فوز غرف طوارئ السودان بجائزة مؤسسة رايت ليفيلهود السويدية

جنوب الحزام

مطبخ جماعي في جنوب الحزام بجنوب الخرطوم - غرفة طوارئ جنوب الحزام

أمستردام – 2 أكتوبر 2025م – راديو دبنقا

أعلنت مؤسسة “رايت ليفليهود” عن فوز “غرف الطوارئ” السودانية بجائزتها لعام 2025، والمعروفة أيضًا باسم “جائزة نوبل البديلة”.


وكانت “غرف الطوارئ” قد فازت قبل أسبوعين بجائزة رافتو النرويجية، كما جرى ترشيحها لجائزة نوبل.

جائزة رايت ليفيلهوود هي جائزة سنوية ت تهدف إلى تكريم الأفراد والمنظمات الذين يقدمون حلولاً عملية للمشاكل الملحة التي تواجه العالم، مثل حقوق الإنسان والتنمية المستدامة وحماية البيئة. تأسست الجائزة عام 1980 على يد رجل الأعمال الألماني جاكوب فون يكسكول، وتُمنح سنوياً في أوائل شهر ديسمبر. 

وتشمل قائمة الفائزين مؤسسات وأفراد من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك شخصيات عربية بارزة. وتبلغ قيمة الجائزة97.3 الف دولار.

اعتراف بدور محوري

واعتبر محمد جاد السيد، عضو غرف طوارئ بحري، في مقابلة مع “راديو دبنقا”، أن منح غرف الطوارئ الجائزة يمثل اعترافًا بدورها المحوري في التخفيف من آثار الأزمة الإنسانية التي يعيشها السودان، والتي توصف بأنها واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.

كما عدّ التكريم تكريمًا لكل السودانيين، ليس فقط للكيان نفسه، بل للمتطوعين على الأرض والعاملين في الإعلام والمناصرة، تقديرًا لجهودهم في إبراز الأزمة الإنسانية ومعالجتها من خلال التضامن المجتمعي.

وأوضح أن الجائزة تمنح عادة للأفراد والمؤسسات التي تقدم حلولًا عملية للتحديات العالمية. وقد جاء تكريم “غرف الطوارئ” تقديرًا لقدرتها على التنظيم والتضامن المجتمعي في أحلك الظروف، حيث نشأت كحراك شعبي بعد اندلاع الحرب، لتسد الفراغ المؤسسي الناجم عن انهيار الدولة وعجز المنظمات الدولية عن الوصول إلى المتضررين.

وأشار جاد السيد إلى أن غرف الطوارئ في السودان قدمت نموذجًا فعالًا في تمكين المجتمعات المحلية من تلبية احتياجاتها بنفسها، من خلال المطابخ الجماعية والسلال الغذائية والدعم النقدي، فضلًا عن حماية النساء والأطفال وإجلاء النازحين. كما ابتكرت شكلًا جديدًا من الحماية الاجتماعية يستند إلى الإرث السوداني في التكافل والتعاضد.

وأوضح أن “غرف الطوارئ” تميزت بقدرتها على الوصول إلى المناطق المحاصرة مثل الفاشر وكادوقلي والدلنج، في وقت عجز فيه المجتمع الدولي عن إيصال المساعدات إليها. واعتمدت المبادرة في بدايتها على الدعم الذاتي من الأفراد وتحويلات السودانيين في الخارج، مما عزز استدامتها رغم محدودية الموارد.

وأكد جاد السيد أن التجربة أسست لوعي جديد بأهمية التنظيم والعمل الطوعي كطريق نحو التعافي السريع بعد الحرب، بعيدًا عن الاعتماد المطوَّل على المساعدات الخارجية.
ودعا الأطراف المتحاربة إلى إقرار هدنة إنسانية عاجلة تسمح بإدخال الغذاء والدواء إلى المناطق المحاصرة، مشددًا على أن آلاف المدنيين يواجهون خطر الموت جوعًا بسبب الحصار.

تحديات تواجه عمل غرف الطوارئ

تواجه غرف الطوارئ المنتشرة في السودان العديد من التحديات والعوائق التي تعرقل قدرتها على تقديم الاستجابة الإنسانية، وفق ما أكده مسؤولو المبادرة.

وأكد محمد جاد السيد أن التمويل يمثل أكبر العقبات، إذ تحصل غرف الطوارئ على أقل من 1% من إجمالي الدعم الإنساني الموجَّه للسودان. وتفاقمت المشكلة بعد توقف المساعدات الأمريكية، ما أدى إلى ضغوط مالية كبيرة على المبادرة.

كما أشار إلى أن نظام المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة يحد من تمكين المجتمعات المحلية، ويفتقر إلى المشاركة الفعالة للسكان المحليين في إدارة الموارد وتحديد احتياجاتهم.

