كادوقلي: هدوء حذر وتبادل اتهامات حول المتورطين في نهب السوق

محل تجاري في سوق كادوقلي بعد أعمال النهب الواسعة - 22 يوليو 2025- لقطة شاشة من الفضائية السودانية
كادوقلي 24 يوليو 2025 راديودبنقا
شهدت مدينة كادوقلي صباح اليوم هدوءاً حذراً، حيث سيطرت القوات المسلحة، في وقت تواصلت فيه عمليات النهب في سوق حي الدرجة الثالثة أمس الأربعاء.
ويأتي هذا الهدوء بعد أعمال نهب وفوضى استمرت يومي الثلاثاء والأربعاء أسفرت عن نهب السوق وإصابة أعداد من المواطنين
وقال شهود عيان لراديو دبنقا إن القوات المسلحة واصلت أمس إطلاق النار لتفريق المواطنين المتجمهرين في السوق حتى الساعة الخامسة مساءً. وأشاروا في الوقت نفسه إلى إيقاف أجهزة “استارلينك” في الأحياء، وكذلك في السوق.
وأشاروا إلى سقوط عدد كبير من الجرحى، من بينهم أطفال، جراء إطلاق النار على المواطنين أثناء نهب الأسواق. وأضافت مواطنة لراديو دبنقا: “رأيت ما لا يقل عن 6 نساء مصابات بطلقات نارية”، فيما أشارت مصادر إلى أنباء غير مؤكدة تفيد بسقوط قتلى.
وقال أحد المواطنين لراديو دبنقا إن الوضع بدا أكثر هدوءاً نسبياً اليوم مقارنة بيوم الثلاثاء، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة وسط الأهالي في ظل استمرار الانتشار الأمني. وأشار إلى سماعهم أصوات إطلاق نار صباح اليوم، دون أن تتضح خلفيات الحادث أو الجهات المسؤولة عنه. كما أشاروا إلى أن السلطات المحلية نشرت تعزيزات عسكرية مكثفة في مختلف أنحاء المدينة، لا سيما في محيط الأسواق والمؤسسات الحيوية.
وأكد شهود عيان لراديو دبنقا إخلاء الأسواق من المواطنين، ونُقلت بائعات الشاي إلى أطراف السوق قرب محطات الوقود.
الرواية الرسمية
لكن والي جنوب كردفان، محمد إبراهيم عبدالكريم، قال في تصريحات صحفية أمس، إن الأوضاع الأمنية بمدينة كادوقلي استقرت بعد الأحداث التي شهدها سوق المدينة يوم الثلاثاء، والمتمثلة في كسر ونهب بعض المحال التجارية على يد مجموعات متفلتة. وأضاف أنه بصدد إصدار قرارات حاسمة في مواجهة المتورطين، موجهًا الأجهزة الأمنية بالضرب بيدٍ من حديد ضد كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار المواطنين.
نهب واسع
وحول حجم الخسائر، قالت مواطنة من كادوقلي لراديو دبنقا إنه تم نهب السوق بالكامل من قبل مجموعات يُشتبه في انتمائها لميليشيات محلية. وتعرضت محلات الملابس، والصيدليات، والمكتبات، ومحلات الهواتف، وخلايا الطاقة الشمسية، وحتى المحلات الصغيرة مثل الطبليات والكناتين، للسلب والسرقة والتخريب.
وقال أحد الشهود: “حتى الموازين والطرابيز في الدكاكين شالوها. السوق فاضي بالكامل، ما خلوا حاجة”، في إشارة إلى حجم التخريب المنظم الذي طال البنية التجارية بالكامل، بما في ذلك دكاكين العدة والعطور والملابس.
وأشارت مواطنة إلى إنشاء أسواق لبيع المنهوبات في الأحياء الطرفية، تُباع فيها مختلف السلع بأسعار زهيدة.
