الإقتصاد السوداني يسير نحو الكارثة : معدل النمو (-18) ، الناتج الاجمالي (151.1%) والانكماش (40%)

مؤتمر الأعمال السوداني من أجل السلام الذي بدأ اعماله بأديس أبابا يوم الثلاثاء 27 فبراير 2024 : تصوير راديو دبنقا

في اليوم الثاني لمؤتمر الأعمال السوداني لأجل السلام:

خبراء : ..القوات المسلحة والدعم السريع نشطا في التعدين غير التقليدي والتهريب والابتزاز..!!

أديس أبابا : الاربعاء ٢٨ فبراير ٢٠٢٤

راديو دبنقا –تقرير أشرف عبدالعزيز

رسمت ورشة أثر الحرب على الاقتصاد السوداني والتي جاءت في إطار مؤتمر الأعمال السوداني لأجل السلام بفندق (إسكاي لايت) بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا يوم الأربعاء ، رسمت أوضاع قاتمة للإقتصاد السوداني ووصفته بالمتجه نحو الكارثة الانهيار التام.

تراجع الإقتصاد:

وقال البروفيسور جعفر محمد: إن “مأساة الحرب تتضح في أوضاع الإقتصاد السوداني المتراجع بوتيرة متسارعة” ، وأضاف ..تراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى 151.1% ، وإنخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى ..(الدولار = 1200 جنيه )، أما معدل النمو الاقتصادي أصبح (-18) ، فيما بلغ العجز في الموازنة بحسب وزير المالية 80 % ، ووصل معدل البطالة إلى 47% ، وإزداد التضخم حسب تقارير صندوق النقد ووصل معدله إلى 256.7 % مقارنة بـ67% في العام 2021 ، كذلك إنخفضت المساحة المزروعة إلى 60% ، فيما بلغت نسبة الانكماش الاقتصادي 40%.

من جهته قال وزير الصناعة السابق مدني عباس مدني: إن “الحرب أثرت على الحماية الاقتصادية وأن الحكومة تعتمد على الاستدانة من النظام المصرفي لتمويل الحرب” ، وأضاف انخفاض الجنيه أمام الدولار يعود لزيادة الطلب الحكومي على النقد ، وأشار مدني إلى أن الطرف الثاني ممثلاً في الدعم السريع أيضاً لم يصرف على القوات وإنما حفزهم للقتال عن طريق النهب والسلب، وأثر ذلك على الاقتصاد سلباً.

الصناعة، التعدين، التعويضات وجبر الضرر:

في اليوم الثاني لمؤتمر الأعمال السوداني لأجل السلام أيضاً اجتمع قادة الأعمال من جميع أنحاء السودان لاستكشاف كيف يمكن للقطاع الخاص المساهمة في السلام الدائم والتنمية الاقتصادية.
الرئيس التنفيذي لـ(جلوبال سودان) معز صالح استضاف في ورشة تحت عنوان “آثار الحرب على القطاع الخاص: الصناعة، التعدين، والتعويضات وجبر الضرر”، كل من عبد المولى القدال الأمين العام لشعبة مصدري الذهب، أحمد السيد سكرتير الشباب بالإتحاد العام لأصحاب العمل وعضو اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير.

وناقش المشاركون من خلال الورشة عدد من التحديات التي تواجه اصحاب العمل في قطاعات الاقتصاد، والتعدين وبحثوا قضايا التعويضات وجبر الضرر، والفرص المتاحة والتحديات التي تواجه القطاع الخاص في اقتصاد ما بعد الحرب.

تنشيط قطاع التعدين:

قدم أحمد السيد عرضاً حول “تنشيط قطاع تعدين الذهب في السودان في فترة ما بعد الحرب” حيث ذكر من خلال استعراضه: “إن تنشيط قطاع تعدين الذهب في السودان يوفر طريقاً نحو الانتعاش الاقتصادي والازدهار في فترة ما بعد الحرب.، وأضاف من خلال اعتماد نهج شامل يشمل الإصلاحات القانونية، وتطوير البنية التحتية، والاستكشاف، وتنمية القدرات، وإشراك المجتمع، يمكن للسودان إطلاق العنان للطاقات الكاملة لموارده من الذهب التي يمكنها أن تحقق مصالح مواطنيه وتسهم في دفع الاقتصاد الوطني. كما أضاف السيد: “خلال الحرب، كان للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان تأثير كبير في قطاع تعدين الذهب، وفي الغالب انخرطت هذه القوات في أنشطة مثل التعدين غير القانوني والتهريب والابتزاز. وأدى تورطهم في هذه الأنشطة إلى قضايا عديدة مثل الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والتدهور البيئي في مناطق التعدين.

