مسجل تنظيمات العمل يعتبر نقابات الفئة غير شرعية وسط رفض واسع من الأجسام النقابية

إفطار في مقر نقابة الصحفيين السودانيية قبل ايام من اندلاع الحرب-ابريل 2023-مصدر الصورة:نقابة الصحفيين
أمستردام – 13 أغسطس 2025 – راديو دبنقا
في تطور جديد، دعت مسجل عام تنظيمات العمل، آمنة الصادق كبر، في بيان أمس، إلى عدم قيام أو تكوين أي تنظيمات بطرق غير قانونية، وذلك بعد أن أصدرت في نهاية مايو الماضي قرارًا بإنهاء الدورات الانتخابية لجميع التنظيمات، وتحويل مكاتبها التنفيذية إلى لجان تمهيدية بقرارات من المسجل العام.
وكانت عدد من النقابات، مثل نقابة الصحفيين، واللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، ونقابة الدراميين والمسرحيين، بجانب الأجسام النقابية المنضوية تحت تنسيقية المهنيين والنقابات، قد أعلنت رفضها لقرار تحويل المكاتب التنفيذية للنقابات التي جرى تكوينها قبل ثورة ديسمبر إلى لجان تمهيدية.
ووصفت المسجل العام إن التنظيمات التي ظهرت مؤخرًا في الساحة على أساس الفئة ب بأنها غير قانونية، و غير شرعية ولا يجوز التعامل معها لعدم الصفة، وذلك وفقًا لقانون نقابات العمال لسنة 2010 الذي يوضح أن النقابة واحدة في أي مؤسسة.
وأكدت المسجل العام لتنظيمات العمل أن القانون أقر في تكوين النقابات بنقابة المنشأة، ولم يقر بنقابة الفئة، وذلك استنادًا إلى القوانين الوطنية التي أشارت إليها الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان بشأن التكوين. وطالبت جميع الجهات ذات الصلة بالتعامل مع تنظيمات العمل الشرعية والقانونية والمعتمدة بشهادة رسمية من مسجل عام تنظيمات العمل.


رفض وانتقادات واسعة
أثار القرار انتقادات حادة من قبل تنسيقية المهنيين والنقابات وعدد من القيادات النقابية، التي اعتبرت الخطوة مخالفة صريحة للاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم (87)، التي صادق عليها السودان وأدخلت ضمن التشريعات الوطنية بموجب قانون 20 أكتوبر 2020.
وقالت التنسيقية إن المسجل تجاوز صلاحياته القانونية، إذ إن حل المكاتب التنفيذية أو تعيين لجان بديلة هو حق حصري للجمعيات العمومية أو الجهات القضائية المختصة، مشددة على أن التدخل الإداري في شؤون التنظيمات النقابية محظور بموجب القانونين الدولي والوطني.
وأضافت أن قانون تنظيمات العمل لسنة 2010، الذي استند عليه قرار مسجل تنظيمات العمل، مخالف في معظم نصوصه للاتفاقيات الدولية، مؤكدة أن تعديل القانون ومواءمته مع هذه الاتفاقيات من صميم مهام المسجل العام، لا إصدار قرارات وصفتها بأنها تعسفية وتزيد من حجم الخروقات.
اتهامات بإعادة التمكين
من جانبه، وصف القيادي النقابي محجوب كناري، في حديث لراديو دبنقا، الإعلان بأنه “مليء بالتناقضات”، واتهمه بالسعي لإعادة النقابات إلى سيطرة عناصر المؤتمر الوطني كما كان الحال قبل 2019، معتبرًا أن هذه القرارات تهدف لتحويل النقابات إلى أذرع تابعة للسلطة.
وأشار كناري إلى أن قرارات حل النقابات لا يمكن أن تصدر إداريًا أو سياسيًا، بل عبر أحكام قضائية أو وفق الدساتير الأساسية، مضيفًا أن منح الحكومة حق تكوين أو حل النقابات يتناقض مع التزامات السودان الدولية.
دعوات للتراجع والمواءمة مع القانون الدولي
طالبت الأطراف النقابية الغاضبة بإلغاء القرار رقم (9) لسنة 2025، ومواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلًا، إلى جانب محاسبة المسؤولين عن إصدار القرارات المخالفة.
وأكدت أن الشرعية النقابية تُستمد من الجمعيات العمومية لا من قرارات السلطة، وأن الحركة النقابية السودانية تمتلك إرثًا تاريخيًا في مقاومة التدخلات الإدارية والدفاع عن حق التنظيم الحر والمستقل.
دعوة لإلغاء قانون 2010
قال الخبير النقابي محمد علي خوجلي في مقابلة مع راديو دبنقا إن القرار الصادر باسم المسجل العام للتنظيمات، والذي يعتبر النقابات الفئوية غير شرعية، ويعلن انهاء الدورة للنقابات وتحويل قياداتها إلى لجان تمهيدية، يمثل قرارًا سياسيًا يتعارض مع القانون والمعايير الدولية.
وأوضح خوجلي أن المحكمة القومية العليا كانت قد أصدرت حكمًا في نوفمبر 2022، بعد انتهاء الدورة النقابية، وأن تنفيذ الحكم كان ممكنًا في حينه دون الحاجة لقرار وزارة العدل. وأضاف أن قانون 2010 لا يمنح المسجل سلطة إنهاء دورة نقابية، وإنما يقتصر هذا الحق على اتحاد العمال بالتشاور مع المسجل.
وأشار إلى أن وزارة العدل، رغم انضمام السودان إلى الاتفاقية الدولية رقم 87 في أكتوبر 2020، تجنبت تنفيذ بنودها، متمسكة بقانون 2010 الذي يمنح الحكومة سيطرة واسعة على تشكيل النقابات ويخالف المعايير الدولية. ولفت إلى أن لجنة الخبراء في منظمة العمل الدولية أوصت بتعديل هذا القانون منذ عام 2015، وأن الحكومة وافقت على التعديل في يناير 2020، لكن المسار توقف لأسباب سياسية.
وانتقد خوجلي تجاهل وزارة العدل لحقوق ملايين العمال في القطاعات الخاصة والموسمية والزراعية والبناء والأسواق، الذين حرموا من تكوين نقابات طوال أكثر من 30 عامًا. كما أشار إلى أن النقابات التي نشأت في فترة الانتقال، سواء الفئوية أو نقابات المنشآت، تعرضت لرفض تسجيلها لأسباب غير منصوص عليها في القانون أو اللوائح.
وأكد أن بعض النقابات قد تكون “غير قانونية” وفق قانون وزارة العدل، لكنها “شرعية” بالمعايير الدولية والاتفاقية 87. وختم خوجلي بالتشديد على أن الحل الوحيد هو إلغاء قانون 2010، والالتزام بالاتفاقية 87، وتأسيس النقابات وفق المعايير الدولية.