لكن مدير شرطة الولاية، اللواء شرطة معتز أحمد محمد عبدالله كديرو، قال أمس إن السوق أصبح مؤمّناً بالكامل، مشيرًا إلى استرداد عدد من المنهوبات، ومؤكدًا استعدادهم التام للتعامل مع أي محاولات إجرامية، داعيًا المواطنين للتبليغ الفوري عن أي أنشطة مشبوهة.
من المسؤول؟
وقالت مصادر عديدة من الفاشر إن قوات “كافي طيار” و”مطوة”، اللتين تتحالفان مع الجيش، ضالعتان في عمليات كسر المحلات التجارية.
وقال شهود عيان لراديو دبنقا إن القوات النظامية لم تتمكن من احتواء الفوضى يومي الثلاثاء والأربعاء. وبحسب شهود، فإن بعض المسلحين الذين اقتحموا السوق كانوا يتبعون لقوات نظامية، أو يتحركون بتنسيق مباشر مع جهات شبه عسكرية، وهو ما يثير علامات استفهام حول انتمائهم الحقيقي.
وأشار شهود إلى أن “العساكر نفسهم كانوا بكسروا السوق وبالزخيرة”، مما يرجح فرضية أن الأحداث لم تكن مجرد أعمال نهب فردية، بل جزءاً من تحرك منظم تدعمه قوى لها ارتباطات رسمية.
في المقابل، قال والي الولاية، محمد إبراهيم عبدالكريم، في تصريحات صحفية أمس، إن الحادثة تقف خلفها متفلتون من خلايا تابعة للحركة الشعبية – شمال (جناح الحلو) وقوات الدعم السريع.
لكن شهود عيان أعربوا عن استغرابهم من اتهام الحركة الشعبية، وأضافوا: “كيف يمكن لقوات من الحركة الشعبية أن تدخل إلى المدينة وهي تحمل أسلحتها؟”.
تصريحات كافي طيار
من جهته، استنكر الأمير كافي طيار البدين، في تصريحات صحفية نشرتها وكالة السودان للأنباء، ما تعرض له السوق من نهب وتخريب، معتبراً أن ما حدث لا علاقة له بالمواطنين أو القوات النظامية، بل هو نتيجة لمخططات “الخلايا النائمة والطابور الخامس”. واختتم الأمير حديثه بالتأكيد على ضرورة تطبيق القانون الرادع بحق المتورطين، حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
وكان الأمير كافي طيار قد هدّد في مؤتمر صحفي بداية الأسبوع الجاري من العواقب الوخيمة لتخزين السلع.
خسائر بالأرواح
ورغم غياب حصيلة رسمية، فقد أُفيد بوقوع عشرات الجرحى، معظمهم من الذين شاركوا في أعمال النهب، ما دفعهم لتجنب المستشفيات خوفاً من الاعتقال. وشوهد بعض المصابين وهم يهربون من السوق رغم إصاباتهم بالرصاص، كما أُصيب عدد من الأطفال نتيجة الاشتباكات.
كما أبدى المواطنون تخوفهم من وقوع حالات تسمم غذائي نتيجة استهلاك مواد غذائية منتهية الصلاحية تم نهبها من المخازن دون رقابة أو فحص صحي.
ندرة السلع وغلاء الأسعار
عقب النهب، ارتفعت الأسعار بصورة جنونية نتيجة الندرة، حيث قفز سعر السكر إلى 24 ألف جنيه، واللحم إلى 25 ألفاً، في حين وصل سعر الذرة إلى 30 ألفاً. وبدأ المواطنون التوجه نحو الأسواق الطرفية مثل “البان جديد” و”حجر النار” لشراء احتياجاتهم الأساسية.
تعليق أممي
من جهته، كشف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي، أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أفاد بأن اشتباكات اندلعت يوم الثلاثاء في مدينة كادوقلي، وأن التقارير تشير إلى أن مسلحين حاولوا الاستيلاء على الغذاء من الأسواق الرئيسية.