كارثة ترسين.. اهتمام دولي واسع وسجال حول أعداد الضحايا

جبل مرة: 4 سبتمبر 2025:راديو دبنقا
قالت السلطة المدنية في مناطق سيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد إن المتطوعين في غرف الطوارئ وسكان المناطق المجاورة تمكنوا من انتشال 373 جثة من تحت الأنقاض، توفوا جراء الانزلاق الأرضي الذي حدث في منطقة ترسين بجبل مرة يوم الأحد الماضي.
وأوضح مجيب الرحمن الزبير رئيس السلطة الذي وصل إلى المنطقة في مقابلة مع راديو دبنقا أن عدد الوفيات جراء الكارثة بلغ 1573، مشيراً إلى أن بعض الضحايا جرفتهم السيول.

في المقابل قالت وزارة الصحة الاتحادية إن عدد الوفيات جراء الانزلاقات الأرضية في ترسين يبلغ شخصين، مشيرة إلى تحققها من هذه المعلومات من مصادر بالمنطقة وفي جنوب دارفور.
ولكن محمد عبد الرحمن الناير، الناطق باسم حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد، شن هجوماً عنيفاً على وزارة الصحة الاتحادية، معتبراً تصريحها “انحطاطاً أخلاقياً وقيمياً، وتسييساً لكارثة إنسانية هزّت ضمير العالم”.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إنه “لم يتم التحقق بعد من عدد القتلى، حيث إن هطول الأمطار الغزيرة المستمر والتضاريس الوعرة تجعل من الصعب للغاية الوصول إلى المجتمعات المتضررة”.
ونقل عن المنظمة الدولية للهجرة أن ما يقدر بنحو 150 شخصا نزحوا من تارسين وقرى مجاورة، حيث لجأت العائلات الآن إلى المجتمعات المجاورة.
وأشار إلى تحرك فرق من 12 منظمة غير حكومية محلية ودولية وأممية إلى المنطقة.
وأضاف دوجاريك أن مهمة تلك الفرق ركزت على التحقق من عدد الأشخاص المتضررين.
مقبرة جماعية
ونشرت السلطة المدنية مقاطع فيديو لمكان قالت إنه مقبرة جماعية للضحايا الذين تم انتشال جثثهم ودفنها. وقال مجيب الرحمن الزبير: “صلّينا صلاة الجنازة على الذين عثرنا على جثثهم، وأدّينا صلاة الغائب على من لم نعثر عليهم”. وأضاف أن مئات الجثث لا تزال مطمورة تحت الصخور والأتربة، فيما جرفت السيول جثثاً أخرى.