مشكلة السياسات الحكومية:

وعلق أحد المشاركين على ما طرح من منصة الورشة بأنه من خلال التقديم من الأستاذين واضح أن هنالك مشكلة أساسية تمثلت في أن السياسات الحكومية فاشلة طوال الفترة الماضية وإذا لم تعالج هذه المشكلة لن يتحسن الأداء على أي مستوى، سواء كان صناعي أو تجاري أو زراعي أو غيره.

تدمير البنية التحتية:

وقال ياسر شيخ الدين : “التدمير الذي حدث للبنية التحتية في فترة الحرب من كباري ومجاري صرف صحي وخطوط كهرباء وخطوط البترول وغيرها. لابد أن نضعه في اعتبارنا أثناء بحثنا عن المعالجات”.
وأضاف قطاع الانشاءات من القطاعات التي تأثرت بالحرب لكي نستعيد هذا القطاع نحتاج لمراجعات قانونية وتشريعات بنكية جديدة تمكن البنوك من الدخول في شراكات مع هذا القطاع.

800 ألف عامل:

فيما يخص الوضع الخاص بالعمال، ذكر أحد المشاركين أن قطاع التعدين يضم أكثر من 800 ألف عاملاً ، وأضاف يومياً نفقد ما بين 2-4 أشخاص بسبب الحوادث التي تحدث في مناطق التعدين. ولابد من وضع حلول للمشاكل التي تواجه العمال بسبب هذه التحديات.

مشاكل عديدة:

مجيباً على تعليقات المشاركين، عقب عبد المولى القدال قائلاً: “قبل الحرب كان هنالك مشاكل عديدة داخل اتحاد مصدري الذهب تمثلت في التدخلات التي يقوم بها الاتحاد في مشاكل لا تعنيه، واصحاب المصلحة أدرى بما يخدم مصالحهم وهم دائماً يعلمون جيداً ماهي احتياجاتهم ومشاكلهم.
عندما قامت الحرب لم يكن هنالك مجلس إدارة للاتحاد، أول خطوة في اتجاه الحل هو تشكيل مجلس إدارة للاتحاد ليشرف على وضع الخطط والبحث في الحلول المطروحة”.
وأضاف القدال في موضوع الصناعة ومشاكل القطاع التي نتجت عن الحرب الدائرة الآن هنالك شركات عديدة في القطاع الخاص قدمت مقترحات لفتح المجال لها لبدء انتاجها خارج السودان، فهي حريصة للحفاظ على علاماتها التجارية.
وقال : “لا بد أن يكون هنالك سياسات واضحة ومراجعة دقيقة للسياسات القديمة الخاطئة. إذا استطعنا تغيير السياسات سيرتفع الانتاج بصورة كبيرة قد يصل 6 مليون دولار شهرياً.”

التعدين وتنظيم المنتجين في جمعيات تعاونية


وأوضح النموذج الذي تم تقديمه خلال الورشة تقوم فكرته على خلق اطار تنظيمي للتعدين العشوائي وتنظيم المنتجين في جمعيات تعاونية تساهم في معالجة كثير من المشاكل التي تواجههم ويطرح على مؤسسات القطاع الخاص تخصيص نسبة 7% لصالح المسؤولية المجتمعية، تصرف على معالجة مشاكل الفئات الضعيفة وحل مشاكل التمويل للمشاريع التي تساهم في مواجهة مصاعب الحياة في تلك المناطق. بالإضافة إلى إنشاء صندوق ليعالج مشكلة الحوادث التي تحدث وسط المعدنين، وتخصيص 10% من عائدات الصندوق لإنشاء شركة تعمل على تحويل جزء من دخل المعدنين في مجالات أخرى كالزراعة والصناعات التحويلية وغيرها، مما يسهم في توفير مصادر دخل جديدة ومستدامة.

