محلل اقتصادي: توقعات بشكاوى ضد السودان بسبب فرض رسوم جمركية على واردات “الكوميسا”
شعار الكوميسا
امستردام: الأربعاء 29 أكتوبر2025م: راديو دبنقا
أعلنت وزارة الصناعة والتجارة السودانية، عن إعادة تطبيق الرسوم الجمركية على السلع والبضائع المستوردة من دول السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا “الكوميسا، اعتبارًا من الأول من نوفمبر 2025.
وقال المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي لـ”راديو دبنقا” إن هنالك أسباب ودوافع اقتصادية أدت إلى فرض مثل هذا القرار المتعلق بإعادة تطبيق الرسوم الجمركية على واردات من دول “الكوميسا”. مشيراً إلى أن أن القرار يمثل خرقاً صريحاً ومباشراً لاتفاقية الكوميسا، وقد يدفع بعض الدول الأعضاء إلى تقديم شكاوى رسمية ضد السودان.
وأوضح أن السودان الآن يعاني من قلة الإيرادات الجمركية التي تُعد أحد المصادر المباشرة والمهمة لتمويل الميزانية العامة للدولة، مشيراً إلى أن الإعفاءات السابقة بإلغاء الرسوم الجمركية حرمت خزينة الدولة من هذا الدخل. السودان يعيش حالياً نقص في النقد الأجنبي وتضخماً متصاعداً وعجزاً كبيراً في الموازنة العامة للدولة.
وأضاف فتحي أن من بين الدوافع الرئيسية أيضاً حماية الصناعة المحلية والإنتاج الزراعي، إذ كانت السلع القادمة من دول الكوميسا – مثل كينيا وأوغندا – تدخل السوق السوداني بأسعار أقل من المنتجات الوطنية بسبب عدم فرض الرسوم الجمركية، معتبراً أن هذا الأمر كان يهدد االمنتجات الوطنية الأمر الذي أضعف تنافسية المنتج المحلي، مشيراً إلى أن بعض القطاعات الانتاجية الأخرى تأثرت والمنتجات السودانية تعرضت لمنافسة غير عادلة بسبب البضائع الواردة من دول “الكوميسا”.
وأشار إلى أن صادرات السودان إلى دول الكوميسا مثل الصمغ العربي والسمسم والثروة الحيوانية كانت أقل حجماً من واردات البضائع من دول الكوميسا ما تسبب في اختلال الميزان التجاري لصالح تلك الدول.
وتوقع فتحي إن القرار الجديد ستكون له آثار مزدوجة، فمن الإيجابيات سيساهم في زيادة الإيرادات الجمركية الحكومية عموماً وستعمل هذه القرارات على حماية بعض القطاعات الإنتاجية المحلية وتشجيع الإنتاج الوطني، كما يمكن أن يُفتح المجال أمام دراسات لتطوير المنتجات المحلية وتحسين قابليتها للتصدير.
سلبيات القرار
لكن في المقابل، حذر المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي من أن السلبيات لهذا القرار إنه سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة من دول الكوميسا، ما سينعكس مباشرة على المستهلك السوداني مشيراً إلى أن ذلك سيزيد من أعباء المعيشة، خاصة في ظل التضخم المرتفع أصلا.
ونوه إلى أن القرار يمثل خرقاً صريحاً ومباشراً لاتفاقية الكوميسا، وقد يدفع بعض الدول الأعضاء إلى تقديم شكاوى رسمية ضد السودان، رغم أن الحكومة أكدت أن القرار تم بالتنسيق مع الأمانة العامة لـ”الكوميسا”.
وعبر فتحي عن اعتقاد بأن الخطوة قد تُحدث إشكاليات مستقبلية تتعلق بأي نوع من التكامل الاقتصادي بين السودان ودول الكوميسا، مشيراً إلى أن القرار السوداني سيفقد منظمة “الكوميسا” نفسها مصداقيتها ككيان للتكامل الاقتصادي، مؤكداً أن القرار يعكس وجود تباين واضح بين الالتزامات الإقليمية طويلة المدى والضرورات الاقتصادية التي نعيشها الآن والتي نسميها قصيرة المدى.
وخلص المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي إلى أن القرار يبدو منطقياً من منظور داخلي سوداني في ظل الأوضاع الراهنة، لكنه قد يؤثر سلباً على السودان تجارياً على المدى المتوسط والطويل، وربما يشكل أحد عوائق التكامل الاقتصادي الإفريقي الذي تنادي به العديد من الدول الإفريقية.
واعرب عن أمله في وضع خطة استراتيجية واضحة للاستفادة من القرار وتحويله إلى واقع عملي لتعزيز الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية، وتحسين الميزان التجاري، والعمل على جذب استثمارات محلية.
إلى ذلك بدأت اتفاقية الكوميسا كمنطقة تجارة تفضيلية عام 1981 بهدف الوصول لإقامة منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء، لتصبح اتحاداً جمركيا ثم سوقاً مشتركة، ثم اتخذت الاتفاقية شكلها الحالي في ديسمبر 1994، وانضم السودان للاتفاقية في أغسطس عام 1990. وتضم حوالي 21 دولة أفريقية.
ومن بين المشروعات التي مولتها الكوميسا في السودان مشروع التكامل الإقليمي في إطار الكوميسا والممول من الاتحاد الأوروبي في سبتمبر/2016م.
ويرى مراقبون وخبراء اقتصاديون ان السودان لم يحقق أي نجاح جراء عضويته بمنظمة الكوميسا منذ انضمامه مشيرين إلى أن السودان ظل يستورد من الدول الأعضاء مستفيدين من إلغاء الرسوم الجمركية، والذي تسبب في اغراق الاسواق بسلع لا حاجة لها فيما فشل في تحقيق أي نجاح في في الصادر ما أدى لعجز في الميزان التجاري.


and then