وأضاف أن سلامة المتطوعين تمثل تحديًا كبيرًا، إذ يتعرضون للمخاطر المباشرة والقصف غير المقصود، فضلًا عن الضغوط النفسية الناتجة عن استمرار العمل الإنساني لأكثر من عامين ونصف.

وتواجه المبادرة أيضًا ضعف التنسيق مع المجتمع الدولي والجهات الإقليمية، وصعوبات في الحركة والاتصالات بسبب اختلاف مناطق السيطرة وانقطاع الشبكات أو مراقبتها في بعض المناطق، مما يعوق التواصل والعمل الميداني.

وعلى الصعيد الداخلي، أوضح المسؤولون أن التحديات التنظيمية كانت كبيرة في البداية نظرًا لغياب الخبرة الإنسانية السابقة، لكن المتطوعين تمكنوا من تطوير التنظيم الذاتي وتبادل الخبرات، ما ساهم في تحسن الأداء المستمر.

وأشاروا إلى أن أبرز الاحتياجات التي تتطلب دعمًا خارجيًا تشمل التمويل، وتيسير الحركة، والتحديات التشغيلية الميدانية، لضمان استمرار عمل غرف الطوارئ وتقديم المساعدات للمحتاجين في مختلف المناطق.

دعوات لتعزيز قدرة غرف الطوارئ على الاستجابة الإنسانية

طالب محمد جاد السيد بضرورة اتخاذ تدخلات عاجلة لدعم عمل غرف الطوارئ الإنساني في مختلف مناطق السودان، مشددًا على أهمية تمكين المبادرة من تقديم المساعدات دون عوائق.

وأكد أن حرية الحركة والدعم من الحكومات والجهات المسيطرة يمثلان شرطًا أساسيًا، حيث يجب السماح لغرف الطوارئ بالتحرك بحرية لتلبية احتياجات السكان وتقديم المساعدات الضرورية، مع عدم عرقلة عملها وتوفير الدعم اللوجستي اللازم.

وأشار إلى أن السودانيين خارج مناطق النزاع المباشر مدعوون لدعم غرف الطوارئ والضغط على الأطراف المتحاربة للسماح لها بأداء مهامها الإنسانية.

كما شدد على ضرورة اعتراف المجتمعين الدولي والإقليمي بغرف الطوارئ كجهة فاعلة في المجال الإنساني، وتقديم الدعم المعنوي والمادي، بما في ذلك التمويل اللازم لتنفيذ أنشطتها، واعتبارها وسيلة فعالة لتعزيز وصول المساعدات وتأكيد حق المجتمعات في تلبية احتياجاتها ذاتيًا.

وطالب بتمويل أنشطة المجتمعات المحلية، والسماح لممثلي هذه المجتمعات بالمشاركة في المحافل الدولية والإقليمية للتعبير عن احتياجات السودانيين، إلى جانب الضغط على الأطراف العسكرية لضمان عدم التضييق على غرف الطوارئ والمنظمات المحلية الأخرى العاملة في المجال الإنساني.

وأكد أن هذه الإجراءات ضرورية لضمان استمرار عمل غرف الطوارئ وحماية المدنيين المتضررين في مناطق النزاع المختلفة.

مستقبل غرف الطوارئ في ظل استمرار الأزمة

أكد محمد جاد السيد على أهمية استمرار الجهود الإنسانية لغرف الطوارئ في مختلف مناطق السودان، مشددًا على ضرورة تعزيز التنسيق وإعادة التنظيم بما يتوافق مع خصوصية كل مرحلة وكل منطقة، وتطوير قدرات المتطوعين لتمكينهم من تلبية احتياجات المجتمعات بشكل أفضل.

وأشار إلى أن الربط بين المجهودات المحلية والمبادرات الدولية يمكن أن يحقق أثرًا متكاملًا ومستدامًا، حيث ستستمر هذه الغرف في لعب دور محوري في توفير الاحتياجات الإنسانية الطارئة ودعم تعافي المجتمعات حتى بعد توقف الحرب.

كما وجهت الغرف نداءً عاجلًا لإنقاذ مئات الأطفال والنساء المحاصرين في الفاشر وكادوقلي والدلنج، مؤكدة أنها تمكنت من توفير احتياجات إنسانية عاجلة، بما في ذلك أدوية للأطفال وتشغيل مطابخ جماعية لفترات طويلة رغم الحصار المفروض على هذه المدن.
وأكدت الغرف الأهمية القصوى لفك الحصار لضمان حياة آمنة للسكان، وتمكين وصول المساعدات أو السماح بخروج المدنيين عند الحاجة.

Welcome

Install
×