عائدات الذهب


وذكر هنالك عدم شفافية في نظام بورصة الذهب المتبع في السودان، هنالك معلومات كثيرة غير واضحة، مثلاً مسألة احتكار شركة محلية واحدة لاعتماد أوزان الذهب، وشركة المانية تحتكر اعتماد الموازين المختلف حولها.
وقال : إن تقليل نسبة الحكومة من عائدات الذهب سيساعد المنتجين في البيع بأسعار تنافسية ومجزية مما يقلل من الكميات التي يتم تهريبها خارج النظام الرسمي، مما يساعد في زيادة كمية الصادر مشيراً إلى أن الأدوات التي تستخدم في التعدين العشوائي بدائية جداً ويتم التعامل مع المخلفات بعشوائية، مما يؤثر سلباً على البيئة وقد يتسبب في كوارث بيئية وصحية لا يمكن معالجتها، وأضاف بالإضافة لاستخدام السيانيد والزئبق هناك خطر كبير يتهدد الحياة جراء التعدين العشوائي وهو نظام الطحن الجاف الذي يتبعه المعدنون في السودان، في نيجيريا مثلاً حصلت حادثة أدت لفقدان 700 روح بسبب اتباع طريقة الطحن الجاف، لأن الأحجار تحتوي على عناصر عديدة خلاف الذهب ولها آثار ضارة جداً على حياة الناس، لذلك منع في نيجيريا استخدام هذه الطريقة والاستعاضة عنها بنظام الطحن الرطب.

تدمير (٦٠٠) مصنع

وحسب الاحصائيات التقديرية المتاحة ذكر المشاركون في الورشة أن هنالك ما لا يقل عن 600 مصنع دمرت تدميراً كاملا، واكثر من 14 سوق دمرت، مشيرين إلى أن من المتفق حوله أن وقف الحرب واستدامة السلام مرتبطان بالإستقرار في فترة مابعد الحرب، وأن القطاع الخاص من أوائل القطاعات التي تؤثر بصورة كبيرة على عملية الاستقرار، وبالتالي يحتاج لضمانات عديدة وقوانين تنظيم جديدة لتخلق ثقة لدى اصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والتعدين وغيرها، وأضافوا اذا وقفت الحرب ولم نحقق استقرار للقطاع الخاص نضمن من خلاله عودته للنشاط من جديد لن تكون هناك فرصة لسلام مستدام وستعود الحروب للاشتعال من جديد.

دعم الوقود والتعدين

عادل شبيكة، رجل أعمال سوداني، قال: إن “موضوع التعدين الأهلي في السودان ظل لفترات طويلة مرتبط بسياسات دعم الوقود”، وحسب وجهة نظره يرى أن هذا القطاع يجب ان يتوقف تماماً نسبة للأضرار العديدة التي يسببها.
ويرى انه في المرحلة القادمة يجب التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، والتي يشترط توفر موادها الخام في السودان، كما أضاف أنه ليس هنالك أي جهة خارجية لها الاستعداد لتقديم مساعدات للسودانيين للنهوض من جديد، لذلك يرى أنه يجب الاعتماد على التمويل الذاتي بشكل كامل. كما يعتقد أنه حتى إذا وقفت الحرب وعادت نفس الوجوه بذات السياسات القديمة لن تكون هناك اي فوائد يمكن أن يجنيها أهل السودان.

المعركة بدأت منذ الاستقلال:

علق السيد صديق الصادق المهدي معقباً على ما تم طرحه خلال الورشة بأن المعركة منذ الاستقلال ظلت تدور بين القوى المدنية التي تحلم بالديمقراطية وتسعى لتحقيقها، وبين القوى المتسلطة، مؤكداً أن عودة النظام العسكري المتسلط غير مقبولة إطلاقاً، كما اضاف بأن السودان بحاجة للتعاون الدولي وأن الحكم المدني هو السبيل الوحيد لانجاح ذلك التعاون، مما يتيح للسودانيين الاستفادة من فرص التمويل الدولي. مشيراً إلى فرص التمويل التي اتيحت للسودانيين ابان الفترة الانتقالية تحت قيادة القوى المدنية مثل المشاريع التي قدمت من المجتمع الدولي لمعالجة مشاكل الطاقة البديلة في السودان.

