بيانات مجلس السلم والأمن الأفريقي ..ترحيب في بورتسودان ورفض في نيالا

أمستردام:5 أغسطس 2025:راديو دبنقا
أثار اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن السودان، الذي انعقد أمس الاثنين، ردود فعل سودانية واسعة وتفسيرات متباينة، كما أثار البيان الصادر عن المجلس الأسبوع الماضي بشأن تشكيل حكومة التأسيس ردود فعل مماثلة.
ووفقًا لأجندة الاجتماع، التي نُشرت على حساب مجلس السلم والأمن الأفريقي على منصة إكس أمس، فإن المجلس لم يناقش مسألة رفع تجميد مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد الأفريقي. وأكد أن عملية سياسية شاملة بقيادة سودانية هي وحدها القادرة على إنهاء الأزمة، مشددًا على أن المدنيين سيظلون الضحايا الرئيسيين في غيابها.
ورحب المجلس بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء، مؤكدًا التزام الاتحاد الأفريقي بسيادة السودان وسلامة أراضيه ووحدته. كما أدان تحركات ما وصفها بـ”القوات شبه العسكرية” – في إشارة إلى قوات الدعم السريع – إضافة إلى التدخلات الخارجية وما يُسمى بـ”الحكومة الموازية”.
تناقض في المواقف
وصف تحالف السودان التأسيسي بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي الصادر الأسبوع الماضي بأنه “غير دقيق ومتناقض”.
وانتقد د. علاء نقد، الناطق باسم التحالف، في مقابلة مع راديو دبنقا، بيانات المجلس وتصريحات بعض مسؤولي الاتحاد الأفريقي، معتبرًا أنها تتناقض مع مواثيق وعهود المنظمة الداعية إلى محاربة الدكتاتورية والانقلابات العسكرية.
وأشار نقد إلى تصريحات اعتبرها تفتقر إلى الحياد، مثل وصف الدعم السريع بالتمرد، والحديث عن ما وُصف بـ”انتصارات الجيش”.
ورفض التحالف وصفه بـ”حكومة موازية بقيادة قوات الدعم السريع شبه العسكرية”، مؤكدًا أنه تحالف “مدني شامل ومتعدد الأبعاد”. وأوضح أن شرعية الحكومة تنبع من “إرادة الشعب السوداني”، نافياً وجود نزعة انفصالية، ومشيرًا إلى أن تشكيل الحكومة شمل تمثيلًا لمختلف ولايات السودان وأقاليمه.
واتهم التحالف سلطات بورتسودان بحرمان سكان دارفور وكردفان من الخدمات الأساسية، بما في ذلك استخراج الجوازات. كما انتقد الاتحاد الأفريقي لـ”إضفاء الشرعية على الاستبداد والإفلات من العقاب” من خلال اعترافه بالمجلس العسكري الحالي، رغم فشله في إقامة انتقال مدني أو إنهاء الحرب. واتهم البيان النظام العسكري بـ”تسليح المدنيين”، و”حشد الميليشيات”، و”حرمان المعارضين من المساعدات”.
مطالب الحكومة
قالت وزارة الخارجية السودانية إن السفير الزين إبراهيم حسين، مندوب السودان الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، خاطب صباح أمس الاثنين الجلسة التشاورية غير الرسمية التي سبقت الجلسة الرسمية الخاصة بالسودان.
ودعا السفير الزين المجلس إلى رفع تعليق مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد الأفريقي بعد إعلان خارطة الطريق واستكمال تكوين الحكومة المدنية، استنادًا إلى مبادرة التضامن الأفريقي، بهدف مرافقة السودان لتحقيق السلام الشامل وإعادة الإعمار.
كما حثّ المجلس على الضغط على قوات الدعم السريع لفك حصار الفاشر، والانسحاب من المناطق المدنية، ووقف الانتهاكات ضد المدنيين في كردفان ودارفور، مجددًا الدعوة إلى استمرار إدانة تشكيل حكومة موازية وقطع الطريق أمامها بعودة السودان إلى الأسرة الأفريقية. ودعا كذلك إلى حث دول الجوار على عدم تسهيل عبور الدعم المقدم للمليشيات أو عناصرها عبر مطاراتها وأراضيها.
موقف يتوافق مع القوانين
قال عبد الباقي جبريل، الخبير في مجال حقوق الإنسان، إن موقف المجلس بعدم رفع تجميد مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد يتوافق مع قوانين الاتحاد الأفريقي. وأوضح في حديثه لراديو دبنقا أن رفع التعليق مشروط بوقف الحرب والعودة إلى مسار التحول المدني الديمقراطي.
وأشار إلى أن رفض إعلان حكومة التأسيس يأتي انسجامًا مع موقف الاتحاد الأفريقي الرافض لتقسيم الدول. وانتقد اقتصار دور الاتحاد على “المناشدات والتنديد” دون تعامل فاعل مع الأزمة الإنسانية، سواء عبر توصيل مواد الإغاثة أو حماية المدنيين.
روح جديدة
من جانبه، أشار السفير الشفيع محمد أحمد، في حديث لراديو دبنقا، إلى وجود روح جديدة وإيجابية داخل الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم والأمن، مؤكدًا أن المنظمة باتت أقرب إلى تحقيق أهدافها ومواثيقها الأصلية في الحفاظ على وحدة الدول وحل مشاكل القارة.
وتوقع أن يتجه الاتحاد نحو رفع تعليق مشاركة السودان قريبًا، مستشهدًا بترحيبه المستمر بحكومة كامل إدريس واعتراضه على تشكيل حكومة موازية، مما يصب – برأيه – في مصلحة وحدة السودان.
وأضاف أن هذه الخطوات تمثل “أكثر من 80% في الاتجاه الصحيح”، مؤكدًا أن المطلب الأساسي هو عملية سياسية بقيادة سودانية. لكنه أقر بأن حكومة كامل إدريس ستواجه مقاومة كبيرة.
وختم الشفيع بالقول إنه لا يتوقع عودة الأوضاع في السودان إلى ما كانت عليه قبل 25 أكتوبر 2021، معتبرًا أن البلاد تتجه نحو مرحلة جديدة من الحرية والديمقراطية.