أمستردام : 30 :أكتوبر 2025 : راديو دبنقا : ووكالات
عرفت مدينة الفاشر تحولا كبيرا في مسار الحرب السودانية بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها، وبرزت مخاوف جديدة من وقوع انتهاكات بحق المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية، بينما تتواصل المعارك في كردفان وتعيش الخرطوم هدوءا حذرا.

وشهد السودان منعطفا كبيرا في حربه المستمرة منذ أكثر من عامين، إذ تمكنت قوات الدعم السريع الأحد من السيطرة على مدينة الفاشر، ما منحها قبضة قوية على إقليم دارفور غرب البلاد، وتتركز الآن المواجهات في إقليم كردفان المجاور.

وأدى الصراع الذي اندلع منتصف أبريل 2023 بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” إلى رسم حدود نفوذ جديدة بين الطرفين داخل البلاد.

وباتت قوات الدعم السريع، عقب سيطرتها على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تهيمن على مناطق واسعة غرب السودان وجنوبه، بينما يحافظ الجيش على السيطرة بالشمال والشرق والأوسط، بما فيها الخرطوم.

وخلفت الحرب عشرات الآلاف من القتلى، وشردت ملايين السكان، وأدخلت نحو 25 مليون شخص في دائرة الجوع الحاد، ووصفت الأمم المتحدة هذه الأزمة بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.

وأثارت سيطرة الدعم السريع على الفاشر قلق محللين من إمكانية تقسيم السودان مجددا، واحتمال تكرار الفظائع التي وقعت بدارفور مطلع القرن الحالي.

فيما يلي أبرز التطورات الميدانية:

دارفور: حصار الفاشر الطويل

واجهت مدينة الفاشر حصارا استمر 18 شهرا تخلله قتال عنيف، وانتهى بسيطرة قوات الدعم السريع عليها الأحد. ومنذ ذلك الوقت، تزايدت الاتهامات بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، وسط تداول تقارير ميدانية وصور أقمار صناعية ولقطات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك قد نبه، الإثنين، إلى تصاعد خطر “الانتهاكات والفظائع ذات الدوافع الإتنية” بعد سقوط الفاشر بيد الدعم السريع.

وتتوالى التحذيرات من منظمات غير حكومية حول تعرض بعض المجموعات غير العربية، كقبيلة الزغاوة، لانتهاكات محتملة، تكرارا لما وقع لقبيلة المساليت في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور. وقدر خبراء الأمم المتحدة أن نحو 15 ألف شخص من المساليت قتلوا عام 2023 في مجازر نسبت للدعم السريع.

سيطرت قوات الدعم السريع، في أبريل 2025، على مخيم زمزم للاجئين قرب الفاشر بعد هجوم عنيف.

وأصبح المخيم، الذي بلغ عدد نازحيه 400 ألف حسب الأمم المتحدة، خاليا تماما وتحول إلى قاعدة لمقاتلين أجانب وفق إفادة مسؤول سابق بالمخيم.

وبنهاية سبتمبر، سيطرت الدعم السريع على مخيم أبو شوك شمال الفاشر، الذي كان يأوي 200 ألف نازح العام الماضي حسب متحدث باسم المخيم. بينما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى فرار معظم النازحين منه.

وأعلنت قوات الدعم السريع، من مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور الخاضعة لسيطرتها، عن تشكيل حكومة موازية لإدارة مناطق نفوذها.

ويتهم الجيش الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والطائرات المسيرة عبر مطار نيالا الذي استهدفه الجيش بغارات جوية، بينما تنفي أبوظبي هذه الاتهامات.

هجمات في كردفان

شهد إقليم كردفان المجاور لدارفور تصاعدا في حدة المعارك خلال الأشهر الأخيرة. وتضم ولايات هذا الإقليم مساحات شاسعة من جنوب السودان، وتحتوي على حقول نفط وأراض زراعية وطرق لتهريب الوقود.

وأعلنت قوات الدعم السريع في 25 أكتوبر السيطرة على مدينة بارا بشمال كردفان الواقعة على طريق استراتيجي يربط دارفور بالعاصمة الخرطوم.

وتحاصر الدعم السريع العاصمة الإقليمية الأبيض.

وفي جنوب كردفان، تفرض قوات الدعم السريع وحليفتها الحركة الشعبية لتحرير السودان حصارا على عاصمة الولاية كادوغلي ومدينة ديلينغ التي يقدر عدد سكانها بنحو نصف مليون نسمة.

استهدفت قوات الدعم السريع البنية التحتية النفطية، إذ قصفت محطة هيغليغ لتكرير النفط في أغسطس.

هدوء في الخرطوم

أطلق الجيش عملية عسكرية واسعة في مارس لطرد الدعم السريع من العاصمة، وفي مايو أعلن اكتمال “تطهير” ولاية الخرطوم بما في ذلك مدينتي أم درمان وبحري.

وباشرت الحكومة حملة لإعادة إعمار الخرطوم وترميم البنية التحتية بما فيها المستشفيات والمدارس وشبكات الاتصالات، وجاء ذلك كخطوة رمزية لدعم تقدم الجيش.

وانتهك هذا الهدوء بعد هجمات نفذتها الدعم السريع في أكتوبر طالت منشآت عسكرية ومدنية، كما شهدت العاصمة قصفا مدفعيا في شهور سابقة.

استهدفت قوات الدعم السريع مدينة بورتسودان على البحر الأحمر في مايو، ما ألحق أضرارا بالبنية التحتية في المدينة التي بقيت بمنأى عن الحرب حتى ذلك الوقت.

تعد بورتسودان مقرا مؤقتا للحكومة التابعة للجيش، وانتقلت إليها البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية.

وفي أغسطس، نفذت طائرات مسيرة أطلقتها قوات الدعم السريع هجوما على ولاية تمبول جنوب شرق الخرطوم. أما هذا الأسبوع، فقد استهدفت المسيرات ولاية النيل الأبيض (جنوبا)، وضربت قاعدة جوية ومستودعات وقود ومحطة كهرباء وموقعا عسكريا.

المصدر : فرانس24/ أ ف ب

Welcome

Install
×