثر من 60 شخصاً وإصابة العديد من المواطنين.

ولكن قوات الدعم السريع تنفي استهداف المدنيين ، وتقول إن المدينة خالية من الوجود المدني وإن مراكز الإيواء والمقرات  الأخرى يوجد بها عناصر المقاومة الشعبية.

Welcome

Install
×