الوضع الحالي في منطقة ترسين
ويقول الزبير في مقابلة مع راديو دبنقا إن الانهيارات بدأت في 31 أغسطس ولا تزال مستمرة حتى اليوم، حيث تتساقط الصخور والأتربة من أعالي الجبال كل نصف ساعة تقريباً، مما يجعل المنطقة شديدة الخطورة ويعقّد جهود الإنقاذ. وأضاف: “الطرق المؤدية إلى المنطقة شُلّت تماماً، اضطررنا إلى السفر 14 ساعة عبر طرق وعرة للوصول إلى موقع الكارثة”. وأوضح أن الكارثة لم تقتصر على قرية ترسين وحدها، بل امتدت لتشمل أكثر من 88 قرية في المنطقة، مشيراً إلى أن حجم الانهيارات وطمر المنازل وصل إلى أعماق تتراوح بين 20 و30 متراً، وهو ما يفوق بكثير قدرات الأهالي والإمكانات المحلية. كما أكد أن الماشية والمحاصيل الزراعية تعرضت لخسائر جسيمة، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.
فرق إنقاذ محلية
المنطقة المنكوبة، المشهورة بزراعة الموالح، تقع وسط جبل مرة على ارتفاعات شاهقة، وتبعد بضعة كيلومترات عن مناطق سوني. إلا أن موقعها الجبلي وصعوبة الوصول إليها حالا دون وصول فرق إنقاذ مجهزة، مما اضطر الأهالي إلى الاعتماد على جهود محلية محدودة لانتشال الضحايا.
ووجّه الزبير نداءً عاجلاً للمنظمات الإنسانية الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، للتدخل السريع وتقديم المساعدات العاجلة، سواء عبر فرق إنقاذ متخصصة أو مساعدات غذائية وطبية وإيوائية، محذراً من أن استمرار الانهيارات وهطول الأمطار قد يفاقمان حجم الكارثة خلال الأيام المقبلة.
وتابع قائلاً: “نناشد العالم أن يتجاوز الخلافات السياسية ويضع حياة المدنيين في المقام الأول. أهل ترسين يعيشون مأساة حقيقية، وكل دقيقة تأخير قد تعني مزيداً من الأرواح المفقودة”. وقال إن حركة تحرير السودان اتخذت قراراً بترحيل هذه القرى وتجميعها في أماكن آمنة.
جهود انقاذ
كشفت وزارة الصحة الاتحادية عن وجود منظمات “أطباء بلا حدود” الهولندية، وIMC، وWR، وTGH في المنطقة.
من جانبها قالت منظمة رعاية الطفولة إن فريق الطوارئ التابع للمنظمة تمكن اليوم الخميس من الوصول إلى قرية ترسين بولاية دارفور، التي حاصرها انهيار أرضي وذلك بعد رحلة شاقة استمرت نحو ثماني ساعات على ظهور الحمير عبر تضاريس وعرة.
ونشر الفريق عيادات صحية متنقلة وقدّم الرعاية الطبية العاجلة، إلى جانب توزيع المستلزمات الطبية، ومعدات الوقاية الشخصية، ومياه الشرب النظيفة للأسر المتضررة.
وتُجرى حالياً عملية تقييم مشتركة بين الوكالات الإنسانية لتحديد الاحتياجات العاجلة وتوجيه الاستجابة المقبلة، فيما يستعد شركاء الأمم المتحدة لتوفير مزيد من الإمدادات. وتظل المجتمعات المحلية، التي كانت أول من بادر بالاستجابة، في صميم جهود الإغاثة والتعافي.



بعثة مشتركة
بدوره قال المتحدث باسم الأمم المتحدة استيفن دوجاريك إن العاملين في المجال الإنساني ينسقون الاستجابة للانهيار الأرضي المدمر الذي ضرب قرية ترسين في ولاية جنوب دارفور يوم الأحد الماضي بعد أيام من هطول أمطار غزيرة.
وأفاد بأنه في الوقت الذي يضع فيه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وشركاء الأمم المتحدة اللمسات النهائية على بعثة مشتركة بين الوكالات للاستجابة الطارئة والتقييم، توجهت فرق تضم ما يقرب من 12 منظمة غير حكومية محلية ودولية ووكالة أممية إلى الموقع. وبسبب وعورة الطرق، سافرت الفرق في جزء من الرحلة على ظهور الحمير.
وأضاف دوجاريك أن مهمة تلك الفرق ركزت على التحقق من عدد الأشخاص المتضررين، بالإضافة إلى تقييم الاحتياجات العاجلة والاستجابة لها، وأحضروا معهم إمدادات أساسية لما يصل إلى 750 شخصا، بما في ذلك مجموعات طبية ودعم غذائي وحصص غذائية ومواد غير غذائية وإمدادات أساسية أخرى.
الاستعداد لإرسال المزيد
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة إنه تم نشر عيادات صحية متنقلة وفرق طبية طارئة لتقديم الرعاية الفورية على الأرض. وأضاف أن الاستجابة تستهدف الناجين في ترسين والقرى المجاورة التي تأثرت بالكارثة.
وستوجه نتائج التقييم عملية توسيع نطاق المساعدة حيث تستعد وكالات الأمم المتحدة لإرسال مزيد من الإمدادات لتلبية الاحتياجات الإضافية.
وأوضح أن جهود الاستجابة تم التنسيق لها مع شركاء تمت تعبئتهم في قولو وسط دارفور، وطويلة شمال دارفور، مضيفا أن المجتمعات المحلية كانت أول المستجيبين وظلت محورية لأي جهد للمساعدة، بينما يعمل الشركاء في المجال الإنساني على استكمال أعمالهم وتقديم المساعدة المنقذة للحياة.