لجنة حماية الصحفيين: تقارير عن اغتصاب ثلاث صحفيات في الفاشر
صور بالأقمار الاصطناعية تظهر عربات محترقة على الطريق الشمالي الغربي من الفاشر -المحلل الاستراتيجي ريتش تيد
نيويورك، 31 أكتوبر 2025 – راديو دبنقا
قالت لجنة حماية الصحفيين إنها تلقت تقارير عن تعرّض ثلاث صحفيات للاغتصاب في مدينة الفاشر عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.
وأوضحت اللجنة، في بيان، أنها تلقت تقارير تفيد بأن صحفيين في عاصمة شمال دارفور – من بين آخر المصادر المستقلة للمعلومات من المدينة المحاصَرة – اختفوا بسبب انقطاع الاتصالات وتعرّضوا للاختطاف.
ويوم الأحد الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الفاشر وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة.
بدورها، أقرت قيادة الدعم السريع بحدوث انتهاكات وصفتها بـ”التجاوزات الفردية”، معلنةً تشكيل لجنة تحقيق باشرت مهامها.
وعلى مدى يومين فقط، اتهمت الحكومة السودانية قوات الدعم السريع بقتل ما يصل إلى 2000 مدني، واختطاف أولئك الذين حاولوا الفرار، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
الصحفيون المفقودون
قال صحفي سوداني تمكن من الفرار من الفاشر للجنة حماية الصحفيين، شريطة عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام:”نغطي الأحداث في الظلام. في كل ساعة، نفقد صوت جديدًا.”
وفي أعقاب استيلاء قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، تلقت لجنة حماية الصحفيين تقارير من عدة جماعات حقوقية محلية تفيد باختفاء ما لا يقل عن 13 صحفيًا خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأشارت اللجنة إلى اختفاء الصحفي المستقل معمر إبراهيم، الذي ساهم مؤخرًا في قناة الجزيرة، في 26 أكتوبر. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، ظهر في مقطع فيديو قصير تم تداوله على قنوات “تيليجرام” المرتبطة بقوات الدعم السريع، حيث عرّف عن نفسه للكاميرا بينما كان محاطًا برجال مسلحين يُعتقد أنهم من مقاتلي قوات الدعم السريع، والذين بدا أنهم يهددونه.
وفي اليوم التالي، قال المتحدث باسم قوات الدعم السريع لقناة الجزيرة إنه لا علم له بمكان وجود إبراهيم، مضيفًا أنه إذا لم يكن الصحفي منتميًا لأي طرف من الأطراف المتحاربة، فلا يرى “سببًا” لبقائه في الفاشر، متجاهلًا طبيعة عمله كصحفي.
فرار صحفيين
تمكنت لجنة حماية الصحفيين من التحقق من أن الصحفيين: عبد المجيد الأحنف، ومحمد أحمد نزار، ومحمد سليمان طاهر شعيب، وفيحاء محمد الحلو، ومحيي الدين الصحاف، تمكنوا من الفرار من الفاشر والانتقال إلى مكان أكثر أمنًا.
ويظل مصير بقية الصحفيين المفقودين – خالد أبو ورقة، مجدي يوسف، محمد الرفاعي، تاج السر أحمد سليمان، محمد حسين شلبي، عطا محمد، وإسماعيل محمد أحمد – غير مؤكد.
ومع انقطاع شبكات الإنترنت والهاتف في الفاشر، لا يستطيع زملاؤهم وعائلاتهم التأكد مما إذا كانوا محتجزين لدى قوات الدعم السريع أو حتى على قيد الحياة. ويقول الصحفيون المحليون إن التحديثات الوحيدة تأتي الآن من صفحات التواصل الاجتماعي التي تسيطر عليها الجماعة المسلحة، أو من المدنيين النازحين الفارين من المدينة.
وقالت منتدى الصحفيات في دارفور للجنة حماية الصحفيين إن ثلاث صحفيات على الأقل تعرّضن للاغتصاب من قبل مقاتلي قوات الدعم السريع خلال هجومهم الأخير على المدينة، في إطار نمط أوسع من العنف الجنسي الذي يستهدف الصحفيات وغيرهن من المدنيين على حد سواء.
إثبات بلا عواقب
إن ما يميز هذه الحرب عن غيرها هو توثيق قوات الدعم السريع الصارخ لجرائمها، حيث يقوم المقاتلون بتصوير جرائم الحرب التي يرتكبونها ومشاركتها والاحتفال بها عبر الإنترنت مع الإفلات التام من العقاب.
ومنذ بداية الحرب، وثّقت لجنة حماية الصحفيين سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في جميع أنحاء السودان، حيث قُتل ما لا يقل عن 14 صحفيًا، واغتُصبت صحفيات، وتحولت مكاتب وسائل الإعلام إلى مراكز احتجاز، واستولت القوات على منازل، واختُطف صحفيون واحتُجزوا مقابل فدية. وقد قام الجناة أنفسهم بتصوير العديد من هذه الانتهاكات وتوزيعها.
في الفاشر، خنقت حصارات قوات الدعم السريع المدينة وأسكتت ما تبقى من وسائل الإعلام المحلية. وكانت الاتصالات – التي ظلت ضعيفة للغاية – متصلة بالعالم الخارجي عبر شبكة “ستارلينك”، قبل أن تنقطع تمامًا مع تقدم قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي. وما ظهر من هذا التعتيم هو سيل من مقاطع الفيديو التي صوّرها مقاتلو الدعم السريع ونشروها على الإنترنت، تُظهرهم وهم يطاردون المدنيين ويعدمونهم، وخنادق مليئة بالجثث.
وأعلنت قوات الدعم السريع أنها ألقت القبض على عدد من الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم في الفاشر، غير أن اللجنة أشارت إلى عدم محاسبة أي شخص حتى الآن على اختطاف معمر إبراهيم أو أي من الجرائم السابقة ضد الصحفيين.
قالت سارة القضاة، المديرة الإقليمية للجنة حماية الصحفيين:”يُظهر فيديو اختطاف معمر إبراهيم – الذي صُوّر ونُشر كدعاية لقوات الدعم السريع – الانهيار التام للمساءلة في السودان. يمكن أن يُختطف الصحفيون وتُنشر معاناتهم للعالم، ومع ذلك لا يُتخذ أي إجراء.”
وأشارت اللجنة أيضًا إلى اتهامات موجهة إلى الجيش السوداني بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الغارات الجوية العشوائية، وطالبت لجنة حماية الصحفيين بحماية جميع الصحفيين في الفاشر والإفراج الفوري عن المعتقلين.


and then