قضية التنظيم ونساء الأعمال:

د. عمر سناري، طبيب ومتخصص بالصحة العامة، ومهتم بقضايا الاقتصاد، علق على قضية التنظيم، مشيراً إلى أنها من القضايا المهمة، قائلاً: “إن تكرار التجارب وإعادة الأخطاء مرتبط بمسألة التقييم” لافتاً إلى انه لابد أن يكون هنالك تصورات لواقع ما بعد الحرب.
سارة خليل، سيدة أعمال ورائدة في قطاع البنوك، قالت :”لا بد أن تتم معالجات في نظام البنك المركزي”، وتحديداً اشارت لمسألة تحسين الصيغ التمويلية في البنوك، واكدت على ضرورة دمج الأجيال الجديدة من الشباب والشابات في عملية الإدارة الاقتصادية للسودان، حيث عبرت عن ثقتها الكبيرة في قدرة الشباب على القيام بالكثير من الأدوار المهمة والمؤثرة. كما اشارت إلى ضرورة وضع سياسات وقوانين واضحة لنساء الأعمال.
وحول دور منصة نساء الأعمال تجاه النساء السودانيات بعد الحرب، قالت: إنهن في المنصة يدرسن كيفية تقديم المساعدات للنساء العاملات في مصر، حيث اجريت دراسات لمعرفة حجم وطبيعة الأعمال المتاحة ونوع المساعدة التي يحتجنها النساء، وسنبدأ في اجراء احصاءات في كمبالا واديس ابابا ومختلف الدول التي لجأن إليها النساء السودانيات.

الاعتماد الذاتي:

بشير نصر محمود، السودان بثرواته وامكانياته الطبيعية يمكن أن يغذي نفسه، لذلك يجب أن نركز على الاعتماد الذاتي، وطرح تساؤلاً حول البنود التي تصرف عليها أموال التصدير رغم ان الحرب مشتعلة والتصدير شغال؟ واضاف أن هنالك نماذج عديدة يمكن أن ندرسها لدول نهضت بعد أزمات أصعب من الأزمة السودانية التي نشهدها الآن، مثال لذلك اليابان عقب هيروشيما، وألمانيا عقب الحرب العالمية، كما يمكننا الاستفادة من التجربة الأثيوبية في اشراك كل فئات المجتمع في عملية تمويل بناء سد النهضة. كما أشار إلى أن تقديم الضمانات للمؤسسات الدولية يمكن أن تساعد في عملية توفير التمويل خصوصاً للمشاريع القومية، مشيراً إلى أن شركة أرامكو قامت بضمان مشروع الجزيرة، كل ما نحتاجه هو الإرادة الوطنية والعزيمة ووجود قيادات وطنية حقيقية.

فقدان استيعاب التحالفات:

أشار الصادق (البرلوم) إلى أن السودانيين يفتقدون لفهم واستيعاب مفهوم التحالفات، في العالم قامت تحالفات بين متناقضات أكبر واعمق من التناقضات الموجودة في السودان، مؤكداً أن الاختلافات الموجودة الآن بين السودانيين هي أقل من أن تؤثر على استقرار الدولة، ويمكن أن يتم تجاوزها اذا توفرت الارادة السياسية الراغبة في ذلك، نحن السودانيين “منفوخين ساي” ولم نقدم أي شئ يذكر للعالم من حولنا، فقد نجيد التفاخر والتباهي بأشياء لا نراها ولكن نسمعها من افواه السودانيين. مؤكداً على ضرورة أن نؤسس كسودانيين للأهداف العليا للدولة التي نختلف حولها.


القطاع الخاص:


سوزان حسن الحمر قالت: إن “القطاع الخاص بحاجة للاهتمام والتركيز على الأعمال الصغيرة وتطويرها”، ولا بد من ضبط تصدير الصمغ العربي خصوصاً في ظل استمرار الحرب الدائرة الآن في السودان، بالإضافة للاعتماد على الشباب في عمليات الإدارة خصوصاً وأن الشباب أثبتوا أنهم قادرين على ذلك.

في ختام الورشة قدم احمد السيد ملخصاً لما تم تداوله مؤكداً ما ذهب إليه اغلب المشاركين بأنه ليس هنالك جهة يمكن ان توفر تمويل، ولكن ليس أمامنا خيار غير اللجوء للتمويل الخارجي بالإضافة للاعتماد على دعمنا لبعضنا وذلك بخلق شبكات تواصل بين مختلف القطاعات ومراجعة نظام منح الضمانات لتوفير التمويل للقطاع الخاص.